الدوحة - ناجي شربل
يحلو اللقاء مع رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم القطري محمد بن همام نظرا للعبرة الممكن أخذها منه على مر سنوات المعرفة به. فابن همام مواظب على تطوير الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، انطلاقا من البدء بنفسه.
وجديده تعلم اللغة الفرنسية، والافراط في ممارسة الرياضة والامتناع عن تناول المأكولات بشكل غير دقيق.
رجل يلم بالتفاصيل من حوله، حتى الى مسافات أبعد. يستمع جيدا وكثيرا لتكوين فكرة عمّا يطالعه به البعض، قبل ان ينطق بحكمه، قوامها الاحتكام الى الديموقراطية وقبول الآخر، والأخذ بتجارب من اصابوا تقدما.
في هذا اللقاء، تناول بن همام مسألة ترشحه لرئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا»، فقال ان ترشيحه غير مرتبط باستمرار الرئيس الحالي جوزف بلاتر لولاية رابعة واذا كنت مرشحا لمنصب رئيس «فيفا» فسآخذ حظوظي وفرصي كاملتين، وسيكون القرار للجمعية العمومية الانتخابية.
وقال بعد خبرة طويلة، ان هناك تدخلا في الاتحادات الأهلية من قبل وزير الرياضة او موظف مسؤول في قطاع كرة القدم، وليس من الحكومات، معتبرا ان الأخيرة تجد نفسها ملزمة بمناصرة من اتخذ القرار باسمها.ودعا الى اخراج النوادي من دائرة الشؤون الاجتماعية الى الدائرة التجارية من أجل تطويرها.
وتناول ما نقلته اليه «الأنباء» عما تردد من خلفيات غير رياضية رافقت بعض مباريات الدوري، فقال انه سيحقق في الموضوع في حال صحته للتأكد منه، متحدثا عن خطوات عقابية في هذا المجال.
وإلى تفاصيل الحوار:
أعلنت منذ فترة قصيرة دعمك رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جوزف بلاتر لولاية رابعة على رأس المنظمة الكروية الكبرى. ما خلفية توقيت هذا الدعم؟ وهل يمكن القول ان حظوظك لتولي رئاسة «فيفا» خليفة لبلاتر، خفت عما كانت عليه بعد 2006؟
لا اعتقد ان الولاية الرابعة لبلاتر ستأخذ من حظي اليوم او غدا اذا كنت مرشحا.
وأرى ان كرة القدم العالمية تحتاج الى بلاتر في المرحلة المقبلة. اللعبة تحتاج الى الاستقرار، والى مواصلة الخطط التي انتهجها بلاتر بين 2011 و2015.
ما ردك على الاقوال التي تحدثت عن ان فترة الولاية الرابعة لبلاتر واستمراره يقلل من حظوظك لمصلحة خصمين أوروبيين هما رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم ميشال بلاتيني و«القيصر» فرانتس بكنباور؟
اذا كنت مرشحا لمنصب رئيس «فيفا» فسآخذ حظوظي وفرصي كاملين، وسيكون القرار للجمعية العمومية الانتخابية. وهذا المنصب ليس مفصلا على قياسي او قياس غيري، فالعملية بسيطة جدا وغير معقدة، وحدودها الجمعية العمومية.
هل نحن امام تجربة مماثلة لتجربة الرئيس السابق لـ «فيفا» البرازيلي جواو هافيلانج يوم قرر الابتعاد واختار بلاتر خليفته، الا ان الاخير واجه معركة انتخابية مع الرئيس السابق للاتحاد الأوروبي لينارت يوهانسون؟
هذا السؤال يترك لبلاتر، الا انني اعتقد ان الاتحادات الوطنية الاهلية والعالمية في حالة كافية من النضوج لتقرر بنفسها ما تريد، والاختيار بين المرشحين في حال وجود أكثر من مرشح. وأعود هنا الى الولاية الاولى لبلاتر في1998، والتي شهدت فوزه على يوهانسون بفارق ضئيل من الاصوات.
صحيح ان يوهانسون خسر، الا انه «حصل» على زهاء 80 صوتا.
هل خسر لأن القوة الناخبة التي تمثلها انت لم تكن معه؟
انا لا أمثل احدا، بل أمثل نفسي فقط. واعتقد ان اي مرشح يشعر بانه يستطيع خدمة الكرة العالمية، فستكون له حظوظ بنيل هذا المنصب.
نفور من البعض
شهدت بداية ولايتك رئيسا للاتحاد الآسيوي، نفورا من قبل البعض في شرق القارة، وتحديدا في اليابان وكوريا الجنوبية. كيف تصف استتباب الهدوء الاداري آسيويا مع الجانبين الياباني والكوري الجنوبي؟
اعتقد ان النفور الآن من غرب آسيا. لا شك في ان الاسلوب الذي انتهجناه، شدد على توحيد القارة. وهذا استلزم تضحيات من الجميع. ولمست تجاوبا كبيرا حول الانتصار لمصلحة القارة بعيدا عن المصالح الشخصية.
ولكن كانت هناك حالات قليلة من بعض مريضي النفوس، غلبوا فيها طموحاتهم الشخصية على المصلحة العامة للقارة، ولم نتمكن، مع الأسف، من استيعابهم او جعلهم يقدرون المصالح العليا للقارة. وهذه مواقف تمثل اشخاصا بعيدا من البلدان او المناطق الجغرافية التي تقسم القارة، وهي موحدة في الاجمال.
نحن على عتبة تصفيات حامية مؤهلة لنهائيات بطولة الأمم الآسيوية في الدوحة سنة 2011، وكذلك تلك الخاصة بالدور الرابع الحاسم المؤهل لنهائيات كأس العالم 2010 التي تستضيفها جنوب افريقيا. ونتحدث هنا عن مباريات حامية تتعدى الاطار الفني الرياضي، واخرى غير تنافسية الا انها تحيي الامل لدى المنتخبات المتواضعة المستوى والامكانيات ككأس الرئيس المؤهلة لمنتخبين للنهائيات الآسيوية. كيف ترى هذه الامور؟
النقطة الاخيرة مهمة، اذ اننا قررنا تنظيم مسابقة تصل قيمتها المالية الى قيمة تنظيم كأس آسيا. وهي مسابقة مخصصة لمنتخبات استبعدناها عن التصفيات التمهيدية للمسابقة الآسيوية الأم، ليس بسبب غياب امكانياتها الفنية، انما انطلاقا من غياب معايير نتشدد في تطبيقها للنهوض بالكرة الآسيوية، وفي طليعتها توافر البنى التحتية من فنادق وطرق في البلدان التي تستضيف منتخبات منافسة.
ونصر على تسهيل وصول الفرق برحلات جوية مباشرة بين البلدان، ونرفض ان يقطع اللاعبون 3 او 4 مطارات في رحلاتهم لخوض مباراة واحدة. ونتشدد ايضا على ان يتمتع الفريق الزائر براحة تامة، وان يخوض مبارياته على ملاعب أنيقة.
هذه العوامل الخارجة عن ارادة المنتخبات المعنية، جعلتنا نعطيها فرصة الحلم بالتنافس وبنيل لقب، عبر تخصيصها بمسابقة تؤهل واحدا من 16، الى اثنين بعد نسختين لنهائيات بطولة الأمم الآسيوية الـ 15.
نريد انعاش كرة القدم لدى الدول النامية كرويا، وعدم القضاء على الأمل لديها. وفي النهاية هذه بطولات تطويرية وتعود بالفائدة على الجميع.
استضافة دولة واحدة للنهائيات
بالعودة الى استضافة قطر للنهائيات الآسيوية سنة 2011. هل تريحكم استضافة دولة واحدة للنهائيات، وخصوصا في بقعة تشهد سهولة في انتقال جماهير المنتخبات المجاورة اليها؟
لا شك في ان استضافة اي مسابقة كبرى في دولة واحدة، يسهل علينا الامور كثيرا.
وقد واجهتنا مشكلات عدة في البطولة الاخيرة التي استضافتها اربع دول، اذ ما كنا ننتهي من حل احدى المشكلات في احدى الدول، حتى كانت تطالعنا مشكلة اخرى من نوع آخر في دولة مجاورة.
واعتقد هنا ان تركيز الاتحاد الآسيوي سيكون أكبر في التعامل مع مسابقة تجرى في دولة واحدة.
متى نصل الى حالة جماهيرية آسيوية مشابهة لتلك التي تعيشها أوروبا، بجعل الجماهير تواكب فرقها في مبارياتها الخارجية في مسابقتي دوري الابطال وكأس الاتحاد، وصولا الى إقامة مباراة نهائية لكل من المسابقتين في دولة يتم اختيارها سلفا، على الاقل في دوري الابطال؟ واستطرادا هل تكمن المشكلة فقط في الحالة الاقتصادية في المجتمعات الآسيوية؟
ننتقل هنا من المنتخبات الى النوادي وتحديدا مسابقة دوري الابطال.
وأتناول مشروعنا الجديد الخاص بهذه المسابقة، والذي يقوم على تحويل النوادي الى مؤسسات تجارية بالكامل أسوة بالنوادي الأوروبية الكبرى، بعد اخراجها من دائرة الشؤون الاجتماعية. لقد فتحنا المجال، وعلى أي ناد راغب في المشاركة في مسابقة دوري الابطال الآسيوي ان يتحول الى شركة.
وهذا يمكنه من جلب لاعبين أجانب اقوياء، والانفاق على لاعبيه المحليين، فيصل بعد سنوات قليلة الى بناء مجموعات قوية، ويستطيع في فترة لاحقة تصدير لاعبين الى الخارج، ما يرفع المستوى لدى المنتخبات الوطنية في القارة، أسوة بالتجربة الحاصلة في شرقها، حيث دفع دعم الشركات بالنوادي الى الاحتراف الكامل.
وعلى الصعيد الجماهيري، اعتقد اننا بحاجة الى 10 سنوات لجعل اللعبة مشروعا سياحيا للجماهير، لتواكب فرقها للتشجيع والسياحة في بلدان القارة.
تطوير الكرة الآسيوية
ما أبرز العناوين التي تحققت في رؤيتك لتطوير الكرة الآسيوية، وأين صادفتك العثرات؟
نحن هنا تماما امام رحلة الالف ميل. لقد قمنا بالخطوة الاولى وقطعنا الميل الاول وليس اكثر، وعلينا السير خطوات للنهوض باللعبة في قارتنا والطريق طويلة.
كيف تتعاملون في هذه الفترة مع المشكلات السياسية التي تصادف الاتحادات الوطنية في القارة؟
لدينا لائحة معتمدة من «فيفا» نعمل بها في الاتحاد الآسيوي وتفصل في النزاعات.
ونتشدد هنا على استقلالية الاتحادات الاهلية، وعدم جعلها «خاضعة».
شهدنا سرعة في حل الملف الكروي الايراني الذي اعتبر البعض انه يفوق الملف النووي الايراني صعوبة. كيف تم التوصل الى ذلك؟ وماذا عن التجاوب الحكومي العام معكم؟
أريد هنا الاشارة الى نقطة مهمة، ذلك ان الاعتقاد السائد لدى الغالبية ان الحكومات تتدخل في الشأن الرياضي، وهذا غير صحيح، اذ يقتصر الامر على تدخل فردي من وزير الرياضة، او من شخص مرتبط اداريا او وظيفيا بالحكومة، فتجد الاخيرة نفسها في موقع المؤيد لطروحاته، التي تلبسها لاحقا وكأنها المعنية بها بعد ان يجرها الشخص المعني الى ذلك.
وبعد تجربة طويلة في هذا المجال، وجدت ان وزير الرياضة او الشخص المرتبط بالحكومة، يسعى في الغالب للسيطرة على كرة القدم، فيحصل عندها الاصطدام وبالنسبة الى الموضوع الايراني، فقد تم حله بسرعة التزاما من الجميع باللوائح، مع تقديرهم للمصلحة العليا لكرة القدم.
ما صحة ما ينقله البعض عنك من عدم تحبيذك سماع هذه المشكلات الادارية الكروية اللبنانية؟
الاتحاد اللبناني لكرة القدم جزء من العائلة الآسيوية وانا معني به وتربطني علاقة جيدة وحميمة بالقيمين عليه وبجميع اعضائه، علاقة تصل الى صداقة اعتز بها.
هل سمعت ما تردد اخيرا عن «فبركة» نتائج مباريات في الدوري اللبناني على خلفية غير رياضية، بل سياسية ومذهبية؟
اسمع هذا الكلام منك للمرة الاولى.
واذا كان هذا صحيحا فأنا ضده 100%، لأن الرياضة يجب الا تتداخل فيها السياسة، ويجب ان تبتعد عن الطائفية والمذهبية والعرقية. وسيكون لنا موقف يبدأ بارسال لجنة للتحقيق فيما جرى.