خالف الشيخ الداعية د.سلمان العودة في برنامجه «حجر الزاوية» على «ام بي سي» رأي وتوقعات الكثير من الإسلاميين بسقوط الولايات المتحدة في المستقبل القريب، معتبرا أن اعتمادها على مؤسسات قائمة على العدل كفيل ببقائها.
وقال إن الكلام عن سقوط أميركا قريبا هو أمر مستبعد، وحتى الكلام بأنها ستصبح الدولة رقم 2 في العالم ليس ورادا أيضا، لأنها تعتمد على الأنظمة المؤسسية التي تعطي المواطنين حقوقهم كاملة، وتقوم على أساس العدل.
وأضاف د.العودة -في الحلقة الثالثة من برنامج «حجر الزاوية»، التي عرضت 13 أغسطس «إذا وجد العدل والمصلحة ومصالح الناس وما ينفع الناس.. وجد الاستقرار والنمو والانضباط، وإذا وجد الظلم والبغي والتفاوت غير المنضبط.. وجد الضعف والتراخي».
وأكد الشيخ في تفسيره للآية الكريمة (فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) أن الفتوح الإسلامية في الماضي لم تكن راجعة إلى قوة المسلمين وروحانيتهم وشجاعتهم وصدقهم مع الله فحسب، وإنما أيضا بسبب هشاشة أعدائهم، فالروم والفرس أسرفوا في الملذات ولم يقيموا العدل، لذلك كانت إمبراطورياتهما مهيأة للسقوط.
الحلقة التي كانت تحت عنوان «كتاب الله هو كتاب التغيير».. أكد فيها د.العودة أن القرآن الكريم يهدف إلى التغيير لأنه هو كلمة الله إلى عباده، فهو مصدر الدعوة والإلهام، وأساس التغيير فيه هو توحيد الله سبحانه وتعالى، وجاء القرآن ليعزز هذا المعنى.
وأكد أن هناك آيات كثيرة مخصصة للتغيير، فمثلا سورة الكهف محتشدة بالحديث عن التغيير، وأيضا سورة الفاتحة فيها دعوات كثيرة، أما أشهر الآيات في كتاب الله فهي (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)، وتدل على أن الله تبارك وتعالى بكمال عدله وكمال حكمته لا يغير ما بقوم من خير إلى شر، ومن شر إلى خير ومن رخاء إلى شدة، ومن شدة إلى رخاء حتى يغيروا ما بأنفسهم، فإذا كانوا في صلاح واستقامة وغيروا، غير الله عليهم بالعقوبات والنكبات والشدائد والجدب.
وأشار د.العودة إلى أن كتب التفسير للمحدثين والقدامى في الحديث عن التغيير يستخدمون الآية الكريمة التي تقول (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله) لأن فيها إشارة واضحة جدا إلى أن التغيير ليس عملية عشوائية أو اعتباطية، فهي عملية مدروسة ليس فيها مجال للصدفة، فإذا جاء القدر أسلموه إلى قدره، ومن الواضح جدا أن القدر لا يعني أن يستسلم الإنسان، وإنما لابد أن يتحرك ويكون له دور في تلك العملية.
ونبه د.العودة إلى أن رمضان فرصة كبيرة للتغيير، ويجب أن يتم استغلال تلك الفرصة بتغيير الكثير من أخلاقنا وعاداتنا، فيمكن أن نتخلى عن الغش والظلم والفواحش، وذلك باللجوء إلى الله وقراءة القرآن والتعبد، وهذه فرصة أن نصلح هذه الأشياء وأن نسعى لأن يكون هذا التغيير دائما على الأقل حتى بالنسبة لبعض الأشياء، وقال: علينا أن نصطحب من رمضان هذا إلى رمضان المقبل بعض العادات الجميلة التي اقتبسناها.
وأكد العودة أن التغيير يبدأ من النفس ثم إلى الجماعة، (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)، وهناك قوى كثيرة تشارك في تلك العملية، وهو يتم بصفة الجماعة وليس بصفة الفرد، فتغيير الفرد لا يؤثر إذا لم يكن هناك استجابة جماعية، فكل أمة مثلا كان فيها زعماء، ولكن إذا لم يكن هناك استجابة وروح جماعية عند الناس فلن تكون لزعامتهم أي أثر في تلك المجتمعات.
وفقا للداعية فإنه يفترض في التغيير المجتمعي أن يكون هناك عواطف وحب وود ومشاعر مشتركة بين الجميع، والمشكلة في الوطن العربي أن تلك المشاعر غير موجودة، لذلك يرسم الغرب صورة سلبية عنهم، مشيرا إلى أنه حينما يصل الناس إلى درجة من التخلف، ربما يوجد من بينهم من يحاول أن يغير، ولكن يجد أن الأمر أصعب منه ومن قوته، ويقع القوم كلهم تحت الصيرورة في النهاية، ويظلون بلا تغيير.