-
الصباحية تفتقر إلى توفير الخدمات كالتشجير والتخضير وإنشاء أفرع الجامعات والمعاهد والنوادي الرياضية
-
على نواب المنطقة وأبنائها العمل على خدمة المنطقة وجعلها جاذبة لا طاردة من خلال المشروعات التنموية
حسين البريكان
نزلنا ضيوفا هذا الأسبوع على ديوانية الجهيم الكائنة في منطقة الصباحية قطعة 2 التي انتقل إليها أغلب أهالي منطقة الشعيبة بعد حادثة تسرب الغاز في أوائل السبعينيات والمنطقة كانت تحمل اسم المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ صباح السالم رحمه الله وهو الذي افتتحها. وتم بناء هذا الديوان ليجمع أبناء منطقة الشعيبة السابقين الذين ازدادوا عددا وانتشروا في كثير من المناطق وتم تحديد يوم للقاء أبناء المنطقة في الديوانية ويوم آخر خاص للنساء، حيث يتم تبادل الأحاديث الودية وسرد الذكريات الجميلة في منطقة الشعيبة والحياة البسيطة ولم يكن هناك اي شكل من اشكال التعصب او العنصرية وكما يقول المثل: «كلنا عيال قرية وكلنا يعرف خيه» وأوضحوا ان الشعيبة كانت تعتبر مكشات ومرباع للبدو الرحل ولأهل الديرة وكانوا يتعنون في الربيع بالشعيبة والمناطق المجاورة لها لجمال الطبيعة هناك وتوافر الصيد الكثير ولم يكن رواد المنطقة يسببون اي ضرر لنا او ازعاج، وشددوا على تواضع شيوخنا الكرام في ذلك الوقت وكرمهم وشجاعتهم وأبدوا انزعاجهم من بعض الطروحات التي تؤثر سلبا في العلاقة بين ابناء الوطن الواحد والتي تهدد الوحدة الوطنية وتعوق مسيرة التنمية الواجب ان تأخذ طريقها الى الأمام، وأكدوا على أهمية متابعة الجانب الاقتصادي وتحفيز رجال الأعمال والمستثمرين على اقامة المشروعات التنموية التي تعود بالنفع على الجميع، كما تحدثوا عن التلوث البيئي وآثاره السلبية والكثير من الموضوعات التي تطرق إليها رواد الديوانية، وفيما يلي التفاصيل:
في البداية تحدث احمد الجهيم قائلا ان اهل الصباحية قاطني قطعة 2 هم في السابق كانوا في منطقة الشعيبة مثل الصقر والحربان والجهيم والصلال والياقوت بالإضافة الى عوائل من المطران والعوازم واستقروا في جبله منطقة الشعيبة، ففي السبعينيات حدث تسرب غازي من مصنع البتروكيميكال فسبب اختناقات لأهل القرية فاتخذ قرار سياسي بأن هذه المنطقة غير صالحة للسكن، وفي ذلك الوقت كانت منطقة الصباحية مجهزة ومخططة ومنفذة طرقها وخدماتها على نظام الدخل المحدود فقاموا باستثناء قطعة 2 التي أصبحت على نظام قسائم فلجأت أغلب العوائل الى قطعة 2 من منطقة الصباحية كما ان هناك عددا ذهب للسكن في المناطق الداخلية، فأنا شخصيا لم اسكن الصباحية كنت في الشعيبة ثم ذهبت للدراسة في اواخر الخمسينيات في الشويخ ثم ذهبت إلى أميركا ثم عدت في الوقت الذي توزع فيها منطقة الصباحية فقمت بتصميم بيت والدي وذهبت للسكن في ضاحية عبدالله السالم، فأنا اتردد على الصباحية بين الفينة والأخرى لملاقاة زملائي أهالي الشعيبة وتبادل الذكريات الجميلة في تلك المنطقة، ومع مرور الوقت وبعد سكني عن اهلي ومشاغلي الكثيرة والعائلة تزداد والحمد لله بين الحين والآخر وتوزع افراد العائلة فقررنا انشاء هذه الديوانية لجمع افراد العائلة، الرجال في ديوانية والنساء والأطفال في ديوانية، فهذه الفكرة كانت ناجحة وموفقة تلمنا وتعرفنا على البعض وان شاء الله تكون خطوة تجمع اصحابنا اهالي الشعيبة الذين افترقنا عنهم مدة طويلة والآن تجمعنا، الديوانيات في السابق كانت جميلة وبسيطة عبارة عن غرفة وجلسة ارضية، فنحن عندما كنا اطفالا نذهب إلى الديوانيات ونسمع قصصهم وأعمالهم وانتقالهم من مكان إلى آخر سواء كان في البحر أو البر، أما الآن فالديوانيات مدتها قصيرة فهي يوم واحد في الأسبوع لكن الأساس لم يختلف لكن الطريقة والأسلوب اختلفا.
ففي السابق كنا اذا اردنا الذهاب للمقاهي الشعبية نختبئ من الناس لأنهم اذا شاهدونا في هذه المقاهي نأكل يعتقدون أن هناك خلافا اسريا في العائلة، فكلنا اهل منطقة واحدة ومتفهمون لأوضاع الآخرين، فلم يكن الأكل خارج المنزل طبيعة متعارف عليها. فالديوانيات كانت في السابق متواجدة في كل فريج وتقدم خدمة كبيرة للمجتمع والإنسان عندما يتردد عليها يشعر بأن الناس تراقبه وتحاسبه بأنه يجب ان يكون شخصا مستقيما ومتزنا.
وفيما يخص الأمور والنشاطات الاقتصادية وطريقة معالجتها أوضح الجهيم ان نظام b.o.t قد بدأ منذ فترة طويلة وهناك مشاريع مهمة وحيوية تم تنفيذها وكانت متميزة مثل سوق شرق والمارينا مول وسوق السالمية واسواق كبيرة.
وهناك دراسة قدمتها للجهات المختصة بأن يكون طرح المشروعات من خلال شركات مساهمة وتعطى فقط قيمة الدراسة 10% ونسبة 10% من المشروع مخفض التكلفة مع الناس الآخرين فهذه غير مغرية ومحفزة ومشجعة ايضا للمستثمر الكويتي لكي يبني وينهض ببلده، فنحن نعمل ثلاث إلى اربع دراسات لكي نصل الى الدراسة المطلوبة فنحن كم صرفنا لكي نصل الى الدراسة وهذه الدراسة من المفترض ان تنفذ ولكن الملاحظ انه لا يتم تنفيذها وبعدها تعطى الدراسة لشخص يستثمرها ويعطيك 10%، فمن المفترض اعطاء مغريات كبيرة وكثيرة وتشجيع الناس على المشاركة وعندما تزايد الاقبال واصبحت الدولة قادرة على تحصيل عائد اكبر وضعت الحكومة شروطا، فالناس في الكلام العامي: «كعت» أين قانون b.o.t الذي ينتظر من مجلس الأمة؟ فهذا القانون تحت المجهر، واصحاب القرار يرون ان المستثمر يأخذ فوق حقه رغم ان المستثمر كل ما يفعله بغض النظر عن الجانب الاقتصادي الا انه يصب في مصلحة الوطن والمواطن في الاخير، في النهاية اذا نجحت التجارة والصناعة والهندسة نجح البلد ككل.
وبدوره، اكد وليد المهدي ان منطقة الصباحية فيها الكم الكبير من المثقفين واغلب نوابها اصبحوا وزراء، لكن المنطقة تعاني من عدم وجود توجه تنظيمي وحكومي وبالطبع افتتح هذه المنطقة سمو امير البلاد الراحل الشيخ صباح السالم وسميت المنطقة باسمه وهي كانت من أوائل المناطق النموذجية في المنطقة، المشكلة في هذه المنطقة او المجاورة تفتقد ثلاثة انواع من التنظيم النوع الأول هو نزوح عدد كبير من الشباب الموجودين في الصباحية الى المناطق الداخلية والقرب منها ففي هذه المنطقة لدينا نواب مؤثرون في المجلس لكن للأسف يؤخذ علينا اننا ابناء مناطق خارجية ولا يوجد من يفكر في تنظيم هذه المنطقة من خلال التشجير والتخضير، وشدد المهدي على ضرورة تواجد الجانب الأمني في المنطقة فبدأ الغياب الامني يرعب اهالي المنطقة في ظل الاستهتار والتهور الذي يسبب ازعاجا وخطرا على الناس في مثل هذه المنطقة النموذجية وهناك الاهتمام بالجانب التعليمي في المنطقة فلا يوجد لدينا جامعات ولا معاهد لكي يدرس ابناؤنا فيها وهذا يجعلنا نتجشم عناء طويلا الداخلية في وسط الازدحام المروري لكي نعلم ابناءنا ففي الجانب الاجتماعي يختلف اختلافا كبيرا عن المناطق الداخلية ففي الداخل لا يوجد تعدد النساء بكثرة ولا يوجد 9 ابناء للزوجين على سبيل المثال فهذه تعتبر كعملية خنق كمية كبيرة ممن هم تحت 20 سنة وهم في الحاجة الى خلق اجواء تلهيهم بما هو مفيد مثل نواد وهيئات رياضية وغيرها مما يجعلهم لا يذهبون للتفحيط والمخدرات.
تفكير خاطئ
فهناك مشكلة نعانيها، عندما ذهبنا الى المناطق الداخلية كوننا من اوائل الناس الذين ذهبوا هناك، كانوا يعتقدون اننا كوننا اتينا من المناطق الخارجية لا نفهم وهذا تفكير خاطئ فقد كان قبل منطقة الصباحية مثل الشعيبة وابوحليفة والفنطاس هذه المناطق الخارجية على نظام قرى وكل اهل الداخل موجودون وكان يوجد بادية وحاضرة ومتداخلة تداخلا كليا في العمل، والآن للاسف ننفصل ففي ايام الشعيبة كانت الروابط الاجتماعية قوية بين الناس وميزة مهمة لهم، فكانوا متكاتفين، والدليل على استمرار ذلك وجودنا في هذه الديوانية التي تلم شمل جميع ابناء الشعيبة.
دور النواب
وألوم نواب مجلس الامة على عدم طرح مثل هذه القضايا فلماذا مناطقنا مناطق طاردة وليست جاذبة، لماذا اذا ازدادت ثروة احد ابناء هذه المنطقة ذهب الى المناطق الداخلية؟ على الرغم من وجود اماكن جميلة في المنطقة، فنحن بحاجة الى من يطرح مثل هذا الفكر فيوجد لدينا مفكرون ومهندسون واطباء قادرون على تحمل المسؤولية، وانا آمل من اهل المنطقة الذين لديهم مناصب في الدولة او في القطاع الخاص ان يجتمعوا ويقرروا تطوير المنطقة وتوفير افضل الخدمات لها.
فأنا كنت ومازلت اعاني من اعتقاد البعض ان كل من يسكن المناطق الخارجية همج وهذا غير صحيح فلكل منطقة عاداتها وتقاليدها ونحن نفتخر بأن ابناءنا يتحلون بصفات الرجولة، كما ان الخلط بين التطور الحضاري وبين اصولنا وتقاليدنا يلعب دورا كبيرا في عملية تكوين شخصية الفرد وانا اعتقد ان هذه المناطق لها ثقل لوجود النفط فيها واهلها معروفون منذ مئات السنين ولم تأتها عملية التجنيس او النزوح فإذا قلنا انهم من اهل البادية صحيح لكن اصبح لهم سنوات عدة واصبحوا «غريب دار» فالبدوي هو الذي يعيش بصحراء ولا يوجد من هو في الصحراء الآن، فنحن بحاجة الى فكر يجمع بين الحاضر والماضي والتقاليد المعروفة وان تقارع الحجة بالحجة فإذا كانت في المناطق الداخلية خبرات وكفاءات ففي المناطق الخارجية كذلك خبرات وكفاءات وبشهادة الجميع وهم اناس معروفون.
منطقة زراعية
ومن جهته اوضح سلمان الصقر ان معيشة اهل الشعيبة كانت في السابق على الزراعة فكانت المنطقة مليئة بالمزارع وينبت فيها كل شيء وجميع انواع الخضار التي تستوردها الحكومة من الخارج حاليا فإننا كنا نمشي بالشارع نشم رائحة الخضار والفواكه. ومنطقة الشعيبة برية بحرية فكان في السابق جميع البوادي تورد في الشعيبة، وكان جميع اهل الكويت يأتوننا في الربيع يقضون الربيع في منطقة الشعيبة لما تحمله من طبيعة خلابة من خلال اشجارها الكثيرة والكبيرة وجمال الطبيعة، وتابع الصقر ان البر في السابق افضل بكثير من الحالي فلم يكن في السابق تلوث في البيئة ولم تكن هناك سيارات والحراثات هي التي شوهت البيئة وجعلتها تتغير ولم تنشأ فيها الاشجار الطيبة والتي اصبحت لدينا الآن غريبة، فكان الفقع في كل مكان لدرجة اننا اذا اردنا بناء خيمة نجده عند أطناب الخيام، وتابع الصقر معتبرا الجمال في السابق بمثابة السيارات للتنقل من مكان الى آخر فبيت تجد فيه جمل وبيت جملين وهكذا، وكان اكبر تاجر في المنطقة في ذاك الوقت مبارك الجري رحمه الله.
وكان ديكسون وزوجته يأت بسيارتهما ويركنانها بالاحمدي ويأتياننا في الشعيبة ويدخلان بيوتنا ومزارعنا وزوجته عندما كانت تتجول على البيوت تربط فرسها على الباب وتدخل عند النساء في ذاك الوقت وتتبادل الكلام عن الجزيرة العربية وكانا محبوبين لدى اهل المنطقة ولهما قدر خاص، وكان ديكسون اذا ذهب الى البر من اولوياته انه لا يترك بيت شعر الا ان يأتيه وكان معه مسجل ويصور ويحفظ القصيد ومؤرخ واحبه اهل المنطقة لحبه لهم.
كرم وتواضع
وقال راشد الهاجري ان الطبيعة السابقة في منطقة الشعيبة من اروع المناطق فكانت اشجارها طيبة وكبيرة ونحن نخاف التجول فيها في الليل لضخامة الاشجار وكانت الماشية تضيع وتختفي لضخامة النباتات وكل النباتات تكون موجودة، وكان شيوخنا كرماء ومتواضعين في ذلك الوقت فكان الشيخ صباح الناصر يحمي منطقة العريفجان وعندما اردنا استئذانه لدخولها ابتهل بالفرح واكرمنا من حلاله وادخلنا في المحمية فكان شيخا شجاعا وكريما.
حياة بسيطة
واخيرا تحدث حامد الحربان الذي كان جده نوخذة في ذلك الوقت حسين الحربان صاحب مركب الشوعي قائلا ان الحياة في الشعيبة جميلة وبسيطة والناس كلهم يعرفون بعضهم بعضا فكنت أذهب مع جدي وابي وعدد من النواخذة الى البحر للغوص في الجليعة والزور ونصل الى الخيران وفي بعض الاحيان نصل الى البحرين عن طريق المحامل الكبار، وتابع الحربان الديوانيات تسمى بشبات مثل فلان شبة العصر والآخر في الظهر اي جلسة في الديوانية العصر او الظهر، وكنا نجتمع ونتناقش في امور البر والبحر، والدراسة في منطقة الشعيبة كنا ندرس الابتدائي والمتوسط في الشعيبة لكن الثانوي انتقلنا الى الفحيحيل وكان اهلنا جادين في الاهتمام بنا في الدراسة لكن ليس مثل الآن وكانت افكارنا وحياتنا فطرية.