هدنة من أجل الكويت
«سيـادة القانون والإصـلاح» العنوان الأساسي لحـكومة سمو الشيخ ناصر المحمد، ولا يمكن جعل هذا العنوان المحرك الرئيسي لسـياسة الحكومـة دون تحديد واضح لأهداف هذه السياسة وسبل تحقيقها.
سمـو الشيخ ناصر المحمـد يدرك هذا الأمر جيـدا ورؤيته واضـحة تجـاهه، لكن الوعي السـياسي الكويتي تجـاه هذه الرؤية لم يكن واضـحـا، وهذا ما أدى إلى توتـر العلاقـة بين الحكومتين السابقتين والمجلس.
أزمـة الثقـة التي واجهـتـها السلطتـان يمكن تقليـصهـا وتجاوزها من خلال اعتماد الآلية الصحيحة لعمل أعضاء كل منهما.
من جانب الوزراء يبدأ الأمر من خلال عملهم على المستوى السياسي، عـبر التجانس والتـضامن فيمـا بينهم في مجلس الوزراء، ثم يمتد الأمـر إلى العمل اليـومي للوزير في وزارته عبـر العمل الجـماعي للجهـاز الإداري دون الاكتـفاء بإسناد إنجاز الأمور إلى من يتولى منصب الوكيل، وهذا يتطلب خلق آلية جـديدة بعيدة عن الروتـين وتعقيـد الأمور والواسطات، وهي الأسـباب الرئيـسية في إفـشال أي أداء، وتوسـيع هوة فـقـدان الثقـة بين الحكومـة والنواب من جـهـة، والحكومـة والمواطنين من جهة أخرى.
إن العمل والإنجـاز أصعب بكثـير من التـجريح وتثـبيط الهـمم، والإيجابيـة هي الأمر المـطلوب أمام أمـواج السلبيـة واللامبالاة التي تضرب في صلب النفسية الكويتية.
ونقول إن السلبية «تضرب» ولكنهـا ـ بالتأكيد ـ لا تتمكن من المسـاس بمعــدن أهل الكويت، الذين عـبــروا بعـزمـهم وإخلاصـهم جحيم أزمات سـابقة لم يشهـد لها تاريخ الدول مثيلا.
الإيجـابيـة وتحـويل اللامـبـالاة إلى اهتـمـام لا يمكن أن يتكرسا إن لم تكن هناك توعيـة شاملة حول خطط كل وزارة على حدة، بشفافية كاملة، تقدم للمواطنين بعيدا عن التمجيد في شخص مسؤول ما، فـالإصلاح لا يستقيم مع الـ «أنا» ولا يثمر إلا في مناخ التعاون وبوجود الفريق المتكامل المتجانس.
مثل هذا الأمر يشكل عودة إلى ما عهدته الكويت وأهلها منذ بداية تكوينهـا السيـاسي والاقتـصادي، فبـالوعي والإدراك الحقـيقيين لمسـار الأمور، عرف أهلـنا كيف يحقـقون ما فـيه رفعة الكويت وأهلها.
ولتحـقيق أي نجاح لا بد مـن التعاون بعـيدا عن اختـبار النوايا، وتصـيـد الأخطاء مـن جانـب السلطتين، فـالصـراع وتضارب المصـالح يدفع ثمنهمـا المواطن، وتتحمـل كلفتهـما الكويت.
إن المواطن اليوم، قبل الوزراء والـنواب، يحتاج إلى هدنة على الجبهة السياسية، وإلـى توحيد الجهود في تحد وسباق مع الوقت، لتحقيق ما فـاتنا ككويتيين، وما ضاع على الكويت من فرص تقدم ونمو بسبب الجبهات السياسية المفتوحة.
نحن على ثـقـة بأن سـمـو الشـيخ نـاصـر المحـمـد ومن سيختارهم من أعضاء في حكومـته، سيحرصون على تثبيت هذا المبدأ، كما أننا على يقين من أن أعضاء السلطة التشريعية لديهـم الحس الوطني والحـــرص الكافي علـى التــعــاون للنهوض بالبلد وتحقيق الإنجازات المأمولة.
الصفحة الأولى في ملف ( pdf )