لندن ـ عاصم علي
تعاملت لندن بدهشة وحذر مع إعلان الرئيس الايراني محــمود أحـمدي نجـاد الافـراج عـن 15 بحارا بريطانيا احتجزتهم ايران في شط العرب قبل نحو أسبوعين، إلا أن تقارير تحدثت عن «أدوار خفية» كان بطلاها رئيس مجلس الامن القومي الايراني علي لاريجاني والسير نايجل شاينولد مستشار رئيس الوزراء توني بلير.
لا يخفى على أحد الارتباك الذي خلفته هذه الأزمة بدءا بإعلان لندن عن تفاصيل دقيقة لعملية الاحتجاز لإظهار وقوعها في المياه العراقية، ثم تراجعها لاحقا لمصلحة الديبلوماسية الصامتة.
ولعل هذا التحول الأساسي في معالجة الأزمة في بريطانيا وقع بعد سحب هذا الملف من يدي وزيرة الخارجية البريطانية مارغريت بيكيت التي تنتقدها الأوساط الاعلامية والسياسية البريطانية باستمرار لضـعفها وعدم ادلائها بآرائها حتى لا تغضب أحدا.
ولم يكن هناك من يلجأ اليه بلير لحل هذه الأزمة المعقدة لتزامنها مع تأزم في الملف النووي الايراني، مثل مستشاره للشؤون الخارجية المحنك نايغل شاينولد.
وشاينولد المتحدر من عائلة يهودية عريقة يمتلك خبرة في سياسة الشرق الأوسط، وسبق أن أدى مهمات صعبة كلفه بها رئيس الوزراء مثل عقد مؤتمر في لندن لدعم الفلسطينيين العام الماضي من دون اغضاب اسرائيل، علاوة على زيارته دمشق في رحلة سرية أخيرا.
وفي مقابل شاينولد، كلفت طهران لاريجاني وهو صاحب خبرة تعود الى 31 عاما في مجال الديبلوماسية، ويتحدث الانجليزية بطلاقة ويعتبر خبيرا في فكر الفيلسوف الألماني كانط.
والصفقة التي أبرمها هذان الرجلان وانتهت بالافراج عن ديبلوماسي ايراني مخطوف في بغداد ومنح طهران حق زيارة «ديبلوماسييها» المحتجزين، وإطلاق البحارة البريطانيين، ظلت مجهولة التفاصيل، إلا أن من المؤكد أن النهاية السعيدة للأزمة فاجأت الجميع في العالم، ما عدا لاريجاني وشاينولد طبعا.
وفي هذا الاطار، انتقد المحللون البريطانيون «المسرحية الدرامية» التي رافقت خبر الافراج عن البحارة، ثم اظهارهم وكأنهم فريق رياضي ببزات ايرانية الصنع من دون ربطات عنق.
إلا أن ظهور الرئيس الايراني كمن يوجه بادرة طيبة الى الغرب، أثار تساؤلات عديدة، دفعت بعض المراقبين الى القول إن مرشد الجمهورية الايرانية علي خامنئي ارتأى أن ابقاء هؤلاء البحارة سيكون ذا عواقب وخيمة.
ولهذا استعان الزعيم الايراني بنجاد لإعلان الافراج عن هؤلاء البحارة في شكل يجنب طهران إحراجا هي في غنى عنه.
الصفحة الأولى في ملف ( pdf )