اطول كسوف للشمس في القرن الحادي والعشرين سيغرق في الظلمة الصين والهند غدا وهما اكثر دول العالم اكتظاظا بالسكان حيث تثير هذه الظاهرة حماسة كبيرة ولن تشهده من الدول العربية إلا سلطنة عمان.
ويعتبر عالم فيزياء الفلك الاميركي فريد اسبيناك ان كسوف الشمس هذا سيكون «هائلا» وسيتمكن ملياران من سكان الارض من متابعته وهو رقم قياسي في تاريخ البشرية.
فاعتبارا من الساعة 00.53 بتوقيت الهند سيحل الليل بعد بزوغ الفجر في ولاية غوجارات (غرب) ومن ثم داخل ممر يمتد على طول 15 الف كيلومتر وعرض 200 كيلومتر ويمر عبر الهند والنيبال وبوتان وبنغلادش وبورما والصين وصولا الى جزر ريوكي اليابانية جنوبا.
ويقول فيديريكو بروغماير مدير وكالة سفريات المانية متخصصة «اكليبس سيتي» الذي توجه الى شنغهاي (شرق الصين) للمناسبة «هذا اطول كسوف للشمس في هذا القرن. لن يعيش اي منا فترة كافية ليرى كسوفا مثله».
وسيحجب القمر نور الشمس كليا مدة ست دقائق و39 ثانية في منطقة غير مأهولة كثيرا في المحيط الهادئ وهي مدة قياسية لن تحطم قبل العام 2132. وستكون فترة الظلمة اقل في الهند (3 الى 4 دقائق) وفي شنغهاي (خمس دقائق تقريبا).
وحفز سادس كسوف كامل للشمس خلال القرن الحالي النشاط التجاري والسياحي في الشرق الاقصى وهو منطقة جغرافية مثالية لمراقبة هذه الظاهرة الفلكية.
وقال متنزه شنغهاي للنحت وهو افضل مركز مراقبة في المدينة انه باع الفي بطاقة دخول لهذا الموعد مع نظارات خاصة وقمصان قطنية تخلد المناسبة. وقد حجزت غرف الفنادق منذ اشهر من قبل الاف الصينيين واليابانيين والاميركيين والاوروبيين.
وبينما يتحدث الكهنة الهندوس عن معتقدات أسطورية بان الكسوف يشي بسوء الطالع والاضطراب فان العلماء ينظمون ورش العمل ويبعثون بها الى المناطق الريفية ومعها متخصصون في الكسوف لتبديد المخاوف التقليدية.
وربما لا يكون ثمة بلد يجمع بين المتناقضات مثل الايمان الاعمي والعلم مثل الهند. فالحضارة الهندية القديمة التي تعتبر الشمس والقمر إلهين، بنت مجتمعا شديد الخرافة. وفي نفس الوقت صارت الهند بين قلة من الامم ارتادت الفضاء وصارت تطلق الصواريخ والأقمار الصناعية بشكل روتيني.
وسيطبق الصمت الرهيب غدا الأربعاء على غالبية المدن والقرى الهندية وستغلق المعابد أبوابها وسيبقى قسم كبير من السكان داخل البيوت لتحاشي الكسوف تطبيقا للخرافات.وبحسب أساطير هندوسية فإن الكسوف يمثل محاولة الشرير «راهو» ابتلاع الشمس بحسب افاديش كومار باندي رئيس الكهنة بمعبد لاكسميناريان الشعبي في دلهي.
وبينما سيحدق الفلكيون وهواة الفلك في السماء أثناء الكسوف الكلي للشمس في شرق الصين فإن مجموعة واحدة على الأقل من الزوار والحراس ورواد حديقة الحيوان في مدينة شانجزو وهي واحدة من أفضل الأماكن لرؤية الكشوف الكلي، سينظرون عبر العتمة القصيرة إلى الحيوانات الأسيرة الفيلة والقرود وغيرها من الحيوانات التي يسهل السيطرة عليها لتسجيل رد فعل الحيوانات على التغييرات المزعجة في الضوء ودرجة الحرارة أثناء الكسوف. وستدور معركة غير معلنة بين المنجمين ورجال الدين والعلماء في ظل بزوغ الهند كقوة علمية، وسيكون مركز المراقبة في شانجزو واحدا من عشرات المراكز في الصين والتي ستتابع الكسوف الشمسي. ومن المتوقع ان يشاهد مئات الملايين من الأشخاص كسوف الشمس عبر الصين.