من محاسن الصدف ان يكون على رأس وزارة الصحة، في هذه الفترة الحرجة التي نمرّ بها كما كل دول العالم جراء تفشي وباء انفلونزا الخنازير، شخص بكفاءة د.هلال الساير، لكن من الواضح ان الأزمة الناتجة عن الوباء قد أصبحت اكبر من أن تتحمل مسؤوليتها وزارة أو جهاز.
عدد المصابين في البلاد تجاوز الـ 600 وانكشفت حاجة الكويت الماسة الى مستشفى متطور للأمراض السارية وإلى خطط طوارئ للتعامل مع هذا النوع من الأوبئة، مع عدم التقليل من جهود العاملين حاليا في مواجهة الأزمة ضمن المتاح من الوسائل والمقومات.
نواب وفي مقدمتهم د.فيصل المسلم مع أعضاء كتلة التنمية والاصلاح أثاروا الموضوع بجدية ومسؤولية ووجهوا أسئلة واقترحوا أفكارا واجراءات احترازية لأنهم كغيرهم من المواطنين العاديين صُعقوا من تزايد أعداد المصابين بحسب الأرقام التي تعلنها وزارة الصحة بكل شفافية ويُستشف من حجمها أن هناك تهديداً للأمن الصحي في البلاد، وفي المقابل طرح البعض أفكارا «غير منطقية» لمواجهة الوباء ورد عليهم آخرون بحدة، فتحولت القضية كأغلب القضايا الأخرى الى تجاذب سياسي واختلطت الآراء والاقتراحات المنطقية بغيرها.
أمام هذا الواقع تحول قرار تأجيل العام الدراسي لأيام، اي لحين وصول شحنات الأدوية الكافية لكل سكان البلاد - كما اقترح النائب د.فيصل المسلم الأسبوع الماضي في موقف منطقي - الى قضية سياسية ضمن النهج الذي أصبح معتادا بتسييس كل قضية سواء كانت تعليمية او صحية او بيئية أو إنسانية!
ان تقديم بعض الاقتراحات والتصريحات غير الجدية من البعض لا يعني ألا نصغي الى الأصوات العقلانية في المجلس وخارجه ولا أن ننسى ان الموضوع يستدعي التعاون وتوحيد الجهود وليس الانقسام والمكابرة.
بالأمس سمعنا د.هلال الساير مطمئنا الناس بأن مخزون الأدوية كاف لمواجهة مخاطر تفشي الوباء خلال موسم الحج وفترة عودة المسافرين وبدء العام الدراسي، وتحدث مسؤولو الصحة والتربية عن جهوزيتهم لتطعيم الطلاب العائدين، وأن أغلب المصابين شفوا تماما ولكن في المقابل سمعنا ايضا عن اجتماعات مستمرة لإعادة تقييم الوضع وتحذيرات ودعوات للقاءات طارئة لمسؤولي الصحة الخليجيين في ظل ارتفاع اعداد المصابين والوفيات في الدول المجاورة.
وفي ظل تضارب المؤشرات بشأن انحسار وتفشي الوباء من جهة وخطورته وعدم خطورته من جهة اخرى، أصبحنا بحاجة ماسة الى موقف رسمي وواضح من الحكومة تعلن فيه احد أمرين: اما تأجيل الدراسة وتقييد السفر الى الحج مع توضيح مبررات ذلك، أو إبقاء الأوضاع طبيعية مع تحمل المسؤولية السياسية بأنه مع عودة الحجاج والطلاب لن نسمع ـ لا سمح الله ـ بجائحة الانفلونزا تضرب إحدى مدارسنا أو أحد أحيائنا أو مناطقنا.
إن تأخر القرار والحسم الحكومي هو ما يدفع بالقضية لمزيد من التسييس ويجعلنا عرضة لمزيد من الاقتراحات والتي بكل تأكيد وبحسب ما اعتدنا، لن تكون جميعها علمية وعقلانية!