رغم أن القانون المصري لا يعترف بالدية كأساس للصلح في جرائم الدم، إلا أن تقارير صحافية رددت أن رجل الأعمال المصري هشام طلعت مصطفى المحكوم عليه بالإعدام عرض 700 مليون دولار على أهل القتيلة سوزان تميم من أجل تخفيف الحكم.
وذكرت صحيفة المصري في عددها أمس أن مفاوضات مكثفة بين محامين لرجل الأعمال المصري، وأهل القتيلة لعرض الدية من أجل تخفيف حكم الإعدام الصادر بحق كل من هشام ومحسن السكري بعد أن أدانتهما محكمة مصرية.
وقالت مصادر في شركة هشام طلعت إن المفاوضات تتم مع والدها وأحد العاملين في مكتب هشام طلعت في بيروت، وإن هناك مفاوضات أيضا تتم عن طريق محاميتها كلارا إلياس.
ويتردد أن هناك «وسيطة» في الواقعة تمتلك إحدى المحطات الفضائية، خاصة بعد ما ردده والدها من أن هناك أدلة جديدة في القضية يمتلكها وأنه سوف يقدمها في الوقت المناسب.
وفي الوقت الذي نفى فيه بهاء الدين أبو شقة المحامي الجديد لطلعت مصطفى معرفته بوجود مفاوضات أو عرض مبلغ 700 مليون دولار على أهل القتيلة، قال إن الكلام عن الدية أو الصلح كان من اليوم الأول ـ طبقا لنص المادة 2 من الدستور التي تنص على أن الشريعة الإسلامية مصدر التشريع ـ شأنها شأن أي جريمة، وهو اعتداء على حق المجتمع، والصلح فيها لا يلزم المحكمة.
وأضاف أن رأي الشرع والمفتي يمتنع معه القصاص في حالة الصلح، وأن الصلح في القانون المصري في جرائم الدم لا يمنع حق المجتمع، فإن الصلح ـ أيا كان ـ من شأنه أن يريح ضمير المحكمة ولو عرض على المفتي فإنه يأخذ بقواعد الشريعة في مثل هذا الموضوع بأن «حق الفرد» يغلب على «حق الرب».
ويرى المحامي الجديد أن الوصول إلى الصلح لا يلزم جهة التحقيق بتخفيف العقوبة، وأن الحكم الشرعي يرفض عقوبة الإعدام في حالة وجود الصلح.
الصلح يخاطب وجدان القاضي
وقال المحامي أبو شقة: إن الصلح في جرائم الدم يخاطب ضمير القاضي، كما أنه يريح ضمير القاضي، خاصة أنني سمعت أن والد سوزان تميم يتحدث إلى الفضائيات، ويقول إنه يمتلك أدلة جديدة في القضية لصالح هشام.
وأوضح أبو شقة أن محكمة النقض هي محكمة قانون ولا تنظر إلى الموضوع، وما يجب وضعه في الحسبان أن القاضي بشر، وعند عرض الصلح عليه تكون المخاطبة لوجدان القاضي وضميره، وأن الحديث عن الصلح أو العفو كان واضحا وأن هذا لا يمنع ـ قانونا ـ الحكم بأقسى عقوبة وليس ملزما للمحكمة.
وأشار إلى أن نظرة محكمة النقض لعقوبة الإعدام هي «نظرة قانونية»، خاصة في ظل عدم مواءمة العقوبة.
وضرب المحامي نموذجا بقضية استطاع فيها الصلح تخفيف حكم الإعدام في مصر، وقال إنه في المنيا (جنوب مصر) منذ عامين تولى الدفاع في قضية بعد صدور قرار الإحالة لعدد من المتهمين في واقعة قتل عمد إلى المفتي، فنصح أهالي المتهمين بالصلح، وتم الصلح وقدم طلب رأى المفتي في هذه الواقعة الذي أقر أنه لا يجوز القصاص في حالة الصلح، وانتهت المحكمة إلى معاقبة المتهمين بالسجن 7 سنوات.
الاستفادة من الصلح بشروط
من جانبه، قال الدكتور محمد نور فرحات، أستاذ فلسفة القانون، إن القانون المصري لا يعرف الدية، وإن أحكام الشريعة الإسلامية لا تطبق في مصر إلا في الأحوال الشخصية، أما في وقائع القتل العمد فلا يطبق عليها نظام الدية، وإنما يطبق في واقعة القتل الخطأ، كما أن الشريعة الإسلامية تنص على أن ولي الدم له أن يعفو، وقد تكون العقوبة دون الدية على سبيل العرف.
وأوضح أن التصالح أو عفو ولي الدم لا يستفيد منه هشام إلا بعد إعادة القضية لدائرة جنايات أخرى، لأنه لا تأثير على الناحية القانونية، وإنما تؤثر على المفتي عند إحالة الأوراق إليه في المرة الثانية لإبداء رأيه في النظر بالإعدام للمرة الثانية، فإذا وجد أمامه عفوا فإنه لا يجوز أن يصدر رأيا بالإعدام رغم كون رأي المفتي استرشاديا، وأن دفعه أي مبالغ مالية يعد اعترافا منه بواقعة التحريض على القتل.