القاهرة ـ علاء عبدالحميد
المشهد الأخير في قصة «فتحية» أو «حبيبة» التي اعتدى عليها والدها بالضرب بوحشية شهده مطار القاهرة الدولي الجمعة الماضية.
وبالرغم من أن «فتحية» جاءت بمفردها من الكويت، وقام مندوب من العلاقات العامة بمطار القاهرة بتسليمها لجدها «سعيد محجوب» ليكفلها في حضانته، إلا أنها لم تعد خالية الوفاض، بعدما أنهى والدها رحلة أحلامها وطموحها ومستقبلها بالاعتداء عليها وتعذيبها بالضرب والكي في قضية أثارتها «الأنباء».
عادت ومعها حفنة من الأشعة والتقارير الطبية، عادت وهى خالية من صف أسنانها الأمامي الذي أطاره لها والدها، وترك على يدها وجسدها آثارا لا تنسي لفترات طويلة، إضافة لجروح نفسية غائرة بداخلها، بدلا من أن تعود «طبيبة» لقريتها بعد رحلة سفر دامت لما يقرب من 100 يوم فقط، وتجربة أليمة مع والدها.
المثير أن والد «فتحية» أو «حبيبة» كان حريصا على أن يكون في وداعها بالمطار لا لشيء إلا لإبلاغها رسالة محددة بأنه سيعود إليها ليأخذها مرة أخرى، كما توعدها وأمها بأنه سينال منهما إذا فتحت أي واحدة منهن فمها وذلك بدلا من أن يساعدها في إصلاح وعلاج ما أتلفه وأحرقه في جسدها النحيل الصغير.
في ذات الوقت كانت السفارة المصرية بالكويت تتابع طوال الساعات الماضية ترتيب إجراءات وصول فتحية أو «حبيبة»، وقام أحد أبرز العاملين بالسفارة المصرية وهو «محمود عليوة» بالاتصال بأم حبيبة «مروة محجوب» وجدها «سعيد محجوب» للتأكيد على أن تكون في كفالة جدها الذي قام بالتوقيع على إقرار تسلمها، والمثير أن والدها اتصل بأسرتها وأسرته، وقام بتهديدهم بانها ان راحت لأمها سيقوم باستعادتها مرة أخرى ويقوم بمقاضاتهم.
وبمجرد ان لمحت «مروة» ابنتها داخل صالة الوصول اخترقت الصفوف وأطاحت بجميع التعليمات الأمنية وضربت بالتحذيرات عرض الحائط، ودفعت أكثر من رجل شرطة وقامت باحتضانها وظلت تدور بها في أرجاء المطار وهي لا تصدق أن حبيبة أصبحت في أحضانها، وانهارت دموعها حتى أصيبت بإغماءة من كثرة البكاء وظلت تردد في هستيريا «سامحيني يا حبيبة، مش هسيبك»، الجملة الوحيدة التي نطقت بها «حبيبة»: «أنا كويسة يا ماما»، ولم تنطق بكلمات كثيرة بعدها، وكشفت لها يدها وظهرها وجسدها لتريها آثار الضرب والتعذيب الذي لاقته على يد والدها، وسرعان ما اكتشفت وجود شقيقتها الصغيرة «حنين» فسارعت لاحتضانها وتقبيلها واللعب معها وارتسمت على وجهها ابتسامة للمرة الاولى.
من حقيبتها الصغيرة أخرجت «حبيبة» قصاصات نشرتها «الأنباء» التي انفردت بمتابعة قصتها، حتى اطمأنت على وصولها لقريتها وبيتها الذي نشأت فيه، وقالت حبيبة إنهم في السفارة أعطوها قصاصات الجريدة وانها ستحتفظ بها.
وقال جدها إنه سيقدم ما نشرته «الأنباء» ضمن الدعوى التي سيقيمها ضد والدها لتكون وثيقة ومستندا على ما تعرضت له.
أما الأم «مروة محجوب» فأكدت أنها تشكر جميع من وقف بجوار ابنتها في رحلتها ومشوار الغربة، موضحة أن معلمة ابنتها التي كشفت الجريمة وأبلغت عنها اتصلت بها للاطمئنان على «حبيبة»، كما اتصلت بها الممرضة التي تولت علاجها وزوجها، وكثيرون هاتفوها طوال اليومين الماضيين للاطمئنان عليها، سواء من السفارة المصرية أو الجالية المصرية بالكويت.
وأضافت أن ابنتها أمامها مشوار طويل من العلاج النفسي، لعلاج التبول اللاإرادي الذي أصيبت به، إضافة لعلاج عينها، والجروح والحروق التي ألمت بها.
سألت «حبيبة»: «زعلانة من ماما»؟ فهزت رأسها بإيماءة نفي، وسألتها ما الذي تقوله لوالدها وبصوت خافت قالت «ربنا يسامحك يا بابا».
أما جد الصغيرة فتساءل عن أسباب إطلاق سراح والد «فتحية» حتى وإن كان ذلك على ذمة القضية، وتمنى أن يعود ليقتص منه هو وجميع أبناء القرية، ترى هل انتهت القضية عند هذا الحد؟