جاءت زيارة صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الى واشنطن أمس الأول لتؤكد العناوين العريضة لسياسة دولة الكويت، خاصة لجهة استمرار الحلف الاستراتيجي الوثيق والشراكة مع الولايات المتحدة وشعبها الصديق لما يوفره ذلك من ضمانة للكويت في ظل ما تشهده المنطقة من اضطرابات وتوترات مستمرة.
ويأتي هذا التأكيد ردا قاطعا على الأصوات التي بدأنا نسمعها في الفترة الأخيرة وتطالب الكويت بفك حلفها مع الولايات المتحدة ومراجعة علاقتها معها، وهي بطبيعة الحال أصوات لا تعي الأبعاد السياسية التي تمر بها المنطقة والتجارب التي سبق أن مرت بها من جهة، ولا تتفهم خصوصية العلاقات الكويتية ـ الأميركية من جهة أخرى.
فالكويت، بداية، لا يمكن أن تنسى موقف الولايات المتحدة وشعبها في الحفاظ على مصيرها واستمرار وجودها بالتصدي، مع أصدقاء بلدنا من الدول، للاحتلال الصدامي الغاشم الذي نعيش ذكراه الأليمة هذه الأيام، كما أن الكويت لطالما وظفت علاقاتها مع المجتمع الدولي عامة والولايات المتحدة خاصة في خدمة العرب وقضاياهم وعلى رأسها قضية السلام في المنطقة، ولم تتوان يوما في تحمل مسؤولياتها تجاه الأشقاء في العالم العربي، ولعل الدور الكبير لصاحب السمو الأمير في القمة الاقتصادية الأخيرة في الكويت والتي منها انطلقت المصالحة العربية ـ العربية، هو خير تأكيد على ذلك.
هذا التوازن الدقيق والتقدير الواقعي والمنطقي لحجم الدور الأميركي في السياسة الدولية وسياسة المنطقة يجسد مرة أخرى عقلانية السياسة الكويتية وموضوعيتها في قراءة الواقع بالمنطقة والعالم لاتخاذ المواقف التي تصب في النهاية في مصلحة الكويت والعرب، لأن مصلحة العرب جميعا اليوم هي في صياغة أفضل العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية خاصة في ظل وجود إدارة جديدة أظهرت أكثر من مؤشر على رغبتها في الدفع قدما بعملية السلام وإرساء الاستقرار في الشرق الأوسط والانفتاح على العالم الإسلامي وتحقيق التقارب بين الشرق والغرب، وهو ما جسده خطاب الرئيس أوباما التاريخي في القاهرة في 4 يونيو الماضي، والذي كان خير تحية تستحق الرد بأفضل منها.
وفي الملف العراقي الذي كان مطروحا على جدول القمة، كانت واضحة رغبة الكويت في الوصول الى حلول ترضي الجميع وتضمن في الوقت نفسه مساعدة العراق على الخروج من الفصل السابع مع تطبيقه قرارات الشرعية الدولية الملزمة، وصاحب السمو الأمير هو خير من يدير هذا الملف، وكلنا ثقة بأن الأمور ستسير بالاتجاه الذي يحقق مصلحة الكويت العليا، التي جسدتها تصريحات ومواقف صاحب السمو الأمير خلال القمة.
وفي الجانب الأميركي، كان تأكيد الرئيس أوباما على قوة العلاقات الأميركية ـ الكويتية والرغبة في جعلها أقوى والتزام بلاده بأمن الكويت، رسالة حاسمة وواضحة الى كل المشككين الذين يراهنون في ظل بدء خطوات انهاء العمليات الأميركية في العراق على اهتزاز هذه العلاقات التي ارتضى البلدان ان تكون ثابتة وراسخة على اساس استراتيجي يحقق المصلحة المشتركة بغض النظر عن أي تغير في الظروف والمعطيات الاقليمية.