بالشغف نفسه الذي يصنع به المجوهرات، يحضر الصائغ اللبناني الشهير وليد مزنر الأطباق الشهية، فينتقل من مهنة الإبهار، الى هواية الملح والبهار، ومن عالم الحلي الى عالم الحلويات، ويعد كل «قطعة» مطبخية بدقة الجواهرجي.
يسترجع مزنر، في كتابه «روايات ووصفات» الذي صدر أخيرا في بيروت بالفرنسية عن دار «لوريان لوجور»، ذكرياته في المدينة، في أربعينيات القرن الفائت وخمسينياته، وتحديدا في شارع الجميزة، حيث نشأ، وفي أسواق بيروت، حيث لمع اسم عائلته في مجال المجوهرات.
غير ان مزنر لم يرث عن عائلته البيروتية صناعة المجوهرات فحسب، بل كذلك حب الاكل وتذوقه، إذ كانت العائلة تعتني بإعداد الاطباق المكلفة جهدا وثمنا. وطبعت ذاكرة وليد مزنر وشخصيته بتلك التقاليد المطبخية التي عرض لها في كتابه، ويورد في القسم الثاني منه وصفات لأطباق بيروتية كانت تعدها عائلته، ومرتبطة بالمناسبات الاجتماعية التي تطرق اليها في القسم الاول من الكتاب، على ما يقول لوكالة فرانس برس.
ومع ان مزنر، الذي درس الحقوق، لم يتابع دروسا في الطهو، فهو يشغل اليوم منصب الامين العام للأكاديمية اللبنانية لمتذوقي الطعام، ونال في العام 2001 جائزة أفضل طباخ في لبنان، فضلا عن جوائز عدة في مسابقات خارج لبنان.
ويروي مزنر «عندما تزوجت، لم تكن زوجتي ليلى تميل الى الطهو، اذ كانت تفضل اعداد الأطباق السهلة، كشرائح اللحم المقلية (الستيك) والدجاج، فقلت لنفسي: اما الطلاق او المطبخ. وهكذا، شرعت في الطبخ تدريجيا وكنت في الثلاثين من عمري».
ويرى مزنر أن صناعة المجوهرات تشبه صناعة الطعام، ويقول «مراحل تنفيذ قطعة مجوهرات، تشبه الى حد كبير مراحل اعداد طبق». وبصعوبة، يختار بين فني صناعة الحلي والطبخ، ويقول «ثمة دائما متعة في انهاء قطعة مجوهرات، واللذة نفسها أجدها في إنهاء طبق».
ولكن اذا كان مزنر يركز على الجانب الجمالي والتزييني في تصاميم مجوهراته، فهو في تصاميم أطباقه يعطي الأولوية للنكهة، على ما يقول.
ويتابع «أحرص على ان أقدم طبقا ممتعا للنظر من دون ان تكون ثمة مبالغة في زينته».