انه بالضبط نفس الموقف الذي كان يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يفعل شيئا من الماضي: فدولتان من أعضاء الاتحاد تتعاركان على وضع الأقلية العرقية لأمة واحدة عبر الحدود التي من الناحية النظرية لا توجد الا على الورق الآن.
ومع ذلك فقد وصل التوتر السياسي بين المجر وسلوڤاكيا في أغسطس من العام الحالي إلى حد أن الرئيس المجري لاسلو سوليوم رفض في الواقع منح تأشيرات دخول لجيران بلاده الشماليين. وقد تطلب الأمر وساطة دولية وقمة على مستوى رؤساء الوزراء للوصول الى هدنة ديبلوماسية.
كان سوليوم يعتزم القيام بزيارة خاصة لحضور حفل إزاحة الستار عن تمثال يانت ستيفان اول ملك للمجر في العصور الوسطي في بلدة كومارنو السلوڤاكية.
وعلى غرار بلدات عديدة في جنوب سلوڤاكيا فان غالبية سكان كومارنو الذين يتصلون بالمجر عبر جسر يمر فوق نهر الدانوب من اصل مجري.
ومع ذلك فقد وصفت الحكومة السلوڤاكية الزيارة بأنها «استفزازية» وفي يوم الزيارة التي تحدد لها 21 أغسطس تم إرسال بيان ديبلوماسي يرفض دخول سوليوم على أساس أن زيارته تشكل «خطرا أمنيا».
وسار سوليوم وموكبه الى منتصف الجسر قبل ان يديروا ظهورهم لسلوڤاكيا ويعودوا أدراجهم إلى المجر.
وصرح ماريك ريبار استاذ العلوم السياسية بجامعة كومينيوس في براتسيلافا قائلا ان العداء بين المجر وسلوڤاكيا له جذور تاريخية عميقة.
وأضاف ريبار «على عكس العلاقات الدرامية بين فرنسا وألمانيا اللتين خاضتا عدة حروب لكنهما توصلتا الى مصالحة بعد الحرب العالمية الثانية فإن سلوڤاكيا والمجر لم تتصالحا على الإطلاق».
وأضاف قائلا «في هذه المنطقة هناك عدد من اللاعبين الذين استفادوا من هذه القضية»، ومن بين هؤلاء أحزاب قومية على جانبي الحدود. ويتردد ان الحزب القومي السلوڤاكي اليميني بقيادة جان سلوتا تحدث ذات مرة عن «تسوية بودابست» بالدبابات.
وقد فاز هذا الحزب بـ 20 مقعدا من مجموع مقاعد البرلمان السلوڤاكي وعددها 150 مقعدا في انتخابات عام 2006 وشكل ائتلافا حكوميا غير معقول مع حزب سمير المنتمي لاتجاه يسار الوسط، ومن ثم بدأت العلاقات بين بودابست وبراتيسلافا في التدهور.
ويعود حزب جوبيك المجري الذي فاز بنحو 15% من الأصوات في الانتخابات الأوروبية في يونيو، إلى عام 1921 والتسويات «المخجلة» بعد الحرب التي شهدت تخلي المجر عن ثلثي أراضيها. وفي نوفمبر عام 2008 دفع تدخل الشرطة ضد مشجعي كرة القدم المجريين في بلدة دونايسكا ستريدا التي يزعم البعض أنه تضمن إجراءات عنيفة، الجماعات اليمينية لإحراق العلم السلوڤاكي خارج سفارة البلاد في بودابست.
ثم في مارس تم تعديل قانون اللغة في سلوڤاكيا بطريقة جعلت قسما كبيرا من المواطنين من أصل مجرى يشكلون نحو 10% من سكان سلوڤاكيا البالغ عددهم نحو 5 ملايين يشكون من أنها محاولة للقمع الثقافي، وأدى تنفيذ القانون الى احتجاجات واسعة.
وعلى الرغم من ان الحكومة السلوڤاكية أكدت أنها تستهدف وحسب حماية اللغة السلوڤاكية فإن كثيرا من المجريين يخشون من ان يستخدم القانون لفرض غرامات على المواطنين من أصل مجري عند تحدثهم بلغتهم الأم في حياتهم اليومية. وفي حين رفضت سلوڤاكيا بشدة تعديل القانون فإنها وافقت على الا تنفذه قبل يناير 2010 ثم شددته ليتواءم مع توصيات من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا. وشبه باجناي الذي كان يتحدث بعد القمة في سبتمبر الخلاف الديبلوماسي بين بلاده وجارتها الشمالية الصغيرة بأنه «مثل طفلين يتشاجران على الرمال». وقال بيتور كازانسكي وهو باحث بمركز الدراسات السياسية الأوروبية ومقره بروكسل إن الأمر أكثر خطورة من هذا كما انه لم ينته بعد. وأضاف كازانسكي «إذا تشاجر طفلان على الرمال فإن أسوأ شيء يمكن ان يحدث هو ان يبدأ احدهما في البكاء». وأعرب عن اعتقاده بغياب الإرادة السياسية في بروكسل للتدخل في القضية حيث تحاشتها الشخصيات ذات النفوذ مثل المستشارة الالمانية انجيلا ميركل والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي خلال زياراتهما الرسمية.