ثورة تونس بداية العام والفيضانات التي رافقتها في أستراليا، وثورة 25 يناير في مصر على وقع سلسلة من الزلازل ضربت نيوزيلندا، ثم الثورة الدموية الحالية في ليبيا وزلزال اليابان المدمر، حتى حبات الثلج التي تساقطت الجمعة على العاصمة السعودية مع أمطار رعدية تنذر بالضرر، هي فعل غاضب من الطبيعة والبشر قد يكون بطله الجار الأقرب للأرض، لأن بعضهم يقول ان للقمر لعنة تتحرك معها مسببات الخراب والغضب في كل مرة تحدث فيها ظاهرة فلكية اسمها «الحضيض القمري» وترافقها نكبات واضطرابات.
الظاهرة كما يشرحها علماء الفيزياء الفلكية هي وصول القمر الى أقرب مسافة له من الأرض، كما حدث آخر مرة في 1992 حيث يقول «الماساويون» المؤمنون بما يسمونه «لعنة الحضيض القمري» انه كان أسوأ أعوام التسعينيات. أما حاليا فالاقتراب الأقصى موعده في 19 الجاري بالذات، وهو يوم السبت المقبل، حيث سيبدو القمر أكبر مما اعتدناه بنسبة 14% وأشد لمعانا وبريقا بنسبة 38% تقريبا.
ويطلق علماء الفيزياء الفلكية على اقتراب القمر من الأرض اسم «الحضيض القمري» لأنه يصل الى الحضيض الأقصى من الاقتراب، وهي ظاهرة يعتبرها معظمهم طبيعية جدا ولا تستحق عناء تفسيرها. لكن قلة من الفلكيين، ومعهم مئات من الماساويين، يعتقدونها نذير شؤم بحدوث الزلازل والفيضانات وثورات البراكين والاجتياحات المائية والتسوناميات، ويقولون أيضا إنها مؤشر على حدوث تغييرات حاسمة في بعض الدول، تماما كما حدث في تونس ومصر وما يحدث في ليبيا واليمن، وغيرها ربما على الطريق.
والمسافة بين الأرض والقمر ليست ثابتة، لأنه سالك حولها في مدار بيضاوي، وأقرب مسافة يكون فيها مع الأرض، وهي ما يسمونه «الحضيض القمري» الأقصى، هي حين يصل الى مسافة يصبح معها بعيدا 356 ألفا و522 كيلومترا. وعكس الاقتراب الأقصى هو البعد الأقصى، حيث يصبح بعيدا عن الأرض 405 آلاف و363 كيلومترا. ومعدل المسافتين معروف. ومع أن القمر في جميع الحالات جميل وساحر، لكنه أجمل وأشد سحرا بالطبع حين يكون في أقرب مسافة، لكن المؤمنين بلعنة اقترابه يقولون عكس ذلك تماما.
كما يحدث «الحضيض القمري» كل شهر أيضا، فيبدو القمر أكبر مما هو في الأيام العادية، لكن الحضيض الأقصى يحدث مرة كل فترة تتراوح بين 10 و20 سنة تقريبا. ولأن الماساويين وبعض الفلكيين ربطوا بين حدوثه وحدوث بعض الخراب على الأرض من الطبيعة والبشر، فإنهم أرادوا التحذير هذه المرة من أن عام 2011 لن يمر على خير، كما لم تمر على خير سنوات كثيرة كان فيها «حضيض قمري» رافقه خراب طبيعي وغضب شعبي يصعب على الذاكرة أن تنساه.
في 1938 مثلا، حدث «الحضيض القمري» أقصى، وجاء بالكوارث على منطقة نيو أنغلاند في أقصى الشمالي الأميركي عند الحدود مع كندا، حيث زارها ضيف دموي سموه «إعصار نيو أنغلاند العظيم» وكان أول إعصار يضربها بعد آخر سبقه في 1869 فعبث وتركها قاعا صفصفا. أما إعصار 1938 فولد في إفريقيا، وعندما اشتدت عزيمته عبر القارة الى أميركا، فدمر 57 ألف بيت وقتل 750 شخصا في نيو أنغلاند، وتسبب في خسائر مادية بلغت بأسعار اليوم 5 مليارات دولار وأكثر. وفي 1955 أحدث «حضيض قمري» مماثل نكبة بكل معنى الكلمة في أستراليا، حيث فاضت الأرض والسماء باجتياحات مائية وفيضانات انتهكت ولاية «نيو ثاوث ويلز» عن بكرة أبيها وأحدثت فيها المآسي والخراب.