بعد سنوات من دخول الهند عالم التكنولوجيا المتقدمة من خلال قطاع تكنولوجيا المعلومات وعقب أن دخلته الصين من باب الصناعة ربما تجد البرازيل مدخلها في مكان غير مألوف.. أذن بقرة.
وتستعد عملاقة أميركا الجنوبية لاستخدام اول رقاقة مصممة محليا لزرعها في أقراط للماشية وهو جهاز يمكن أن يساعد السلطات في نهاية المطاف في حماية الغابات المطيرة بالأمازون التي تدمرها القطعان المتجولة. وتنتج شركة سيتيك الحكومية «رقاقة البقرة» في اطار جهود محلية للابتكار تتعشم البرازيل أن تساعدها في التغلب على التحديات التي تواجه اقتصادها وأن تجعل منها على مدار الوقت دولة مصدرة لتكنولوجيا جديدة.
وفي حين أن صادرات السلع وتزايد المستهلكين الأغنياء جعل اقتصاد البرازيل من أفضل اقتصادات الأسواق الصاعدة الى جانب الصين والهند في الأعوام الأخيرة الا انه يحتل مركزا متأخرا عن هاتين الدولتين في مجالي التكنولوجيا والعلوم وهما عاليتا القيمة. وقال سيلون سيلفا وهو عالم فيزياء يحمل درجة الدكتوراه من جامعة كاليفورنيا في بيركلي «البرازيل تتمتع بميزات تنافسية في مجالات منها الزراعة والطاقة النظيفة ومن المنطقي أن تحتفظ بهذه الميزات من خلال الابتكار التكنولوجي».
وأضاف «لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تعيش دولة بحجم وتأثير البرازيل دون صناعة الكترونية». وافتتحت شركة سيتيك عام 2008 باستثمار قيمته 500 مليون ريال (290 مليون دولار) من الحكومة يقول سيلفا إنها كانت ضرورية لأن مستثمري القطاع الخاص كانوا سيعتبرون أن المشروع الذي يقام للمرة الأولى ينطوي على مجازفة اكبر من اللازم.
وتستطيع أجهزة رصد الماشية مساعدة مربي الأبقار على اثبات أن ماشيتهم لم تصب بأمراض وقد تكون ضرورية لإنشاء قاعدة بيانات للماشية تكشف اي الحيوانات التي رعت في أرض أزيلت منها الأشجار مؤخرا في اطار مكافحة التصحر.
وقال بنك التنمية الحكومي البرازيلي العام الماضي إنه سيبدأ مطالبة مربي الأبقار الذين يمول البنك مزارعهم بأن يوضحوا أين رعت أغنامهم ربما باستخدام هذه الأجهزة.
لكن الأبقار مجرد بداية. وتتطلع «سيتيك» ايضا الى ابتكارات لرقائق جديدة لها وظائف «التعقب والرصد» للعثور على السيارات المسروقة.
وفي ظل آفاق النمو الكبيرة لصناعات مثل الوقود الحيوي والنفط والتعدين تأمل البرازيل أن يساعد اكتسابها موطئ قدم في مجال أشباه الموصلات على ضمان حصولها على أنواع جديدة من التكنولوجيا مع توفير فرص عمل جديدة في الداخل.
وقد تكون الإلكترونيات ضرورية لعدد من الابتكارات المحتملة مثل أجهزة تساعد شركة النفط الحكومية بتروبراس على استخراج مليارات البراميل من الخام في مياه شديدة العمق.
ولايزال قطاع التكنولوجيا المتقدمة في البرازيل يواجه تحديات من بينها أنظمة التعليم الضعيفة وغير المتكافئة والبيروقراطية الحكومية والتأجيلات المزمنة في تنفيذ المشروع.
وكانت «سيتيك» ضحية لهذه التأجيلات فأول إنتاج لها على نطاق كبير لأجهزة رصد الماشية تأخر عاما عن الموعد المقرر لأنها اضطرت لتوقف مؤقت في بناء المصنع بعد ظهور مشاكل في ماكينات أساسية. وتقول المنظمة العالمية للملكية الفكرية وهي منظمة متخصصة تابعة للأمم المتحدة إنه في عام 2009 تقدمت البرازيل بطلبات للحصول على 480 براءة اختراع دولية مقابل نحو ثمانية آلاف طلب من الصين ونحو 800 من الهند.
وجاء في تقرير لباحثين بالبنك الدولي عن قطاع الابتكار البرازيلي «اذا استمرت الاتجاهات التي ظهرت مؤخرا ستظل البرازيل في الأساس موردة للسلع الأساسية في الأسواق العالمية ومصدرة للسلع المصنعة الى دول أميركا اللاتينية الأخرى».
وتعمل البرازيل على ضمان الا يحدث هذا.
وأظهرت دراسة أجرتها طومسون رويترز عن العلوم في البرازيل أن عدد الأبحاث تضاعف بين عامي 1998 و2007.
وتعتزم وزارة العلوم والتكنولوجيا هذا العام استثمار 100 مليون ريال (58 مليون دولار) في عدد من المجمعات التكنولوجية التي تهدف الى تشجيع الابتكار في الالكترونيات والبرمجيات والنفط والطاقة المتجددة.
ومن المرجح أن تقوم الشركات العالمية التي تتطلع الى اكتساب موطئ قدم في البرازيل للاستفادة من سوقها المتنامي بالدور الأكبر في مجال البحث والتنمية. وفي العام الأخير أعلنت شركات جنرال الكتريك وشركة شلمبرجير للخدمات النفطية وعملاقة التكنولوجيا (آي.بي.إم) عن استثمارات في منشآت مقرها البرازيل لتطوير التكنولوجيا في مجالات تتراوح من الوقود الحيوي والنفط الى تقديم الدعم اللوجستي لدورة الألعاب الأولمبية التي تقام في ريو دي جانيرو عام 2016. وتشمل منتجات سيتيك المحتملة رقائق تزرع في السيارات يمكن أن تنبه السلطات أن هناك مخالفات مرورية لم يسددها السائق او أنه تم الإبلاغ عن سرقة السيارة.
وقال سيلفا «أعتقد أن هناك فرصة حقيقية لدولة تملك موارد البرازيل لأن تصبح لاعبة في هذا السوق. اذا كنا نستطيع إنتاج الطائرات فلماذا لا تظنون أننا نستطيع تصنيع الدوائر المغلقة».