مؤمن المصري
قضت الدائرة الجزائية بمحكمة التمييز برئاسة المستشار محمد دياب وعضوية المستشارين جاب الله محمد، علي الصادق، يحيى خليفة وحسين الجيزاوي في حضور أمين السر سعود الحجنوني بقبول الطعن المرفوع من الطاعنين وبتمييز الحكم المطعون فيه وفي موضوع الاستئناف بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في دعوى جنح صحافة أخرى.
وتخلص واقعة الدعوى في أن النيابة العامة أسندت لأحد رؤساء التحرير ومحرر بجريدته أنهما أخلا بوسيلة من وسائل العلانية (النشر) بالاحترام الواجب لأحد أعضاء النيابة العامة وذلك على نحو يشكك في نزاهته واهتمامه بعمله، حيث نشرا بالجريدة المذكورة تحقيقا صحافيا تضمن عبارات تمس سمعة وكرامة المجني عليه.
وقد قضت محكمة الجنايات بتغريم كل من المحرر ورئيس التحرير ثلاثة آلاف دينار. استأنف المتهمان الحكم فقضت محكمة الاستئناف أولا: برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في دعوى أخرى (12/2008 جنح صحافة) وبجواز نظرها، ثانيا: برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، فطعن رئيس التحرير والمحرر على الحكم أمام محكمة التمييز التي قضت بحكمها المتقدم، وقالت المحكمة في حيثيات حكمها:
ومن حيث ان الحكم المطعون فيه عرض لدفع الطاعنين بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها واطرحه بقوله: ولما كان البين من مطالعة الحكم في الدعوى رقم 12/2008 جنح صحافة أن تلك الدعوى أقيمت بناء على شكوى من مجني عليهما أخريين بوصف أن المتهمين في الدعوى الماثلة قذفا في حقهما في ذات المقال المبين بتقرير الاتهام أمورا لو كانت صادقة لأوجبت معاقبتهما واحتقارهما بين مخالطيهم والمساس بكرامتهما بينما الشاكي في الدعوى الماثلة هو مجني عليه آخر نسب إليه المقال أمورا تمس كرامته ونزاهته، ومن ثم فإنه وإن اتحد المقال موضوع الاتهام في الدعويين، إلا أنه تعلق حق مستقل لكل شخص يرى أن المقال تضمن أمورا ومفردات تسيء إليه وتمس كرامته.
وعليه ولما كان المجني عليهما في الدعوى 12/2008 هما زوجة المتهم وشقيقتها اللتان أقامتا تلك الدعوى ضد المتهمين عما نسب إليهما المقال من وقائع الزنا والسرقة بينما الدعوى الماثلة أقامها أحد وكلاء النيابة العامة مختصا بتحقيق جريمة لما تضمنه ذات المقال من وقائع تمس كرامته ونزاهته وسمعته، وهو ما ترى معه المحكمة اختلاف الدعوى الماثلة عن الدعوى السابقة 12/2008 من حيث الخصوم والموضوع والسبب بما يضحى معه هذا الدفع غير سديد ترفضه المحكمة.
لما كان ذلك، وكان النص في الفقرة الأولى من المادة 184 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية على أن: «متى صدر حكم في موضوع الدعوى الجزائية بالبراءة أو بالإدانة بالنسبة إلى متهم معين، فإنه لا يجوز بعد ذلك أن ترفع دعوى جزائية أخرى ضد هذا المتهم عن نفس الأفعال أو الوقائع التي صدر بشأنها الحكم ولو أعطي لها وصف آخر..»، مؤداه: حظر محاكمة المتهم عن الفعل ذاته مرتين، وكان القول بوحدة الجريمة أو بتعددها هو من التكييف القانوني الذي يخضع لرقابة محكمة التمييز.
وكان الثابت مما تقدم أن فعل النشر، التحقيق الصحافي، وعدد الجريدة المنشور فيها التحقيق، المسند إلى الطاعنين في الدعوى المشار إليها، هو الفعل ذاته المسند إليهما في الطعن الماثل، بما لا يجوز معه محاكمتهما عنه مرتين، ولا يغير من ذلك اختلاف المجني عليهما في الدعوى السابقة عن المجني عليه في الدعوى الراهنة.
ومادام أن التحقيق الصحافي موضوع النشر المسند إلى الطاعنين في كلتا الدعويين واحد وقد سبق أن حوكما عنه، فإنه لا يجوز بعد ذلك أن ترفع عنه دعوى جزائية أخرى ضدهما ولو أعطي لها وصف آخر.