«لا صوت يعلو فوق صوت الشعب».. ومصر هي النموذج الأحدث، فأمام استمرار المظاهرات المليونية والضغوط المتصاعدة التي فرضتها على عصب الدولة وحياة الناس، وفي ظل حياد الجيش وتشتت الشرطة، وعدم إصغاء المواطنين المصريين لنداءاته ونداءات نائبه عمر سليمان، لم يجد الرئيس محمد حسني مبارك خيارا إلا مغادرة السلطة، ومعه اللواء عمر سليمان حيث نقل الرئيس صلاحياته الى المجلس الأعلى للقوات المسلحة برئاسة وزير الدفاع المشير محمد حسين طنطاوي.
تساؤلات كثيرة طرحها المشهد الذي نقلته الفضائيات من أرض مصر للعالم وموقف الحشود المهللة لمغادرة الرئيس، أبرزها عما إذا كان هذا الرجل فعلا يستحق أن تكون نهاية حكمه بهذا القدر من الدراماتيكية.
مصر، كغيرها من الدول النامية فيها ما فيها من مظاهر الفساد والظلم والتعذيب والضيق بالديموقراطية، لكن لا يبدو ان الرئيس مبارك قد تركها على قدر من السوء الذي يبرر مسح المحطات المضيئة في مسيرة الرئيس مبارك، الذي كان نموذجا للرجل الشجاع والحكيم في كثير من المواقف التاريخية.
من حق الشعب المصري أن يقرر مصيره بنفسه ويطالب بحقوقه المشروعة، وقد قدم شباب مصر نموذجا للشباب النابض الحي القادر على فرض كلمته وإعلاء صوت الشرعية الشعبية على صوت الشرعية الدستورية المشوهة والمزورة في جزء كبير منها.
أمام هذا الوضع الذي فرضه يوم جمعة من المظاهرات الحاشدة في مختلف المدن لاسيما القاهرة والإسكندرية والتي تضمنت محاصرة شعبية لمقار رئاسته، تكون مصر قد دخلت مرحلة انتقالية مهمة.
وتوجهت الأنظار أمس الى القرارات الأولى للمجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي حيا الرئيس السابق حسني مبارك وحيا أرواح الشهداء وأكد ان الجيش لن يكون بديلا عن الشرعية التي يرتضيها الشعب، وأن المجلس الأعلى للقوات المسلحة سيتخذ تباعا القرارات اللازمة بشأن السلطة انطلاقا من الصلاحيات المفوضة إليه.
ونقلت محطة «العربية» أن هذه القرارات ستتضمن إقالة حكومة أحمد شفيق وحلا لمجلسي الشعب والشورى ومشاركة رئيس المحكمة الدستورية العليا في الحكم، تمهيدا لتشكيل حكومة انتقالية تحضر لدستور جديد وانتخابات رئاسية ونيابية نزيهة وحرة.
غالي أول مسؤول سابق يغادر مصر
غادر القاهرة أمس د.يوسف بطرس غالي وزير المالية المصري السابق متوجها إلى بيروت، كأول مسؤول سابق يغادر البلاد بعد قرارات منع سفر عدد من الوزراء السابقين. وأنهى غالي إجراءات سفره على رحلة طيران الشرق الأوسط المتجهة إلى بيروت برفقة زوجته حيث انتظر في صالة كبار الزوار. وقامت إحدى الجهات الأمنية العاملة بمطار القاهرة بمراجعة جواز سفر الوزير قبل السماح له بالمغادرة.
فاروق حسني: ثروتي لا تتجاوز المليون دولار
نفى الفنان فاروق حسني وزير الثقافة السابق ما تردد عن حجم ثروته، وقال «إنها لا تتجاوز المليون دولار» مؤكدا أنها كلها موضوعة كوقف خاص لتجهيز المنزل الذي يعيش فيه حاليا بالمنيب ليصبح متحفا قوميا كأقل هدية يقدمها للشعب المصري العظيم، موضحا أنه أعلن عن قرار تبرعه بالمنزل وبكل ثروته على شاشات الفضائيات وللإعلان لصالح مصر قبل انطلاق ثورة الشباب العظيمة يوم 25 يناير.
ردود فعل
البرادعي وموسى ونور: في أول رد فعل له على تنحي الرئيس قال المعارض محمد البرادعي إن ما حصل «يوم عظيم في تاريخ المصريين» معلنا أنه لن يترشح للرئاسة.
بالمقابل وفي خطوة عززت نظرية ترشح الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى للرئاسة المصرية أعلن موسى أمس عن اعتزامه ترك منصبه. وقال موسى في تصريح لقناة النيل للأخبار: «سأترك جامعة الدول العربية خلال أسابيع»، وأضاف «ما حدث في مصر ثورة بيضاء تمثل تطورا في تاريخ مصر».
أما المعارض أيمن نور فأكد أن الجيش يعي مهمته في الحفاظ على الوضع حتى إقامة حكم مدني، معتبرا بدوره ـ على غرار البرادعي ـ أن رحيل مبارك «يوم عظيم في تاريخ مصر».
الإخوان يحيون الجيش: في أول رد فعل للإخوان المسلمين قال القيادي في الجماعة د.عصام العريان إن الجماعة تحيي الجيش الذي أوفى بعهده بالوقوف مع حقوق الشعب.