محمد راتب
بعد اتساع رقعتها وتعاظم أعمالها وأنشطتها، باتت الحركة التعاونية بحاجة ماسة إلى أن تكون تحت مظلة هيئة حكومية منظمة تواكب حركة تطورها المتسارعة، وتحاكي تطلعات المجتمع بعدما أصبحت تضطلع بمسؤوليات جسام تجاه المجتمع ككل والمستهلكين بصفة خاصة.
وفي هذا الإطار عقد عدد من رواد العمل التعاوني في الكويت مؤتمرا صحافيا في مبنى إدارة جمعية حطين التعاونية، لمناقشة ضرورة إنشاء هيئة عامة للتعاون لتخفيف الأعباء عن وزارة الشؤون وللارتقاء بمستوى العمل التعاوني وتطويره، مؤكدين ان وجود هيئة عامة للتعاون سيكون بمثابة طوق النجاة للتاجر، لأنه سيتعامل مع جهة منظمة ومحددة المعالم والقوانين، مشيرا إلى ان الهيئة ستشمل ممثلين عن وزارات الشؤون والبلدية والمالية وإدارة أملاك الدولة وعدد من مجالس إدارات الجمعيات التعاونية على ان يتم إنشاء قسم خاص في المعاهد التطبيقية لتخريج الكوادر الوطنية المؤهلة علميا والمدربة على تنفيذ العمل في القطاع التعاوني.
وشدد التعاونيون على أهمية دور الجمعيات التعاونية في توفير السلع والخدمات بسعر مناسب وحفظ توازن الأسعار في الأسواق خاصة في ظل المتغيرات الاقتصادية التي يشهدها العالم من جشع وسيطرة بعض التجار وظاهرة الاحتكار التي تلحق الضرر بمصالح أصحاب الدخل المحدود، ما جعل هناك حاجة ماسة الآن إلى تنظيم عمل الجمعيات التعاونية أكثر من ذي قبل، لأنها صمام الأمان لمنع رفع الأسعار والقضاء على آفة الاحتكار.
وقال التعاونيون: إنه مما لاشك فيه ان الحركة التعاونية الكويتية تعتبر تجسيدا للديموقراطية، لأنها تعتمد على قيام المواطنين بتحقيق غاياتهم الاقتصادية والاجتماعية وقد أصبحت من أهم المعالم الاقتصادية في الكويت خاصة أنها تستحوذ على نسبة 70% من تجارة التجزئة.
إدراج هيئة التعاون في خطة التنمية
في البداية طالب رئيس جمعية حطين التعاونية عبدالعزيز السمحان المسؤولين وعلى رأسهم نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية ووزير الدولة لشؤون التنمية ووزير الدولة لشؤون الإسكان الشيخ احمد الفهد بإدراج القطاع التعاوني ضمن خطة التنمية باعتباره القطاع الاقتصادي الثالث بعد القطاعين الحكومي والخاص.
ودعا السمحان المسؤولين إلى ضرورة الاستجابة لطلبات التعاونيين لإنشاء الهيئة العامة للتعاون لإحداث نقلة نوعية للتعاونيات، خصوصا ان إدارة التعاون في وزارة الشؤون أصبحت غير قادرة على تلبية احتياجات الجمعيات التعاونية بسبب كبر حجم العمل الذي فاق كل الحدود لتزايد أعداد الجمعيات وفروعها ومستثمريها.
واشار الى ان الحركة الرياضية تعمل الآن وفق مرسوم بقانون رقم 42 لسنة 1978 وهي تهدف إلى توفير الخدمات الرياضية دون السعي إلى تحقيق مكاسب مادية لخدمة المجتمع الكويتي، خصوصا ان الأندية الرياضية تقدر بـ 21 ناديا رياضيا إضافة إلى 15 اتحادا رياضيا، مشيرا إلى انه من باب أولى ان يكون للجمعيات التعاونية هيئة مستقلة على غرار هيئة الشباب والرياضة للارتقاء بالمستوى التعاوني بالكويت خصوصا بعد ان تطورت واتسعت الحركة التعاونية لتضم 55 جمعية لتقديم أعلى المستويات من الخدمة من حيث التسويق وتوفير متعة التسوق للمستهلك، إضافة إلى الخدمات الاجتماعية التي تقدم للمساهمين وللمناطق كافة.
وأضاف ان فكرة إنشاء الهيئة العامة للتعاون جاء من منطلق حاجة التعاونيات إلى جرعة جديدة من الفكر السليم والمبدع لتحقيق النجاح المتميز على جميع المستويات، مؤكدا ان فكرة الهيئة مخالفة تماما لفكرة اتحاد الجمعيات التعاونية الذي وان كان يؤدي دورا مشهودا له بالجهد إلا انه يظل بعيدا كل البعد عن فكر وفلسفة الهيئة العامة للتعاون، مشيرا إلى انه آن الأوان لإيجاد أرضية جديدة للفكر التعاوني وبلورته بطابع جديد لخدمة المجتمع والحكومة تحت مظلة الهيئة لنقل هذا العمل المشترك إلى مراحل متطورة أخرى.
إشراف حكومي
وحول الأسس التي سترتكز عليها الهيئة العامة للتعاون قال السمحان ان الهيئة ستكون تحت إشراف الحكومة لإضفاء الشرعية القانونية المطلوبة أما الناحية المالية فان الهيئة ستكون لديها القدرة على عملية التمويل الذاتي للتدقيق على الميزانيات العامة للجمعيات التعاونية أو الاتحاد المعلن عنه، مشيرا الى أهمية مساهمة الحكومة بجزء بسيط في ميزانية الهيئة لتثبيت هيمنة الدولة عن طريق إخضاع الحسابات لرقابة ديوان المحاسبة وفي الوقت نفسه ستقوم الهيئة التعاونية باستقطاب أعداد كبيرة من العمالة الكويتية للعمل في الجمعيات التعاونية أو في مناصب الهيئة بالتعيين المباشر أو من خلال التعيين غير المباشر بإلحاق هذه الكوادر ببرامج الأعمال الوطنية الذي لن يرى النور إلا عن طريق الجمعيات التعاونية.
ورأى ان الهيئة العامة للتعاون ستكون حالة وسطية بين الحكومة والقطاع الخاص، لأنها تهدف إلى الربح بصورة واضحة حسب قانون التعاون لتتمكن من بناء مراكزها المالية وتقوية إيراداتها باستمرار كما انها تهتم بالأنشطة الاجتماعية التي تقدم للمساهمين لتوحيد صفوفهم ولتحقيق مبدأ نشر الوعي التعاوني بين أفراد المجتمع ولإذابة الفوارق والضغينة أيضا.
سد احتياجات الجمعيات
ومن جانبه رأى رئيس مجلس إدارة جمعية الدسمة وبنيد القار التعاونية محمد عاشور انه لم يتوقع ان احدا من التعاونيين سيعارض إنشاء الهيئة العامة للتعاون، خصوصا ان إدارة التعاون في وزارة الشؤون أصبحت غير قادرة على سد احتياجات الجمعيات التي تزداد يوما بعد يوم مع محدودية العاملين في الإدارة مقترحا ضرورة ان يتجمع التعاونيون في لقاء مع رئيس وأعضاء اللجنة الصحية في مجلس الأمة بعد إعداد مذكرة إيضاحية لدمجها مع قانون التعاون ليتم عرضها على المجلس في الجلسات القادمة.
وطالب عاشور وزير الشؤون الاجتماعية والعمل بضرورة فصل إدارة التعاون لإنشاء هيئة خاصة للعمل التعاوني على غرار فصل قطاع العمل عن الوزارة، موضحا ان هيئة التعاون المطالب بإنشائها ستضم في مجلس إدارتها كلا من الوكلاء المساعدين في وزارتي التجارة والشؤون والبلدية وأملاك الدولة ووزارة المالية وعدد من مجالس إدارات الجمعيات المنتخبة من أصحاب الخبرة والسمعة الطيبة.
تفاول بعد طرح المشروع على المجلس
وقال رئيس جمعية الروضة التعاونية علي الانبعي ان فكرة إنشاء هيئة تعاونية جاءت لتكون على نفس مستوى هيئة الشباب وهيئة العمل، خصوصا ان الدولة مهتمة بالقطاع التعاوني لأنه يخدم اكبر شريحة من المواطنين والوافدين لهذا قامت الدولة بتخصيص الأراضي لبناء الجمعيات التي أصبحت ملازمة لكل بيت.
ولفت الانبعي الى ان تواجد هيئة للتعاونيات لن يتعارض مع مصالح أي جهة ولكنها وجدت لتخفيف الأعباء عن إدارة التعاون في وزارة الشؤون ولسرعة انجاز معاملات الجمعيات التعاونية، إضافة إلى إيجاد العديد من المناصب وفرص العمل لعدد من الكويتيين.
وأضاف أن الوقت حان لإنشاء هيئة للتعاونيات في ظل توجه الدولة نحو الخصخصة لإدارة العمل التعاوني بشكل جيد ومتميز وتحت رقابة وإشراف الحكومة، مؤكدا أن إنشاء الهيئة لن يتعارض مع وجود اتحاد الجمعيات التعاونية سواء كان معينا أو منتخبا بل على العكس سيكون هناك تجديد وتطوير للعمل التعاوني لتنمية موارده المالية والعملية، كما رأى أن من مصلحة التعاونيين إنشاء هيئة مستقلة ذات اتصال مباشر بالجهات الحكومية الأخرى لتخليص معاملات الجمعيات لأنهم من أصحاب الاختصاص.
وكشف الانبعي عن تفاؤل التعاونيين بعد أن تم طرح مشروع إنشاء الهيئة على بعض نواب مجلس الأمة وبعض المسؤولين في وزارة الشؤون واتحاد الجمعيات نظرا لعدم الاعتراض على فكرة الهيئة، مشيرا إلى أهمية قيام بعض التعاونيين بوضع صياغة مسودة لمقترح مشروع إنشاء الهيئة العامة للتعاون بعد استكمال الأطراف المعنية بالتعاون.
طوق نجاة
واعتبر الأنبعي أن وجود هيئة للتعاون سيكون بمثابة طوق النجاة للتاجر لأنه سيتعامل مع جهة منظمة ومحددة المعالم والقوانين كما ستكون الهيئة بوابة جديدة لفتح المجال للقيام باستثمارات وأعمال جديدة يحتاج إليها الموطن كذلك، ستقوم بحل المشاكل المتعلقة بين الشركات والجمعيات مع تبسيط العمل وتسهيله لكل الأطراف.
قانون التعاون يختصر الوقت
وفي الوقت ذاته اقترح عضو مجلس إدارة جمعية اليرموك التعاونية عبدالعزيز المنيفي بضرورة الاستعجال لإلحاق مشروع إنشاء الهيئة ضمن مشروع قانون التعاون الذي سيتم عرضه وتداوله بين نواب مجلس الأمة خلال الأسابيع المقبلة وذلك لكسب الوقت، خصوصا أنه لا يتضارب مع قانون التعاون.
وطالب المنيفي التعاونيين بضرورة التعاون لدعم مشروع إنشاء الهيئة العامة للتعاون ليكون النواب داعمين للمشروع لإحداث نقلة نوعية للقطاع التعاوني ولتوسعه بشكل أفضل مما عليه الآن، ولإحكام المراقبة على العمل التعاوني.
ومن جانبه أشاد الخبير التعاوني ورئيس جمعية مشرف التعاونية سابقا، فهد المسعود بنجاح فكرة إنشاء هيئة تعاونية رغم تأخرها، مؤكدا أن وزارة الشؤون ليس لديها رؤية واضحة للعمل التعاوني لأنها لم تمارسه ولأن عملها مختصر على تطبيق القوانين والمراقبة والإشراف فقط، أما بالنسبة للعاملين في مجال العمل التعاوني اليومي من أعضاء مجالس الإدارة، فيرجع لهم الفضل في تطوير وتنمية العمل في الجمعيات التعاونية حتى أصبح البعض منها يضاهي أكبر الأسواق التجارية الموجودة في الكويت.
إدراج التعليم التعاوني ضمن المناهج التعليمية
وبدوره شدد عضو مجلس إدارة جمعية الشامية التعاونية راشد بورسلي على ضرورة إنشاء الهيئة العامة للتعاون وذلك لتخفيف الأعباء عن وزارة الشؤون وللارتقاء بمستوى العمل التعاوني وتطويره، خصوصا بعد اتساع وانتشار الجمعيات في مختلف أنحاء الكويت وهي قابلة للزيادة تبعا للمناطق التي يتم تشييدها.
وقال: يجب أن ننظر إلى القطاع التعاوني بعين الاعتبار والافتخار لأهميته على المستوى المحلي والعربي والدولي، فالآن نطالب بإنشاء هيئة، وعلى المدى البعيد قد يحتاج الأمر إلى إنشاء وزارة التعاون للتطور السريع الذي يشهده القطاع التعاوني الاستهلاكي والإنتاجي والزراعي، وهذا يتطلب من المسؤولين عن التعليم إدراج التعليم التعاوني ضمن المناهج التعليمية في المعاهد التطبيقية لتخريج الكوادر الوطنية التي تتمتع بالعلم والثقافة التعاونية ومن ثم تسلم العمل في مختلف الجمعيات واستعدادا للقيام بعملية الإحلال للاستغناء عن العمالة الوافدة.
التعاونيات قادرة على مواجهة الأزمات
أما عضو مجلس إدارة جمعية الروضة وحولي التعاوني علي الكندري، فقد رأى في الحركة التعاونية تجسيدا للديموقراطية لأنها تعتمد على قيام المواطنين بتحقيق غاياتهم الاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى تشجيع أصحاب الاختصاص لممارسة أعمالهم من خلال الجمعيات، مؤكدا دور التعاونيات في المساهمة في حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها المجتمع في جميع الأوقات.
مطالبة قديمة
ومن ناحيته قال الخبير التعاوني إسماعيل محمد إسماعيل: إنه مارس العمل التعاوني من خلال عمله في وزارة الشؤون منذ عام 1968 وايضا عند توليه عدة مناصب في مجلس إدارة جمعية مشرف التعاونية، لهذا أراد أن يؤكد أن تعاونيات الكويت تختلف تماما عن بقية التعاونيات الأخرى الموجودة في العالم من حيث التسويق وتقديم الأنشطة والخدمات الاجتماعية المختلفة للمساهمين.
واستطرد بالقول: لقد طالب التعاونيون بإنشاء هيئة للتعاون قبل أن يتم إنشاء هيئة للإسكان، والآن تجدد طلبنا لتصبح مجريات أمور التعاونيات تحت سقف واحد للعمل على تنميتها والاستمرار في التطور المنشود، مؤكدا ان البلاد باتت في حاجة ماسة الآن إلى الجمعيات التعاونية أكثر من ذي قبل لأنها صمام الأمان لمنع رفع الأسعار والاحتكار، والدليل على ذلك ما حدث من فوضى واستغلال من قبل بعض الشركات عندما ترك للجمعيات حرية الشراء من التجار مباشرة، ما ساهم في إحداث تسابق من قبل بعض الشركات لرفع سعر البيع على المستهلك.