حسمت دار الإفتاء المصرية الجدل حول مصير والدي الرسول صلى الله عليه وسلم، فأكدت أنهما «ناجيان وليسا من أهل النار»، مستندة في ذلك إلى جمع من العلماء. وأعدت أمانة الفتوى في الدار بحثا، ردا على سؤال بصحة الكلام القائل بكون «والدي الرسول من المشركين، وهما في النار».
وجاء في الرد أنهما ناجيان وليسا من أهل النار. واستدل العلماء على ذلك بأنهما من أهل «الفترة»، لأنهما ماتا قبل البعثة ولا تعذيب قبلها، لأن من مات ولم تبلغه الدعوة مات ناجيا، لتأخر زمانهما وبعده عن زمان آخر الأنبياء، وهو سيدنا عيسى عليه السلام، ولإطباق الجهل في عصرهما، فلم يبلغ أحدا دعوة نبي من أنبياء الله إلا النفر اليسير من أحبار أهل الكتاب في أقطار الأرض كالشام وغيرها، ولم يعهد لهما التقلب في الأسفار ولا عمّرا عمرا يمكن معه البحث عن أخبار الأنبياء. وهما ليسا من ذرية عيسى عليه السلام ولا من قومه، فبان أنهما من أهل «الفترة» بلا شك. ومن قال: إن أهل الفترة يمتحنون على الصراط فإن أطاعوا دخلوا الجنة وإلا كانت الأخرى، فإن العلماء نصوا على أن الوالدين الشريفين لو قيل بامتحانهما فإنهما من أهل الطاعة.
قال الحافظ ابن حجر: «إن الظن بهما أن يطيعا عند الامتحان»، بحسب ما نشرته دار الإفتاء، على موقعها الإلكتروني، امس الاول، واستدلت الفتوى بإثبات نجاتهما من النار «لأنهما لم يثبت عنهما شرك، بل كانا على الحنيفة دين جدهما إبراهيم عليه السلام، ولقد ذهب إلى هذا القول جمع من العلماء، منهم الفخر الرازى في كتابه «أسرار التنزيل».
وشرحت: «استدل أهل هذا الطريق بقوله تعالى: (الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين) (الشعراء: 218، 219)، أي أنه صلى الله عليه وسلم كان يتقلب في أصلاب الساجدين المؤمنين مما يدل على أن آباءه لم يكونوا مشركين. وقال الرازي: قال صلى الله عليه وسلم: لم أزل أنقل من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات»، وقال تعالى: (إنما المشركون نجس) (التوبة: 28)، فوجب ألا يكون أحد من أجداده صلى الله عليه وسلم مشركا.
كما رفضت أمانة الفتوى القول إنهما خير من المؤمنين مع كفرهما، لأن هذا يعني القول بتفضيل الكافرين على المؤمنين. وأضافت «ولكي نخرج من هذا المحظور وجب أن نقول انهما مؤمنان».
أما الرواية الثالثة التي استندت إليها أمانة الفتوى في قولها بنجاة والدي الرسول، فهي ان الله تعالى أحياهما له حتى آمنا به، وأضافت أن هذا المسلك مال إليه طائفة كبيرة من حفاظ المحدثين وغيرهم، منهم: الخطيب البغدادي وابن شاهين وابن المنير والمحب الطبري والقرطبي، واحتجوا لمسلكهم بأحاديث ضعيفة، ولكنها ترقى إلى الحسن بمجموع طرقها. وأنهت أمانة الفتوى بحثها بتوجيه النصيحة لشباب الدعوة إلى الله بأن «يتقوا الله في الأمة ولا يبالغوا في إطلاق الأحكام قبل الفهم والبحث».