فهل نتعظ؟
«إخواني وأبناء وطني،
إنني إذ أتحدث إليكم اليوم بما يختلج في نفسي حول ما نريده لبلدنا العزيز،
فإنني أدعو السلطتين التشريعية والتنفيذية إلى العمل معا يدا واحدة من أجل الكويت، لنجعل غدنا أكثر ازدهارا من حاضرنا، وأن يزيدنا هذا التعاون قوة وصلابة، لأن قوة الوطن تقاس بقدرة أفراده على العمل وتعاونهم في السراء والضراء من أجل المحافظة عليه ورفعة شأنه، لتظل الكويت دائما دار أمن وأمان لمن يعيش على أرضها الطيبة من أبنائها والمقيمين عليها.
اللهم أدم علينا نعمة وحدتنا الوطنية فلا تمزقنا الاختلافات، ونعمة المودة والتواصل فلا تدمرنا الخصومات، ونعمة الاتفاق على تنمية الوطن وازدهاره فلا تعوقنا الأهواء والاتجاهات».
مرة أخرى يُفصِّل صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، حفظه الله، خريطة النهوض بالكويت وإعلاء شأن أهلها.
وجاء خطاب العشر الأواخر - وهي سنّة مباركة - ليتجاوز إطاره الروحاني، ويغوص في أعماق معوقات تنمية الكويت وازدهارها، ووضح صاحب السمو الأمير، رعاه الله، أسباب الوضع الكويتي الذي يُراوح مكانه، ولم يكتف سموه بذلك، بل وجّه دفة سفينة الكويت لتخترق أمواج المراوحة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والإعلامية.
فأول سبيل إلى ذلك العودة إلى احترام وتفعيل الحدود المعمول بها دستوريا، وعدم تدخل - إن لم نقل تعدي - السلطات في الاختصاص الدستوري لبعضها البعض، وبالأخص السلطتان التشريعية والتنفيذية.
ومن هذا المنطلق توضع أسس التعاون الحقيقي بين السلطتين للإبحار بسفينة الكويت إلى أفق النهضة التي نملك مقوماتها، لكننا أضعنا فرص النهوض بكويتنا بسبب التجاذب الذي أصبح السمة الواضحة في كل المشاريع والقوانين التي تعيد للكويت وهجها كدرة للخليج ورائدة في التنمية.
الانطلاق بالكويت إلى مكانتها الحقيقية والمستحقة يحتاج إلى تعاون الجميع، والإخلاص في ذلك، لتحقيق غايتنا الكبرى في علو شأن ديرتنا، والحفاظ على ما أنعم به الله، سبحانه، من نعم كثيرة على أهلها، وعلى المقيمين على أرضها المباركة.
التعاون هذا يجب ألا تحكمه الأهواء والحكم على النوايا، بل إحسان الظن بالآخرين، فذلك من أسس ديننا الحنيف، ومقوم رئيس في كسب الثقة والحفاظ عليها. والتعاون لا يضع منهجية استباق الاختلاف قبل الاتفاق، وحشد ما أمكن لتأصيل الاختلاف وتطويره إلى خلاف.
أفلا ننظر إلى تجربتنا في الاحتلال العراقي الآثم، والذي لولا نبذُنا لكل خلافاتنا واختلافاتنا لما كنا اليوم نهنأ بنعمة الكويت؟! وألا نعتبر من أحوال الدول التي مزقتها وتمزقها الاختلافات والخلافات؟!
الحكماء في أي مجتمع لا يتعاملون مـع الأحداث بـسلبية، ولا ينتظرون نتائج تفاقم الأمور، بل حلها بجذرية وعدم إفساح المجال لعودتها أو تكرارها.
وخطاب حكيم الكويت وأميرها في العشر الأواخر، يحمل هذه الرسالة الواضحة، فهل نتعظ؟!
الصفحة الأولى في ملف ( pdf )