ناصر العنزي
ماذا استفدنا من بطولة «يورو 2008»؟ هل نكتفي فقط بالهتاف لكرة اسبانيا الجميلة التي ارهقت كاهل الالمان في النهائي المثير؟ ام علينا الاستفادة من كل دقائق مباريات البطولة؟ فمثل هذه الفنون الرائعة لا تتكرر الا كل اربع سنوات وعلينا ان نقتنص كل لحظة لاضافة خبرة جديدة في حياتنا سواء كنا لاعبين او مدربين او اعلاميين او جماهير.
علينا ان نتعلم عن «يورو 2008» ان الكرة التي يلعبون بها ليست مثل كرتنا، وكأن اقدامهم «ملفوفة بحرير» شاهدنا كيف تتنقل الكرة من لاعب الى لاعب كعقارب الساعة السويسرية، وشاهدنا كيف تخلص البطل الاسباني من خصومه واحدا تلو الآخر ولم تبتل قمصان لاعبيه!
هناك ينظرون الى الكرة على انها اغلى من سعر البترول، وينظرون الى اللاعبين على انهم أعلى رتبة من الوزراء والسفراء بل انهم يصنفونهم في مصاف الرهبان والقساوسة!
علينا ان نتعلم بعد ان تخلفنا كثيرا للحاق بالكرة المطورة التي تغيرت حتى في انسيابية حركتها، ونحن مازلنا نلعب بالكرة ذات اللونين الابيض والاسود، علينا ان نحترم مواعيد المباريات فالعالم كله توقف عند الساعة 9:45 في الجولة الثالثة وما بعدها في «يورو 2008» ولم تتأخر صافرة الحكم ثانية واحدة عن الموعد المحدد، وليس كما يحصل في ملاعبنا عندما تتأخر المباراة ثلث ساعة عن موعدها بسبب تأخر حارس في ارتداء قفازه او مكالمة عاجلة للاعب المنافس.
على المدربين ان يأخذوا الحكمة من مدربي البطولة وليس من افواه المجانين، عليهم ان يتعلموا من الاسباني العجوز لويس اراغونيس كيفية اجراء التغييرات الثلاثة وانه ليس شرطا ان يبقى اللاعب الجيد طوال الوقت داخل الملعب، فعندما انتهى لاعب الوسط دا سيلڤا ذو الامكانيات المهارية الرائعة من مهامه استبدله بكازورلا، وعلى مدربينا ان يضعوا في قاموس تدريبهم المهني ان الشجاعة مطلوبة في بعض الاحيان وبتعقل كما فعل التركي فاتح تيريم في مباراته امام المانيا وخسرها بصعوبة 2 - 3، وهو الذي كان ينوي اشراك الحارس الاحتياطي كمهاجم لو استدعي الامر.
وعلى لاعبينا ان يراجعوا انفسهم في التمركز والتمرير والتسليم والتسلم، لا نريدهم ان يكونوا في خفة ورشاقة ديڤيد ڤيا ولا في سرعة وبديهة فرناندو توريس، لكن نريدهم ان ينقلوا الكرة بشكل صحيح وان يحفظوا واجباتهم جيدا وان يدركوا تماما ان الكرة العرضية التي تخرج من اقدامهم بشكل سليم هي من اهم واجبات لاعبي الاطراف، نريدهم ان يكتسبوا خبرات جديدة وتعلم فنون اخرى كالالتحام المشروع والسقوط الذي يجنبهم الاصابة او حتى التعبير المرضي عن فرحة الاهداف.
ونريد من حراسنا ان يتعلموا من الاسباني كاسياس انه ليس كل كرة مرفوعة تمسك باليد، وان ابعاد الكرة بقبضة اليد مفيد احيانا، خصوصا اذا كان حوله زحمة لاعبين خشية انزلاقها من يده، ويفضل ابعادها الى الاطراف وليس امام منطقة الجزاء كي لا تجد من يسددها مباشرة، وعليهم ان يتعلموا من الايطالي بوفون انه يمكن صد ركلة الجزاء باليد والقدم معا.
على حكامنا ان يستفيدوا من حكام «يورو 2008» وانه ليس كل كرة تلمس يد المدافع داخل المنطقة تعتبر ضربة جزاء، وان الحكم يجب ان يضع في اعتباره «وضعية» اللاعب وانعطافه تجاه الكرة، وعليهم ألا يطلقوا صافراتهم على كل لاعب يشارك حراس المرمى في الهواء، وعليهم ان يستخدموا البطاقتين الصفراء والحمراء حتى لو قبل نهاية المباراة بقليل للحد من الخشونة، ولو شاهد حكام «يورو 2008» الكرة التي كاد ان يكسر بها الاماراتي سبيت خاطر ركبة وليد علي واكتفى الحكم الماليزي صبحي الدين باهدائه بطاقة صفراء لاصروا على الوقوف دقيقة حداد قبل كل مباريات اليورو!
علينا ان نتعلم الكثير منهم في التنظيم والتسويق والتعاطي مع الاعلام، فما اجمل مخرج المباراة النهائية واروعه عندما التقط تعابير الحزن في وجه الحارس الاماني ينس ليمان في اللحظة التي رفع فيها ايكر كاسياس الكأس الثمينة، وفي صباح اليوم التالي خرجت صحيفة «ماركا» الاسبانية بمانشيت «واخيرا».