قال تقرير الشال الاقتصادي الاسبوعي حول الحكومة الجديدة رقم 27 انه كان بودنا ان نشارك المتفائلين بالتشكيل الحكومي الجديد ـ الوزارة الجديدة ـ تفاؤلهم، ولكن قراءة التشكيل الحكومي لا تسمح بالتفاؤل، والامل الوحيد فيها هو في احتمال بعض الاصلاح الجزئي من وزراء قليلين مختصين ومخلصين، ولكنهم سيعجزون عن التأثير في العمل الحكومي الجماعي او عمل الفريق، فالملامح العامة لقراءة فريق العمل الحكومي توحي ببعض التراجع، بدلا من بعض التقدم، على الاقل في المبادئ العامة التي بني عليها تشكيل فريق مجلس الوزراء الجديد.
نهاية المطاف
واوضح التقرير ان اول المبادئ انه ليس فريقا سياسيا ناتجا عن افرازات الانتخابات العامة، بمعنى انه ليس فريقا برلمانيا تحميه اغلبية وله برنامج معلن وتحسم انجازه في نهاية المطاف صناديق الاقتراع، اسوة بالادارات الديموقراطية في العالم كلها، وثاني المبادئ تضييق دائرة الاختيار، بدلا من توسعتها فيما لو استبدلنا مبدأ الحكومة السياسية بمبدأ الحكومة المحترفة، فقد زاد التركيز على مرشحي الاسرة، وتحديدا فرعين منها لتولي 4 من 5 مناصب رئيسة في الحكومة، وبدلا 3 من 4 في الحكومة السابقة، واثنين من ثلاثة في حكومة ما بعد التحرير، وثالث المبادئ المهملة هو عدم احترام الاختصاص حتى ضمن نطاق الاختيار الضيق، فنائب رئيس الوزراء للشؤون السياسية ـ وزير الخارجية ـ تخصصه اقتصاد، ونائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية تخصصه سياسة، ووزارة النفط وهي الوزارة الاهم والاكثر خصوصية، مازالت وزارة هامشية وزيرها بوزارتين ومازالت منذ التحرير، شغلتها كل الاختصاصات الاخرى المحترمة، وبلغ عدد وزرائها 12 وزيرا، ولكنها لم تحظ بوزير محترف بشؤون النفط او الإدارة النفطية، وحتى المرأة التي فازت بأربعة مقاعد نيابية مقابل لا شيء قبل سنة واحدة بما يعكس مزاجا انتخابيا مواتيا لدعم مساهمتها السياسية، اختصر نصيبها الى النصف، وهو المبدأ المهم الرابع الذي أهمل في التشكيل الحكومي.
وأشار التقرير الى انه عندما نخالف المبادئ العامة للتشكيل الصحيح للإدارة وهي أهم عوامل النجاح والفشل، يصبح التفاؤل حراكا عاطفيا مكلفا لا يؤدي سوى الى مزيد من الإحباط، وما أغفل في التشكيل العام انعكس على تشكيل الفريق الاقتصادي. فالخلاف ضمن الفريق الاقتصادي الأميركي بين برنانكي وبولسون في سبتمبر الفائت، والاثنان مختصان ولكن من مدرستين فكريتين مختلفتين، أدى الى تعميق تكاليف الأزمة المالية الحالية.
سجل غير مشجع
وفي دول العالم كلها لا يدير الاقتصاد سوى مختصين، وقد ذكرنا ان رئيس الفريق الاقتصادي غير مختص، وسجل خبرته وانجازاته غير مشجع في كل من الرياضة والإعلام والنفط والكهرباء والماء. وكان من الأفضل عدم تسلمه منصب نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية رغم مطالبتنا السابقة به اذا كان الاختصاص لم يحترم، فلا يمكن علاج مريض الأسنان عند ميكانيكي أو إصلاح سيارة لدى طبيب أسنان، لمجرد ان كليهما ـ المريض والسيارة ــ يفتحان الجزء الأمامي لديهما، أي الفم وغطاء الماكينة، عند العلاج أو الإصلاح. والفريق الاقتصادي الرئيسي المكون من أربعة، المالية والنفط والتجارة والصناعة والإسكان والتنمية الإدارية، لا ينتمون الى مدرسة واحدة أو حتى متقاربة، ومعه لا يمكننا ان نقول ان لدينا فريقا اقتصاديا رغم الأهمية البالغة للاقتصاد في المرحلة القادمة.
تغيير جوهري
وبشكــل عــام، عنـدما تكــون الســلطة التنفيذية هي أكثر السلطات أهمية على الإطلاق، وعندما يكون هناك شبه اجماع على أنها فشلت في أسلوب إدارتــها للبلد، وتحتاج الى تغيير جوهري للنهج، ثم لا ترتقـــي في تشكيلها بما يمكن ان يعطي بارقة أمل لتغيير النهج، لا نستطيع التفاؤل، حتى لو رغبنا. فهي، خلافا لكل ديموقراطيات العالم الناجحة، لا تأتي نتيجـــة افراز الانتخابات النيابية، وبدلا من التخلص من المحاصصة في التشكيل، تزيد من جرعتها وتكـــافئ افرادها بمناصب إدارة الدولة وتــــوزع الباقي مناطقيا وطائفيا وقبلــــيا، ولا تحترم الاختصاص ولا حتى المــــزاج العام لدعم المرأة، ولن يحسب لها أو يؤثر جـــــوهريا في ادائها تطعيمها ببعض المتخصصين أو الكفاءات لأنـــــهم سيضيعون في زحــــمة المحاصصة وغياب الاختصاص لدى الفريق الحكومي، معظمه.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )