عبدالله العنزي
يجد ريتشارد بارتلت بطل فيلم «الهروب الكبير» وهو قائد سرب ضباط «الجاستبو» وهي مختصر لعبارة «شرطة الدولة السرية»، يجد نفسه وهو في السجن محاطا بأفضل محترفي الهروب في ألمانيا، فيخطط منذ الوهلة الاولى لهروب جماعي، فينظم المجموعات للبدء في حفر 3 انفاق كبيرة توصلهم من السجن الى الغابة المجاورة، ولكن رغم هروب 76 سجينا في الليلة المحددة إلا ان 3 منهم فقط هم الذين نجوا في تلك الحادثة الشهيرة بعد ان قبضت الشرطة على البقية وأعدمتهم على الفور كعقاب لهم على فعلتهم.
ولا يختلف حال مجتمع كرة القدم الكويتي - كما يحلو لـ «فيفا» ان ينادينا بهذه الجملة - عن أحداث هذا الفيلم التاريخي، وهو بالمناسبة قصة حقيقية «خلدت» بفيلم منتصف الستينيات، وقد أعاد لاعبونا الذين وقعوا مؤخرا مع أندية خارجية دون علم أنديتهم إنتاج هذا الفيلم ولكن بسيناريو وأحداث مختلفة، أي من دون حفر ولا انفاق ولا إعدامات ان تم القبض عليهم، فكل ما هناك توقيع عقد احتراف مع اي ناد خارجي من اجل كسب حريته بعد موسم او اقل ينتقل بعدها إلى أي ناد يريد.
وهذا الهروب الجماعي الذي حدث في السنتين الأخيرتين بدءا من خالد الرشيدي وصالح مهدي وعادل حمود وطلال نايف، والان عبيد منور وجابر جازع وحمد امان ومرزوق زكي.. ولاحقا غيرهم من اللاعبين بعد ان اصبح الهروب موضة، نقول لم يكن هذا الهروب خطوة جديدة بل استحدثت منذ منتصف التسعينيات، ويستحق لاعب النصر والعربي السابق محمد اديلم ان يكون صاحب الملكية الفكرية لها، فحين رفضت ادارة ناديه النصر انتقاله للعربي قام بتوكيل محام لرفع قضية «قيد حرية» ضد النصر والمطالبة عبر المحاكم المحلية والرياضية الدولية بانتقاله للعربي، يومها ساعدت حنكة رئيس اتحاد الكرة انذاك الشيخ احمد الفهد في إقناع إدارة النصر بانتقاله للعربي بعد معرفته المسبقة بان الأحكام سواء في القضاء المحلي او الرياضي الدولي ستأتي لصالح اللاعب.
وحتى لا يجد اتحاد الكرة نفسه بين عشية وضحاها مسؤولا فقط عن ملاعب خاوية وحكام فقط، فان التعامل مع هذا الحدث في حاجة الى تقرير يرفعه اتحاد الكرة الى أصحاب القرار في الحكومة، على ان يضم التقرير أسباب هذا الهروب وطرق معالجته خصوصا بعد ان اثبت تطبيق الاحتراف الجزئي الذي نص عليه قانون 5/2007 فشلا ذريعا وأدى الى هذا الهروب الجماعي.
قبل اكثر من 4 اعوام من الآن طفت على الساحة حادثة شبيهة جدا لما يجري الآن في الإمارات، حيث هرب الرباعي فيصل خليل وسالم سرور وراشد عبدالرحمن وعبيد الطويلة الى فرنسا لتوقيع عقود احتراف هناك بعد ان كان اللاعب الإماراتي هاويا كما هو الحال الان في الكويت، عندها نجحت المفاوضات الجادة من سلطات رياضية وغير رياضية في عودة الرباعي الهارب، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل سارعت هذه السلطات الى حل الأزمة بتطبيق نظام الاحتراف الكامل والان نرى بأم أعيننا ثمار الحل السليم لهروب اللاعبين هناك من خلال النتائج التي تحققها الأندية والمنتخبات الإماراتية. وأخيرا.. يقول لاعب هارب لـ «الأنباء»: قبل صعودي الى الطائرة اتصل بي احد الاداريين يتوعدني بقوله «اذا صج اللي سمعته انك راح تحترف من دون علم النادي، والله لا سجل عليك قضية تغيب بالمخفر»، تلك عقليات إدارية لا يستحق البقاء معها.