المقاهي البيروتية وما تتسم به من خصوصية شديدة انطلاقا من معايشة يومية أصبحت وثيقة في كتاب.
فالإعلامي اللبناني زاهي وهبي يأخذ القارئ في رحلة ممتعة إلى عوالم المقاهي البيروتية ومزاجها وخصوصياتها انطلاقا من المعايشة اليومية لهذه الأمكنة وما مر عليها من وقائع وأحداث قد تبدأ بقصة حب عادية بين مراهقين وتنتهي بعملية للمقاومة اللبنانية ضد الاحتلال الإسرائيلي كما حدث في مقهى الويمبي ذات صباح من خريف عام 1982 إبان الاجتياح الإسرائيلي للعاصمة بيروت.
«قهوة سادة.. في أحوال المقهى البيروتي» يقع في 155 صفحة من القطع المتوسط ولوحة الغلاف للرسام السوري خالد أبو الهول.
والممتع في كتاب وهبي أن الأسلوب المصاغ به هو السهل الممتنع المفعم بالشاعرية، بعيدا عن التوثيق الجاف للأحداث، حيث تتضح للقارئ على مدار صفحات الكتاب الحالة الوجدانية القائمة بين المؤلف والأمكنة التي ارتادها، حيث بدا المقهى كما لو كان كائنا حيا مليئا بالحياة والأحداث.
واعتمد الكاتب على معايشته الشخصية وعلى رؤيته للمقهى ولدوره في الحياة المدنية مثلما استشهد بآراء ووجهات نظر لعشرات الرواد من مثقفين وطلاب ونشطاء لبنانيين وعرب من مختلف الأجيال والأعمار خصوصا.
شارع الحمرا ومقاهيه كانت لهما أيضا مساحة كبيرة في الكتاب، حيث يعد هذا الشارع الشريان الأكثر حيوية في قلب المدينة.
إذا كانت بيروت «مسقط القلب» كما يحلو لزاهي وهبي أن يطلق على المدينة التي يعشقها، فإن المقهى هو الرحم الذي يتشكل فيه الكثير من أجنة الإبداع، فكم من المؤلفات والروايات والقصائد والأعمال المسرحية «ولدت هنا» في مقاهي بيروت وعلى أرصفتها التي تنبض بالحياة على الرغم من كل الذي جرى فيها ولها.