اتخذت اللبنانية الأميركية بريجيت غابرييل من قصة حياتها في لبنان الحرب الأهلية منصة انطلاق لأحاديثها عن الإسلام في مئات دور العبادة المسيحية واليهودية وقاعات المحاضرات ومختلف وسائل الإعلام الحديث.
تتلخص قصة بريجيت غابرييل (اسمها الحقيقي نور سمعان، وغيرته، كما تدعي، لأنها تلقت تهديدات بالقتل) تتلخص في أنها نشأت في كنف أسرتها المارونية في قضاء مرجعيون في جنوب لبنان، خلال الحرب الأهلية في السبعينيات. وتقول إن عناصر «حزب الله» قصفت قريتها في ضواحي بلدة مرجعيون ومن ضمنها منزلها بالكامل (بالرغم من أن حزب الله لم يكن له وجود وقتها). وتضيف أنها عاشت مع أسرتها 7 سنوات متصلة في مخبأ جراء القصف، مساحته 8 × 10 أمتار، ولا شيء فيه غير موقد كيروسين صغير.
تمضي قائلة ان الغزو الإسرائيلي للبنان أنقذ حياتها، وأن الإسرائيليين أخذوا والدتها الجريحة إلى مستشفى لهم، وهناك تعرفت إلى صورتهم الحقيقية، وأنهم «شهام» بعكس ما تعلمته عنهم من أنهم وحوش تبعا للدعاية العربية.
وقد لجأت إلى إسرائيل، ثم عملت من أراضيها في تلفزيون الشرق الأوسط metv قبل انتقالها إلى الولايات المتحدة في عام 1989.
وهنا وجدت، كما تقول، أن الأصوليين الإسلاميين الذين أرهبوها في لبنان مصممون على الاستحواذ على أميركا نفسها.
تحذير من خطر الإسلام
تحذر بريجيت (46 عاما) الأميركيين من أن هؤلاء الأصوليين «تغلغلوا إلى سائر طيات المجتمع الأميركي وإلى مؤسسات الدولة العليا، بما فيها وكالة الاستخبارات «سي آي ايه» ومكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي» ووزارتي الدفاع والخارجية». إضافة إلى ذلك فهم «يعملون ليل نهار على غسل أدمغة الشباب في مدننا وبلداتنا عبر الولايات المتحدة».
وعبر كتبها ومحاضراتها ومنظمتها act for america «العمل من أجل أميركا»، صارت هذه اللبنانية المهاجرة إحدى ألمع الشخصيات التي آلت على نفسها استكشاف مكامن الإرهاب، وخصصت كل وقتها للتحذير من أن المسلمين «يشكلون خطرا هائلا ماحقا على سائر الأراضي الأميركية، ومن ثم العالم».
تناقض
تصف بريجيت منظمتها، «العمل من أجل أميركا»، بأنها «جماعة تعمل من أجل الأمن القومي، ولا تحزب سياسيا أو دينيا فيها». لكن صحيفة «نيويورك تايمز»، التي أوردت تقريرا مطولا عنها، تقول إن هذه المنظمة تستند في الواقع إلى 3 دعائم حزبية ودينية في الساحة السياسية الأميركية وهي: البروتستانتية المحافظة، وغلاة المدافعين عن إسرائيل من اليهود والمسيحيين، وحركة «حفلة الشاي» اليمينية المتطرفة، التي يشكل الجمهوريون 80% من أعضائها.
تعرض بريجيت صورة الإسلام، باعتبار أن هدفيه الوحيدين هما التدمير والهيمنة. لهذا فقد وجدت في «الإسلاموفوبيا» والتخويف من «خطر الإرهاب الإسلامي الأصولي»، اللذين يضربان أطنابهما وسط قطاعات هائلة من الأميركيين، تربة صالحة لآرائها، بحيث صارت نجمة ساطعة تزين سماء المسرح السياسي.
هذا بالرغم من تحذيرات البعض من أنها «تزرع الهلع عبر الحقائق الملتوية» وتؤذي موطنها الجديد بالتالي.
بريجيت واحدة فقط من أصوات جديدة تتعالى بعداء سافر للإسلام. ومن هذه الأصوات الأخرى وليد شعيبات، المهاجر الفلسطيني المسيحي، الذي يصف نفسه بأنه «مسلم إرهابي سابق»، قاتل في صفوف منظمة التحرير الفلسطينية، قبل انشقاقه عن «إرهابها وعن الإسلام وإرهابه».
لكن ما يميز بريجيت عن تلك الأصوات هو تنامي حجم منظمتها في غضون 3 سنوات، لتضم 155 ألف عضو مسجلين في عموم الولايات المتحدة، واجتذابها بعض الأسماء المعروفة في المجتمع الأميركي وتوافرها تاليا على قدر كبير من المصداقية السياسية في الشارع الأميركي المحافظ خصوصا.
ما هو الدافع؟
تؤكد بريجيت ان دافعها إلى كل هذا النشاط، ليس كراهية الإسلام أو الخوف منه، وإنما حبها لوطنها. وتضيف: إن «الإسلام الأصولي أضاع من يدي لبنان، مسقط رأسي». وتصر على أنها لا تستهدف الإسلام والمسلمين، وإنما الأصوليين فقط. مع ذلك، تقول «نيويورك تايمز»، إنها تعطي الانطباع المعاكس في كتبها ومحاضراتها وخطبها العامة.
وتستشهد الصحيفة بما ورد في كتابها المعنون «يكرهون ـ ناجية من الإرهاب الإسلامي تحذر أميركا» وهو كالآتي: «التطرف في العالم الإسلامي هو التيار الرئيس (...) إنه سرطان يقضي على أوصال العالم.. هذا هو سرطان الفاشية الإسلامية.. هذه هي الأيديولوجية التي تنبع من مصدر واحد هو القرآن».
لا للشريعة في أميركا
إضافة إلى هذا، فإن منظمتها، «العمل من أجل أميركا»، تعتزم تنظيم ما تسميه يوم «اطلع على القرآن» في سبتمبر المقبل وتوزع فيه أمام دور العبادة غير الإسلامية والمكتبات العامة ومكاتب البريد مقتطفات من القرآن، تستشهد بها على أنه «يدعو إلى العنف والعبودية وحرمان النساء من حقوقهن الإنسانية».
وخلال العام الماضي، نجحت بريجيت ومنظمتها في المصادقة على تعديل دستوري في أوكلاهوما يحظر العمل بقوانين الشريعة. فوق هذا فقد نجحتا في نشر مفهوم ان المسلمين الأميركيين يتحينون الفرصة لاكتسابهم ما يكفي من السلطة لفرض القوانين الإسلامية على الأراضي الأميركية كافة.