وصف علماء في الأزهر إقدام الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين على تطليق زوجته الثانية أسماء بن قادة حفيدة الزعيم عبدالقادر الجزائري بأنه أمر شخصي، لن يؤثر في صورته أو صورة علماء الإسلام في الخارج أو الداخل، لأنه لم يرتكب فعلا محرما على حد قولهم.
وفيما ينظر القضاء القطري دعوى قضائية من أسماء بن قادة مطلقة الشيخ يوسف القرضاوي ضده، أثيرت العديد من الأقاويل طوال الفترة الماضية، حول أسباب الطلاق، الذي جاء بعد زواج استمر لمدة 15 عاما، تعرض خلالها الشيخ البالغ من العمر نحو 80 عاما للكثير من الغمز واللمز، خصوصا أن أسماء تصغره بعشرات السنين، لاسيما أن إحدى وسائل الإعلام نشرت خبرا مفاده أن الشيخ يهددها بالترحيل من قطر وسحب الجنسية منها.
ولم تكن تلك المرة هي الأولى التي يتعرض د.القرضاوي فيها للهجوم بسبب بن قادة، حيث شنت بعض الصحف المصرية حملة ضده في السابق، وقالت إنه متزوج من فتاة في سن أبنائه، وذلك ضمن حملة على بعض المشايخ ممن يعتقد أنهم كانت لهم علاقات أو ميول لجماعة الإخوان المسلمين.
وأثيرت القضية من جديد في أعقاب ما أوردته صحف جزائرية حول أن الإمام الأكبر د.أحمد الطيب، تدخل لدى القرضاوي أثناء زيارة الأخير له في مشيخة الأزهر، حتى يمنح زوجة القرضاوي حقها في الطلاق، ويدفع إليها جميع حقوقها الشرعية، بعد أن كان القرضاوي يرفض ذلك، ويهددها بسحب الجنسية القطرية منها، على قول تلك الصحف.
من جهته رفض المتحدث الرسمي باسم شيخ الأزهر السفير محمد رفاعة الطهطاوي التعليق على الأمر، مكتفيا بالقول إن زيارة الشيخ القرضاوي للإمام الأكبر د.أحمد الطيب، تناولت القضايا التي تهم العالم الإسلامي، ومنها التقريب بين السنة والشيعة، ومحاولات إصلاح الأزهر التي يقودها الإمام الأكبر بما يدعم وسطية الإسلام، ونبذ التطرف والعنف. نافيا أن يكون اللقاء تطرق إلى أية مسائل شخصية.
وقال د.أحمد علي عثمان أستاذ سيكولوجيا الأديان بالجامعة الأميركية بالقاهرة، ومدير الدعوة بوزارة الأوقاف لـ «إيلاف»: «إن علماء الدين من الشخصيات العامة، وحياتهم الخاصة ليست ملكا خالصا لهم، لاسيما أنه ينظر إليهم باعتبارهم قدوة لباقي أفراد المجتمع»، مشيرا إلى أنه يجب عليهم «توخي الحلال والابتعاد عما حرم الله، وتجنب موضع الشبهات» حسب قوله.
ودلل عثمان على كلامه بحديث نبوي حيث روى قائلا «مر على النبي صلى الله عليه وسلم اثنان من الصحابة، وكان يقف مع إحدى نسائه، فسلما، ثم انصرفا فناداهما، فقال لهما: «هي زوجتي صفيه بنت حيي». فقالا: «يا رسول ما نظن بك إلا خيرا». فقال: «إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم من العروق، وإني خشيت أن يدخل عليكما».
وأشار عثمان إلى أن الشيخ القرضاوي تجنب الشبهات بإعلان زواجه من أسماء بن قادة، ولم يكن زواجا خفيا، لأنه لا يصح أن يكون لعالم في مثل مكانته حياة سرية وأخرى علنية، وتجنب الشبهات كذلك في الطلاق، حيث سرحها بإحسان، وصار طلاقه لها أمرا معلوما للعامة.
مؤكدا أن الشيخ «قطع بذلك كل الألسنة التي كانت تتربص به، باعتباره واحدا من كبار علماء الإسلام، ولم يترك مجالا للقيل والقال».
ولفت د.عثمان إلى أنه شخصيا كان متزوجا من سيدة أميركية، أسلمت بعد زواجها به، لكنه طلقها فيما بعد، نظرا لعدم قدرتها على التكيف مع حياة عالم دين، الذي «يتحرى الحلال والحرام في مأكله وملبسه وسائر تصرفاته اليومية».
مؤكدا أن تلك الواقعة لم تؤثر في صورته لدى تلاميذه أو جمهوره الذي يلتقي بهم كل جمعة في أحد مساجد مدينة القاهرة الجديدة، حيث يلقي خطبة الجمعة هناك، ولم تؤثر كذلك في الجمهور الذي يلتقيه عبر شاشة التلفزيون في بعض البرامج.
فيما يرى الشيخ علي أبو الحسن رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا أن الشيخ القرضاوي ليس بأفضل من الأنبياء والرسل، فقد عانوا من مشاكل أسرية متعددة، قال لـ «إيلاف»: الرسول صلى الله عليه وسلم عانى من غيرة زوجاته بعضهن من البعض، ومن غيرتهن من زوجته الأولى السيدة خديجة رضوان الله عليها، وروي عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة، فيحسن الثناء عليها، فذكر خديجة يوما من الأيام، فأدركتني الغيرة، فقلت: هل كانت إلا عجوزا فأبدلك الله خيرا منها؟ فغضب حتى اهتز مقدم شعره من الغضب، ثم قال: لا والله ما أبدلني الله خيرا منها، آمنت بي إذ كفر الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، ورزقني الله منها أولادا إذ حرمني النساء، قالت عائشة: فقلت في نفسي لا أذكرها بسيئة أبدا».