أهازيج من الصحراء، وأغان قديمة للأطفال، وتقاليد موسيقية باكستانية: كلها أنماط قد لا يربط بينها الا كونها مهددة بالاندثار إضافة إلى سعي إمارة أبوظبي الى توثيقها واستدامتها من خلال «مركز العين للموسيقى في عالم الإسلام».
وفلسفة المركز، بحسب القيمين عليه، هي التأكيد على ان الموسيقى جزء لا يتجزأ من حضارة المجتمعات الإسلامية، كما ان عمل المركز لا يغطي العالم الإسلامي فقط، بل «عالم الإسلام» الذي يشمل كل المجموعات التي تأثرت بالإسلام او الجماعات المسلمة التي تعيش خارج العالم الإسلامي، وبالتالي لا حدود حقيقية لنطاق عمله.
وقال سامي المصري نائب المدير العام لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث ان المركز سيفتتح مبناه في 2013، الا انه انطلق بالفعل عبر سلسلة من البرامج الخاصة والحفلات الموسيقية والمحاضرات والمنتديات.
وذكر المصري ان المركز الذي تقوم الهيئة التابعة لحكومة إمارة أبوظبي ببنائه في مدينة العين، وهي واحة خضراء في قلب صحراء إمارة أبوظبي، سيقوم بـ «التوثيق والبحوث عن الأنماط والعادات والتقاليد الموسيقية في عالم الإسلام، إضافة الى حيازة مقتنيات تتعلق بالتراث الموسيقي كالدراسات والوثائق والمنشورات والآلات الموسيقية القديمة».
وبحسب المصري فان المركز يعمل ضمن سعيه «لإنقاذ واستدامة» التراث الموسيقي المهدد في عالم الإسلام، الى تسجيل و«رقمنة» الأنماط الموسيقية لحفظها للأجيال المقبلة وتعريف الجمهور عليها. وعملية الحفظ والتوثيق والاستدامة تخضع لاولويات ومنهجية خاصة.
وبحسب مدير مشاريع المركز شريف خزندار، فان هذه المنهجية تقوم على «تحديد الارث الموسيقي الاكثر عرضة للاندثار، ومن ثم إطلاق مشروع خاص لتوثيقه وبعد ذلك محاولة استدامته».
وقال خزندار، وهو مسرحي سوري الأصل مقيم منذ عقود في باريس حيث اسس دار ثقافات العالم، «ليس هناك ما يمكن تسميته موسيقى إسلامية، بل هناك أنماط موسيقية في المجتمعات الإسلامية. في كل المجتمعات المسلمة من دون استثناء هناك أنماط موسيقية، وبعضها يستخدم في الطقوس الدينية أيضا».
وذكر ان المركز يطلق تباعا سلسلة من الحفلات والمشاريع الخاصة، ومن هذه المشاريع برنامج خاص بالموسيقى التقليدية الباكستانية التي تكاد تختفي، وبالتقنيات الصوتية في اوزبكستان.
ويدير المركز حاليا ايضا مشروعا «لجمع اغاني الأطفال والأغاني التي تغنيها الأمهات قبل نوم ابنائهن، من سائر ارجاء عالم الإسلام»، في محاولة لحفظ هذه الأنماط الموسيقية الحميمة وإلقاء الضوء على موسيقى الطفولة في زمن ما قبل انتشار التكنولوجيا.
وإضافة إلى الأنماط والتقاليد، يسعى المركز الى استدامة بعض الآلات الموسيقية المهددة، ومنها آلة البزق التي قال خزندار انها «تختفي بسرعة»، إضافة الى مقامات عربية تكاد تصبح غير مستخدمة، ويتم إنعاشها عبر برنامج حفلات خاص مع عازف العود العراقي عمر بشير.
وعن رقمنة وأرشفة التراث الموسيقي، قال خزندار ان المركز يقوم بتحويل تسجيلات مؤتمر القاهرة للموسيقى العربية الذي عقد عام 1932 الى ملفات رقمية لجعلها متاحة الى اكبر عدد ممكن من الجمهور.
ويعد هذا المؤتمر من أهم الاجتماعات التاريخية حول الموسيقى العربية.