القاهرة ـ علاء عبدالحميد
بعد ان انفردت «الأنباء» بإثارة قضية الطفلة المصرية فتحية ذات السنوات الـ 7 التي عذبها والدها كعقاب لها في واحدة من أسوأ حوادث العنف الاسري التي شهدتها البلاد قبل اسبوعين، تفاعلت قصتها على اعلى المستويات ولقيت اهتماما امنيا ورسميا وتحركت جهات كثيرة للوقوف بجانب الطفلة الصغيرة «فتحية» التي اودعت مستشفى العدان منذ حادثة الاعتداء عليها من قبل والدها (م.ب) الذي لايزال محتجزا على ذمة القضية.
والتقت «الأنباء» بوالدتها المقيمة بالقاهرة التي بدأت تروي وسط دموعها المنهمرة الحكاية، وتروي الام مروة محجوب (29 عاما) مأساة ابنتها الكبرى لـ «الأنباء» وتقول ان طليقها خدعها ونجح في إقناعها بأنه سيقوم برعايتها والإنفاق عليها لتكون في افضل حال، وتعهد قبل 4 اشهر بأن يعيدها للقرية دكتورة، وأفضل فتاة في البلد.
مصلحة ابنتي
وتضيف الام انها اضطرت للموافقة حرصا على مصلحة ومستقبل ابنتها، خصوصا انها قضت العام الاول الدراسي في الصف الاول مع عمها، وان «فتحية» وصلت الكويت نهاية شهر يونيو الماضي، لتنتظم في الدراسة بعد عيد الفطر مباشرة، وانها اتصلت بطليقها وردت عليها زوجته في اول وآخر مكالمة بينهما، وانها اوصتها بها وقامت بتحليفها بحسن رعايتها، خصوصا ان لديها طفلين هما شقيقا فتحية، وجاء ردها «ماتقلقيش سأعتبرها زي بنتي».
لكن ما الخلاف الذي ادى بحبيبة او فتحية لهذا المصير و«العلقة» التي نالتها، تقول الام ان فتحية فقدت «مسطرتها» في المدرسة، وقامت معلمتها بمنحها مسطرة بديلة، وحصل خلاف بسيط بينها وبين شقيقها الصغير على المسطرة، فنالت تلك العلقة الوحشية، وتضيف: انها في حالة انهيار منذ سماعها لنبأ احتجاز طفلتها في المستشفى، وتضيف: أتمنى أن أسافر لها فورا، ولكنهم أبلغوني في السفارة الكويتية بأن «حبيبة» ستعود بعد يومين، كما ان ممرضتها ابلغتني انها تحتاج لإجراء جراحة عاجلة في شبكية العين، وبدأنا الحوار مع الام التي كانت تغالب دموعها:
لم أفرط فيها
لماذا فرطت في ابنتك وتركتها لأم أخرى؟
لم أفرط فيها، ولكن والدها خدعني بأنها ستكون على ما يرام وفي افضل حال.
لكن تاريخكما معا لم يكن يبشر بهذا الحال، خصوصا ان هناك خلافات عديدة بينكما؟
هل يتصور احد ان يفعل احد بابنته مثلما فعل من ضرب وحشي وتعذيب بهذه الصورة؟ قلبي لم يكن مطمئنا طوال الاشهر الـ 4 الماضية، وكنت أتصل بها، وكان والدها يظل على السماعة الاخرى وهي المسكينة في بعض الاحيان لا ترد، او تتفوه بكلمات مقتضبة بسيطة عن تشاجر والدها معي لأني طوال الوقت كنت أناديها باسمها «حبيبة» وطلب والدها ان اناديها بالاسم الذي اختاره لها وهو «فتحية» على اسم والدته، وكنت فور ولادتها قد قمت باستخراج شهادة ميلاد لها باسم «حبيبة»، وهو الامر الذي لم يرق له، واصر على تغيير الاسم عنادا ونكاية فيّ وقام برفع دعوى قضائية لتغيير اسمها لتكون على اسم والدته، واصر على ان اناديها بهذا الاسم، وإلا فإنه لن يسمح لي بالحديث معها ثانية، كما اني لن اراها ثانية وسيحرمني منها اذا لم أنادها بفتحية.
نــدم
هل انت نادمة على ما حدث؟
بالتأكيد، ولكني لم أتخيل ان يعتدي عليها بالضرب بهذه الوحشية، التي تتضاءل امامها وحشية اشد الوحوش وحشية وضراوة.
مع من كانت تقيم «حبيبة» وهو الاسم المفضل لأمها، طوال السنوات الماضية؟
الانفصال بيني وبين والدها وقع عام 2001 وكنت صغيرة في السن ولم أتجاوز الـ 20 عاما، وكانت معي، وتزوجت بعدها في عام 2004، كما تزوج والدها في الفترة نفسها، من امرأة من بنها – قليوبية، وأنجب طفلين وأنجبت طفلة من زوجي الثاني، وهي «حنين» (3 سنوات)، وطبقا لقوانين الاحوال الشخصية ومحاكم الاسرة، آلت حضانة «حبيبة» لأمي، التي توفيت بعد ما يقرب من عام، فانتقلت لحضانة شقيقتي وهو امر غريب في قانون الاحوال الشخصية، كيف تؤول الحضانة لشقيقتي وانا على قيد الحياة؟ بينما والدها في الخارج؟ وفي هذه الاثناء قمت برفع دعوى قضائية ضده لإلزامه بالإنفاق عليها، وقضت المحكمة بـ 100 جنيه نفقة لم يكن يدفعها، وأعلن انه سيزيدها 15 جنيها كل عام، بالرغم من انه يعمل في الكويت منذ 25 عاما وميسور الحال، ولكنه العناد.
وبعدها في العام الاخير قضت «حبيبة» هذا العام مع عمها في مصر والتحقت بالصف الاول الدراسي، الى ان تمكن والدها من خداعي، وإقناعي بسفرها معه، ولم أكن أقرأ الأقدار او الغيب لأعلم ما سيحدث لها، واليوم تقدم جدها (والدي) الذي يعمل في وزارة الداخلية بطلب وإقرار يتعهد فيه بحضانة حفيدته، وانه سيقوم بتسلمها فور عودتها من الكويت.
وقدم هذا الاقرار للمسؤولين بالسفارة الكويتية في القاهرة، الذين عاملوني بشكل طيب، وقاموا بإبلاغنا بالنبأ، وطمأنتنا على احوال «حبيبة» وتحسن حالتها الصحية، وأبلغوني بعدم القلق لأنها في ايد امينة وتلقى الرعاية الصحية والطبية الكافية وهدأوا من روعي، خصوصا بعدما انهرت اكثر من مرة خلال المقابلة في السفارة.
ماذا تقولين لفتحية او حبيبة الآن وهي ترقد في المستشفى؟
سامحيني يا ابنتي، مش ها اسيبك ثانية، كنت أبحث عن مصلحتك ومستقبلا.
ولطليقك السابق؟
ربنا ينتقم منك، وأطالب السلطات الكويتية العادلة والمصرية بمحاكمته وتوقيع أقسى العقوبات عليه طبقا للقانون والشرع والدين.
هل تملكين نفقات استكمال علاج ابنتك في القاهرة؟
لا أملك، ولكني على استعداد لكي ابيع ملابسنا لتعود الينا «حبيبة» وتنهار «الأم» باكية وهي ترجونا ان تسافر لرؤية ابنتها فورا او تعود حبيبة لأحضانها ويعود لها اسمها «حبيبة» وليس فتحية.
مسكينة حبيبة، مأساة بكل المقاييس، ترى ماذا تخبئ الأيام لها من مآس وكوارث اخرى، خصوصا ان والدها قد يسجن ويتم ترحيله، ولكن بالتأكيد الجريمة التي ارتكبها يهتز لها الوجدان.