سيطرت أجواء مشحونة بالحزن على مدينة جدة التي بدت شوارعها مغمورة بالمياه في اليوم التالي للفيضانات التي اسفرت عن 4 قتلى على الأقل و3 مفقودين، وتسببت في جرف وقلب وتحطيم عشرات السيارات واحتجاز تلاميذ وموظفين في مدارسهم ومكاتبهم.
وتحركت قوارب الدفاع المدني الخميس لإنقاذ اشخاص عزلتهم المياه في مكاتبهم او مساكنهم على اثر الأمطار الغزيرة التي هطلت بصورة مفاجئة وكثيفة الاربعاء على العاصمة الاقتصادية للمملكة العربية السعودية، كما افاد مراسل لوكالة فرانس برس.
واضطر الموظفون والتلاميذ والطلاب الذين داهمتهم المياه في مكاتبهم وصفوفهم الى اخلائها والصعود الى الأدوار العليا.
وقال وليد، وهو موظف في التاسعة والعشرين من عمره، «اضطررت الى ترك سيارتي في وسط الشارع والسير والمياه تغمرني لكي اصل الى منزلي. ولا اعرف بعد هل استطيع استعادة سيارتي ام لا». وجرفت السيول عشرات السيارات، كما حصل في جادة الملك عبدالله، حيث غمرت المياه نفقا أنشئ حديثا.
وحاول بعض سائقي السيارات الاحتماء فوق سطوح سياراتهم التي كانت عائمة، آملين في ان يتمكن الدفاع المدني من انقاذهم. واستطاع الدفاع المدني الذي استخدم مروحيات من انقاذ اكثر من 1330 شخصا كانت تهددهم الفيضانات، كما ذكرت مصادر متطابقة. وتوقفت المرافق العامة الخميس في جدة، حيث أعلنت جامعة الملك عبدالعزيز تعليق الامتحانات، واغلقت المدارس حتى اشعار آخر. وتنتشر مئات السيارات المتضررة، المقلوبة او المغطاة بالوحول، على ارصفة الطرق وبين الأحياء السكنية.
واستطاعت شمس الخميس أن تجفف بعضا من مياه الأمطار والسيول التي داهمت عروس البحر الأحمر جدة لكنها كشفت في الوقت ذاته عن حجم الدمار الذي طال معظم أحياء وسط جدة، لكن الشمس كشفت لنا أيضا بعض قصص المعاناة والبطولة من الشباب الذي غامر لمساعدة إخوانه وأخواته. وكان شارع فلسطين، الذي يقع وسط جدة، ويمتد من شرق جدة، حيث طريق الحرمين، وحتى الكورنيش الذي تقع فيه نافورة جدة الشهيرة، من أكثر ما فضح حجم المأساة، وذلك من خلال تراكم السيارات على أرصفته، وتجمع الطين والوحل في الشارع الرئيسي، وإغلاق معظم المحلات التي تطل عليه. ووصف حارس الأمن «مساعد» المسؤول عن برج «الحداد»، والذي وصف الوضع في المنطقة المحيطة بـ «المزري».
وقال: «تعجز الكلمات عن وصف ما حدث أمس (الأربعاء)، لقد حجز الموظفون في مكاتبهم، وسحبت السيول سياراتهم عن أمام المبنى، وكنت أصارع المياه التي سبح فيها مكتبي، وأغرقت الدور الأرضي بالكامل». وأضاف مساعد: «لم يأت لإنقاذ الموظفين أحد وبعد انتهاء الأمطار، مرت من أمام المبنى سيارة للدفاع المدني في الساعة 3 صباحا، لكنها لم تتوقف رغم النداءات»، مستطردا «أما طائرات الهليوكوبتر، فقد كانت تحلق فوقنا بعيدا في السماء».
وأمام ذات المبنى الذي يحرسه «مساعد» في شارع فلسطين، شاهدت «العربية.نت» شابا اسمه عبدالعزيز فارس، تطوع لمساعدة السيارات في تخطي الرصيف، والعودة إلى الطريق المقابل، لتتجنب تجمعا كبيرا للمياه لا تستطيع عبوره إلا سيارات الدفع الرباعي. وقال فارس: «لي أكثر من ساعتين أقف هنا. السيارات لا تستطيع القفز من فوق الرصيف لتعود، وأنا أساعدها على ذلك». وقد لاحظت «العربية.نت» وقوف سيارة للشرطة قريبا من مكان فارس، لكن رجالها من داخلها، يراقبون الوضع. أما حي «مشرفة»، الذي قطعت عنه الكهرباء يوم الكارثة، والذي بدت عليه آثار السيول واضحة، فالسيارات فوق الأرصفة في مكانها، والبعض يحاولون إخراج سياراتهم أو يصلحونها، والأشجار تقطع بعض الطرقات، وصناديق النفايات مقلوبة، ناثرة ما كانت تحويه في كل مكان.