تظهر على الشاشة لقطة مقربة مشوشة تصاحبها موسيقى الروك وهي تتضح بالتدريج كاشفة عن صورة فوتوغرافية من الأيام الأولى للثورة الإسلامية في ايران عام 1979 لشبان على دراجات نارية يوشكون على السير بها فوق علم أميركي على الأرض.
وتهيئ لقطات البداية المشاهد لأحداث فيلم «الصياد» للمخرج رفيع بيتز الذي يدور حول رجل من سكان طهران يسعى بعد أن خاب أمله للانتقام لزوجته وطفله اللذين قتلا عرضا عندما وقعا وسط اضطرابات الشوارع بعد انتخابات عام 2009 عن طريق قتل شرطين بالرصاص على طريق سريع.
وعلى الرغم من ان الفيلم الذي عرض في مهرجان دبي السينمائي الدولي يتفادى أي رسائل سياسية مباشرة فللمأزق الذي وصلت اليه الجمهورية الاسلامية بعد 3 عقود من انشائها حضور متواصل في قصة الفيلم وهي قصة مثيرة يطارد فيها ممثلو الدولة بطلها علي ويقتلونه في النهاية.
ويقول له أحد ضباط الشرطة بنبرة تهديد بعد القبض عليه في غابة شمالي العاصمة التي تصورها الكاميرا على انها مدينة مزدحمة ظالمة ومنفرة «قاتل لرجال الشرطة.. هه؟ أتحسب هذا البلد لا قانون فيه ولا نظام؟».
ولا يستنتج المشاهد إلا من عبارات قليلة متناثرة او من نشرة أنباء موجزة تذاع في خلفية مشهد، ان الفيلم تدور أحداثه خلال انتخابات الرئاسة التي أدت الى مظاهرات ضخمة في المدن تحتج على فوز الرئيس محمود أحمدي نجاد.وتلمح غلبة اللون الأخضر على بعض المشاهد حتى في ألوان صورة لأمواج البحر على جدار غرفة نوم في فندق إلى المعارضة الايرانية التي كثيرا ما تشير إلى نفسها باسم «الموجة الخضراء» واتخذت من اللون الأخضر شعارا لها.ويقول بيتز الذي يعيش في برلين وفاز فيلمه «صنم» بجائزة احسن فيلم في مهرجان باريس السينمائي عام 2001، انه لم يقصد على الاطلاق صناعة فيلم عن انتخابات 2009 التي أدت الى أعمال عنف في الشوارع بعد يومين فقط من مغادرة طاقم الفيلم لإيران.
ويقول ان ما اراده هو ان يلمس الشروخ العميقة التي تقسم مجتمعا لم يشهد ثورة فحسب بل شهد حربا استمرت 8 سنوات وقيام دولة دينية جديدة يعتبرها المنتقدون طغيانا آخر.