رفض علماء أزهريون قراءة القرآن الكريم في الزحام والمواصلات العامة من أجل إتمام ختمه خلال شهر رمضان المبارك، معتبرين أن «الإصرار على ذلك مكروه لمخالفته أمر الله بتدبر القرآن عند قراءته أو الاستماع له».
ويشهد شهر رمضان في مصر انتشار ظاهرة قراءة القرآن الكريم في المواصلات العامة وخلال السير بالشوارع في محاولة لختم المصحف الشريف قبل نهاية الشهر الكريم.
وقال د.محمد الراوي، أستاذ علوم القرآن الكريم بالأزهر الشريف، إن الله أمرنا بأن نتعامل مع القرآن الكريم عند قراءته بالتدبر والتعلم والعمل به وهو الأصل في التعامل مع كتاب الله.
وأضاف ان ما نراه من الكثيرين من الحرص على القراءة بهدف ختم القرآن في رمضان لدرجة أنهم يقرأونه في المواصلات أو الشارع أو في أماكن الزحام والانتظار، كل هذه «صور مرفوضة ومكروهة».
ورأى د.الراوي أن المسلم كي يتجنب الوقوع في مخالفة الأمر بتدبر القرآن عليه اختيار الوقت الذي يقرأ فيه، ويعلم أن المسألة ليست ختم القرآن بل الأمر يتطلب التدبر، فالقرآن يريد الإنسان الذي يشعر به ويعمل به ولا يحتاج لشخص يقرأه ويمر عليه مرور الكرام.
من جانبه، قال د.محمد رأفت عثمان، عضو مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر الشريف، إن العبرة في قراءة القرآن الكريم بتدبر معانيه ومعرفة الأحكام التي يمكن أن تستنبط منه أو واضحة فيه.
وأوضح أن القراءة لها ضوابط لابد أن تتحقق «فلا يكون من المقبول ما نراه من قراءة سريعة أو وسط الزحام أو في المواصلات لأنها لا تؤدي إلى تدبر معاني الآيات وهو ما يحمل شبهة كراهة».
وأشار د.رأفت عثمان إلى أنه لا يوجد في الشرع ما يدل على ختم القرآن الكريم مرة أو أكثر في شهر رمضان، كما لم يرد في السنة النبوية ذلك، وبالتالي فالإنسان له أن يقرأ ما يشاء لكن بطريقة عادية تساعده على فهم القرآن وتدبره دون تعجل في ختمه.
ويتفق في «كراهة» قراءة القرآن الكريم في المواصلات والزحام بما يحمله من عدم التدبر د.عبد المقصود باشا، الأستاذ بجامعة الأزهر، ويرى أن في هذا «مخالفة» لأمر الله للمسلمين بتدبر القرآن الكريم عند قراءته.
وأضاف د.باشا أن «قراءة بعض الآيات من القرآن بتمعن أفضل من مجرد القراءة السريعة بلا فهم، ولذلك نجد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يوصينا بأن معرفة أحدنا معنى آية خير له من الدنيا وما فيها، فليس المراد القراءة وحدها بل المراد الفقه والتأمل».
ولفت «باشا» إلى أن «الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لم يأمر بختم القرآن في رمضان وإنما أمر بقراءته بالتدبر، وفهم معانيه، فإذا لم يلتفت الإنسان لهذا في القرآن فبماذا استفاذ من القرآن؟!».
على الجانب الآخر رأى د.حسن الشافعي، مستشار شيخ الأزهر، أن قراءة القرآن الكريم في المواصلات «ما لم يكن فيها تظاهر أو إيذاء لبعض الركاب فهي عادة حسنة»، مشيرا إلى أن الذي أشاع ذلك في القاهرة هو الشيخ عبدالحليم محمود شيخ الأزهر الراحل.