ناصر العنزي
من نوادر البخلاء ان رجلا قال لبعضهم: لماذا لا تدعوني الى طعامك؟
قال: لأنك جيد المضغ سريع البلع، اذا أكلت لقمة هيأت اخرى.
قال: يا أخي أتريد اذا أكلت عندك ان أنام ساعتين بين كل لقمتين؟
وقال بعض البخلاء: أنا لا آكل إلا نصف الليل، قيل له: ولِمَ؟ قال: يبرد الماء وينقمع الذباب وآمن فجأة الداخل وصرخة السائل.
وقال بخيل لغلامه: هات الطعام ثم أغلق الباب، قال: يا مولاي ليس هذا بحزم، وإنما أغلق الباب ثم أقدم الطعام، فقال له: أنت حر لوجه الله.
والبخل صفة سيئة بالانسان وتعريفه هو كنز المال وجمعه وعدم انفاقه في المباحات بحجة الخوف من المستقبل ومن أشهر بخلاء العرب الحطيئة ويحكى انه كان جالسا أمام بيته وهو يحمل عصا فمر به رجل فقال: أنا ضيف، فأشار الحطيئة الى العصا وقال: انما هي للضيوف، وفي الجانب الآخر فإن الكرم من العادات العربية الحسنة ومصدر افتخار شعرائهم، واختار التاريخ شخصية عربية تمثل سخاء العرب وكرمهم وهو حاتم طيّ فكانت تقول في أمثالها «أكرم من حاتم».
وفي ملاعبنا الكروية فإن اللاعب البخيل هو الذي يحتفظ بالكرة لنفسه ولا يقوم بواجب ضيافتها، هو الذي يضيع الفرصة ويتمنى ألا يسجل غيره، هو من ينفرد بالمرمى ولا «يكرم» الجماهير بهدف تبلّ به أرياقها المتيبسة، اللاعب البخيل هو من يحرم المتابعين من ابداعات غيره ويصيبها بالعطل، هو من يصرخ بأعلى صوته «هات هات» ولم يقل في حياته «خذ خذ» فكفانا واياكم شر اللاعبين البخلاء.
ولو سألتم أقدم مشجع في برشلونة: من هو أفضل لاعبيكم؟ لأجابكم: ميسي طبعا، ولو سألتم آخر: من هو «أكرم» نجومكم؟ لقال على الفور: تشافي هرنانديز فهو مثلما تقولون أنتم العرب أكرم من حاتم فيده دائما ممدودة لغيره، يراوغ الخصوم ويقترب من المرمى ثم يعود بالكرة مرة اخرى يراوغ الخصوم ويقترب من المرمى ويفعلها ثالثة ثم يبحث عن ميسي وهنري وغيرهما كي يهدي لهم الكرة للتسجيل.
أما لو سألتم جماهير الاصفر: من هو أكرم نجوم الفريق؟ لربما قالوا: من يسجل لنا الاهداف، ولكن اسألوا الكرماء كي يقولوا لكم ان «حاتم» القادسية هو «بدره» المطوع، نعم انه كريم بالفطرة، يذبح لغدائه ويفكر في عشائه، يدعو زملاءه الى الملعب ويقسم الكرات فيما بينهم، هذه لك يا فراس، وتلك تستحقها خلف، أما هذه الكرة فاحفظها جيدا يا عجب ولا تتركها خلفك، خذ يا حمد هذه الكرة وسجل منها هدفا ومارس معها رقصة الرعب «الدحة»، وينادي في بعض الاحيان زميله كيتا ويهديه كرة جميلة لتسجيل هدف، لكنه يأبى لأنه لا يعرف ان يسجل الا برأسه!
من نوادر الكرماء ان كريما تزوج كريمة فلما وضعت مولودها أهدياه للجيران.