مؤمن المصري
في حكم تاريخي غير مسبوق، برأت محكمة الجنايات أمس برئاسة المستشار محمد الخلف وأمانة سر أحمد علي جميع المتهمين في قضية «رفع القيود الأمنية» المتهم فيها ضابط أمن الدولة ع.ع وضابط الاستخبارات السابق م.ع بالتزوير وعرض وتلقي الرشوة لرفع القيد الأمني المفروض على بعض المشبوهين.
كما برأت المحكمة بقية المتهمين وعددهم خمسة (ثلاثة عراقيين هاربين واثنان من غير محددي الجنسية) من جميع التهم المسندة إليهم.
العصفور: أنحني احتراماً للمحكمة
وعقب صدور الحكم، صرح دفاع المتهم الأول المحــــامي علي العصفور لـ «الأنباء» بأنه ينحني احتراما وإجلالا للهيــــئة التي أصدرت هذا الحكم، معتبرا إياه نبراسا يهتدي به من يعتقد أن أحكام الإدانة من الممكن أن تصدر عن مجرد أقاويل تدور بين أفراد المجتمع، وأن الأحكام لا يمكن إلا أن تصدر وفق أدلة ثابتة وأركان جريمة واضحة.
وأضـــاف العصــفور أن الأحكام الجزائية كما هو معروف تبنى على الجزم واليقين ولا تبنى على الشك والتخمين، وهو الأمر الذي أكدته المحـــكمة في حيثيات حكمها الذي نعتبره من الأحكام التي تعطي دروسا في أبجـــديات القانون، وعبر العصفور عن امتنانه لكل من آزره في هذه الدعوى خصوصا أسرة مكتب الوقيان ـ العوضي ـ السيف.
ردود أفعال المحامين
كما علق دفاع المتهم الثاني المتمثل في المحاميين نواف ساري وعلي الرشيدي أن القضاء قد تفحص الأوراق ومحصها مرة بعد مرة، فتأكد له البراءة وأيقن قول الدفاع أن الأوراق خلت من ثمة دليل، وأن أدلة الإسناد منتفية بالأوراق، وأن الشك دائما وأبدا يفسر لمصلحة المتهمين، فإذا كان الشك يكفي لتحريك الاتهام إلا أنه لا يرقى إلى أدلة الإدانة.
وعبر المحاميان ساري والرشيدي عن كل الشكر والتقدير لقضائنا العادل الذي يسمي الأشياء بمسماها الصحيح ويضع العنوان الحقيقي لكل اتهام مهما كانت مسميات هذا الاتهام.
أما دفاع المتهم السادس المحامي يوسف العدواني فقال ان حكم البراءة جاء تأكيدا لنزاهة واستقلالية القضاء الكويتي العادل فهو الملاذ والحصن الحصين لجميع فئات المجتمع الحر.
حيثيات الحكم
وقالت المحكمة في حيثيات حكمها: وحيث انه باستعراض وقائع الدعوى وظروفها وملابساتها، فإن المحكمة ترى أن الاتهام المسند إلى المتهمين تحيط به من جوانبه جميعا ظلال كثيفة من الشكوك والريب بما لا تطمئن معه المحكمة إلى صحة الاتهام المسند إليهم، وآية ذلك أن الاتهام قد بني أساسا على ما أورده ضابط الواقعة بتحرياته وما قرره بالتحقيقات وأمام المحكمة من أنه: بتاريخ 19/8/2008 تم ضبط المتهم الثالث (عراقي) بعد دخوله للبلاد بصورة غير مشروعة بالرغم من وجود قيد أمني يمنعه من الدخول، وأن المتهم أقر أمامه أنه تمكن من دخول البلاد بعد أن تعهد بتقديم مبلغ 20 ألف دولار للمتهمين الأول والثاني بواسطة مواطنه المتهم الرابع (عراقي) وأن المتهم الثاني استقبله في منفذ العبدلي وسهل دخوله ثم نقله إلى منزله وتسلم منه المبلغ المتفق عليه، وأضاف ضابط الواقعة أنه قام بإحالة المتهم الثالث إلى إدارة الإبعاد والتي بدورها أبعدته عن البلاد.
المتهم الرئيسي
ولما كانت تلك الإجراءات التي قام بها ضابط الواقعة على النحو السالف بيانه بإبعاد المتهم الرئيسي وعدم تقديمه إلى النيابة العامة لمواجهته بالتهم المنسوبة إليه وسماع أقواله بشأن الواقعة يثير الشكوك والريب ويفتح الباب على مصراعيه للافتراضات أنه تم إبعاد المتهم الثالث عمدا بغية طمس حقائق يحتفظ بها المتهم ويدعو للريبة أن للواقعة صورة أخرى غير التي قال بها ضابط الواقعة قد أحجم عن ذكرها لإسباغ الصدق والشرعية على تحرياته وروايته ولا ينال من ذلك قول ضابط الواقعة انه تم إبعاد المتهم الثالث حفاظا على المصلحة العامة وحتى لا يتجاوز المدة القانونية للحجز وهو قول مردود عليه أن مصلحة العدالة تسمو فوق الجميع ولا يجوز إبعاد المتهم الرئيسي ومن يدور حوله الاتهام وجودا وعدما وهو الحلقة الرئيسية بين الاتهام وصلة المتهمين الأول والثاني به ثم الاستناد على أقواله وتقديمها كدليل أمام المحكمة والتي لا تطمئن إليها المحكمة ولا تأخذ بها لصدورها من شخص مجهول لم تتحقق من شخصيته ولم تسمع أقواله ولم تواجهه بما هو منسوب إليه.
شك في التحريات
كما أن القول انه تم إبعاد المتهم الثالث حتى لا تتجاوز مدة حجزه الفترة القانونية مردود عليه أن مراعاة الإجراءات القانونية يستوجب تقديم المتهم إلى النيابة العامة لمواجهته بما هو منسوب إليه وسماع أقواله حول الواقعة وعلاقته بباقي المتهمين لإبعاده عن وجه العدالة وحرمانها من التيقن من صحة روايته والتهم المنسوبة إليه، بل إن ذلك بفرض صحة تحريات ضابط الواقعة يثير شبهة تمكين متهم من الفرار.
كما أن المحكمة لا تطمئن إلى الأقوال والإقرارات المنسوبة للمتهمين بالتحقيقات والتي أنكرها المتهمون أمام المحكمة ودفعوا بوقوعها تحت الإكراه نظرا لظروف حجزهم في مبنى أمن الدولة أثناء التحقيق معهم بالنيابة العامة مما يضعف الأدلة ويشكك في صحتها بعد أن ران عليها الوهن وأصابها الضعف والتهافت وعدم التساند. مما يتعين القضاء ببراءة المتهمين مما أسند إليهم.