في الجنوب من تل أبيب وفي شارع تمت تسميته حديثا فيما لا يتجاوز الأسبوعين، وذلك قبالة شارع بوسيم، يمكنك أن تجد لافتة تحمل الاسم «شارع ريخوف الكويتيين» أي «شارع الإخوة الكويتيين».
ففي احدى زوايا الشارع توجد فيلا بيضاء حديثة وجميلة. وفي المقابل يتواجد مبنى سكني.
ولقد عبر العديد من السكان عن استيائهم لإطلاق اسم عربي على شارعهم، كما ظهر لهم.
ولكن بلدية تل أبيب على الرغم من إدراكها لذلك قامت بمنح ذلك الاسم للشارع.
ولقد عاش صالح وداود على مقربة من ذلك الشارع المسمى باسميهما وذلك عقب انضمامهما للهجرة الجماعية لليهود في عام 1951.
وكانت لهم حياة حافلة بلحظات النصر والبؤس.
فلقد كانوا «مسار فخر بغداد» وذلك وفقا لكلمات ابن صالح «شلومو» حين قال «إنهما يعتبران مؤسسي الموسيقي العراقية الحديثة.
ومع تأسيس الدولة اليهودية الجديدة تزايدت حدة العداء ضد اليهود ما حدا بهما إلى الرحيل باتجاه إسرائيل.
ويقول شلومو «لقد عانى والدي صدمتين: الصدمة الأولى، عندما لم يلق التقدير في عام 1951 نظرا لعدم تذوق الإسرائيليين للموسيقى الكويتية، فقد اعتبروها موسيقى من العدو وبناء على ذلك حكموا على موسيقاه بأن تبقى في إطار الغيتو.
وعوضا عن العزف في صلاة الموسيقى المحترمة اضطر والدي وأخوه إلى العزف في حفلات الزفاف والمناسبات العائلية أثناء تناول الطعام والشراب دون أن يصغي أحد لعزفهما».
»وجاءت الصدمة الثانية من داخل العراق. فشلومو يدعي أن ما يقرب من 90% من الموسيقى الشعبية العراقية الحديثة قد وضعها والده.
ولم تستطع الحكومة العراقية الجديدة أن تلغي هذه الموسيقى من ذاكرة الجماهير العراقية، لأن كل الناس كان قد أحبوها.
ولذلك اكتفت الحكومة العراقية بأن تطلق عليها الموسيقى العراقية التقليدية، وذلك دون ذكر اسم مؤلفها. بل إنهم أقحموا أسماء أشخاص آخرين ليحصلوا على هذا الشرف بدلا منه».
الجيل الجديد
توفي داود الكويتي في عام 1976، وتوفي أخوه صالح، وهو والد شلومو عن عمر يناهز 78 في عام 1986. وذلك بعد أن شعرا بكثير من المعاناة لدرجة أنهما منعا أبناءهما من تعلم الموسيقى، حتى لا يمرا بمثل ما عانيا منه.
ويقول شلومو: «كنا نريد أ ن نتعلم الموسيقى ولكنهما منعانا من ذلك». ولكن حاليا فإن حفيد داود، دودو، تمرد على هذا المنع. وأصبح دودو الآن وعمره 32 عاما يعزف الموسيقى. وكان قد ولد بعد 3 أشهر من وفاة داود.
في عامه الخامس عشر فقط بدأ يتعلم موسيقى جده، وكانت بالنسبة له شيئا مميزا بل بدأ يبتكر إضافات جديدة إليها والآن بدأ يعيد عزف ألحانهما بشكل أفضل بكثير.
ويقول دودو «هذه الأيام لا يزيد وقت أي أغنية على 4 دقائق بينما كانت الأغنيات التي قاما بتأليفها لأوقات أطول بكثير « وقد ألف دودو 3 أغنيات اعتمادا على هذه الوثيقة وينوي إصدار بكامله على نفس النهج.
ويقول شلومو ان هذه الموسيقى بدأت تحظى بكثير من الترحيب في الشرق الأوسط فقد أرسل عدة أقراص مضغوطة إلى لندن ومنها إلى العالم العربي.
وقد وجد الناس فيها ثورة موسيقية على نحو قوله بما تحتويه من ألحان تقليدية مستوحاة من التقاليد الكويتية الموسيقية. وذكر شلومو ان البعض أرسل له أكثر من 650 أغنية يقولون انها من تأليف والده وانه يحاول الاتصال بمجلس مدينة تل أبيب للحصول على التقدير الواجب لأعمال والده.
وقد نجم عن هذا إطلاق اسمه على أحد الشوارع الصغيرة في المدينة.
ويضيف شلومو أنه خلال الاحتفال بموسيقى والده اشتكى بعض الإسرائيليين منها وحاولوا منعها بدعوى أنها موسيقى عربية، ولكنه يعمل حاليا أن يفسر ويشرح مغزى هذه الموسيقى للإسرائيليين وذلك عن طريق بعض المنشورات الصغيرة.
وقد بدأ المخرج الإسرائيلي جيلي جاوون فيلما وثائقيا عن الموسيقيين الاثنين وأسماه «التقدير الضائع».
ويضيف دودو تاسا الحفيد أن عائلته لم تتغلب على خوفها من نبذ المجتمع الإسرائيلي لها.
ويقول «إن أمي هي مرآة لما كانا يفكران فيه وهي تقول انه لا يمكن كسب العيش من الموسيقى».
ويعترف دودو أن جده وأخاه لم يكونا ليحبا نوع الموسيقى والتي يعزفها حاليا ولكنه يضيف: «ولكن ربما هناك حكمة رمزية في تسميتي تيمنا باسم جدي وربما لا أملك خيارا إلا أن أكون موسيقيا مثله وهذا قدري».