عندما انخرطت خمس شركات إنتاج تلفزيوني في قضية مكافحة احتكار أمام المحاكم الأميركية ضد الشركة الإعلامية الأميركية العملاقة سي بي أس، كانت الكلفة هائلة.
فمن مستلزمات المضي قدما في القضية تقديم الوثائق ذات العلاقة التي تثبت دعوى الشركات الخمس، ولذلك قامت بفحص وقراءة وتحليل ستة ملايين وثيقة بكلفة 2.2 مليون دولار دفع جزء كبير منها لجيش من المحامين والقانونيين الذين عملوا شهورا بأجور عالية للساعة الواحدة.
ولكن ذلك كان عام 1978. أما اليوم وبفضل التقدم الذي طرأ على قدرات شبكة الإنترنت البحثية وإمكان استخدامها لأغراض التحري البوليسي والاستخباري، فقد تم طرح برنامج حاسوبي يمكنه تحليل الوثائق في لمح البصر وبأقل التكاليف. فعلى سبيل المثال ساعد برنامج بلاكستون في يناير الماضي على تحليل 1.5 مليون وثيقة مقابل أقل من مائة ألف دولار.
كما يوجد اليوم برامج لا تكتفي بمجرد البحث عن الوثائق التي تأتي على ذكر الكلمة أو العبارة المراد البحث عنها، بل تذهب إلى أبعد من ذلك وتنتقي الوثائق التي فيها أفكار لها علاقة بكلمة أو عبارة البحث. بيل هير محامي إحدى الشركات الكيميائية الأميركية أثنى على التطور في برامج تحليل الوثائق، وقال إن تحليل الوثائق باستخدام محامين قد يستغرق أسابيع في بعض الأحيان وان «الناس يصيبهم الملل والصداع، لكن الحاسوب لا يعاني من مشاكل كهذه». التطور التقني الهائل والكفاءة التي أضفاها على الكثير من مجالات العمل لم يمنع من بروز مخاوف من آثار جانبية على الاقتصاد نتيجة الاستغناء المستمر عن العنصر البشري، وفقدان الكثير من الناس وظائفهم لصالح الحاسوب.