ناصر العنزي
يقولون والذمة على الراوي ان احد المعلقين العراقيين غضب غضبا شديدا من اللاعب السابق كريم علاوي لأنانيته المفرطة بعدما تجاهل نداء زميله أحمد راضي في احدى المباريات الدولية لتمرير الكرة اليه وقال المعلق: «هذا ما يعطي اخوه خليل «باص» تريد يعطيك انت يا راضي».
والتعليق الرياضي وتحديدا في كرة القدم قبل ان يكون موهبة فهو «قبول» لدى المتلقي فقد يكون المعلق أكاديميا ويحمل شهادات عليا لكنه غير مقبول نفسيا لدى المشاهدين في حين ينجح معلقون بسطاء في طرحهم، وخبرتهم قليلة ومعلوماتهم عادية لكنهم يدخلون الى قلوب المشاهدين من أول كلمة.
ويقولون في الأمثال ان الأذن تعشق قبل العين أحيانا، فالمعلق الناجح هو من يملك ادوات فن القاء الخطبة ويجيد التحكم بنبرات صوته متى يرفعها ومتى يخفضها، حتى يمكنه ان يدخل الى اذن المستمع والمشاهد دون ألم، وعليه ايضا الا يكثر من الكلام على كل شاردة وواردة، فالمعلقون الأوروبيون عادة ما يلتقطون انفاسهم بنصف دقيقة صمت كي يريح المشاهد ويجعله يسمع «بعينيه» وليس بأذنيه فيما بعض معلقينا يتسابقون على التعليق في كل «شي ولا شي» حتى لو عطس الحكم الرابع واكثر ما يزعج المشاهد هو صراخ المعلق على كل هجمة وكأن عليه ان يخرج مبحوح الصوت.
ولكل معلق طريقته في وصف المباريات فبعضهم يكتفي بإعلان تشكيلة المباراة ثم «يقزرها» تسلل وفاول وهدف وتغيير دون ان يفيد المشاهد بنصف معلومة وآخرون ما ان يعلن تشكيلة الفريق في الحراسة والدفاع ينشغل بعدها بأمر آخر ويطنش الوسط والهجوم، ويقع البعض منهم في اخطاء لغوية شنيعة لا يقع فيها تلميذ المرحلة الابتدائية فأحد المعلقين قال «اللاعبين اللذايين» والصواب اللاعبان اللذان فيما يحافظ آخرون على المباراة من «الخدش» الكلامي ويحرصون على التعليق دون زيادة ونقصان وكأنهم موظفون بنظام البصمة.
ويتفاوت التقييم في مستويات المعلقين العرب، فالأفارقة وتحديدا من المغرب وتونس يملكون معلومات وفيرة ولكن صعوبة اللهجة تحول دون انتشارهم عربيا والمعلقون المصريون «بتاع كله» فهم معلقون ومدربون ولاعبون ان اقتضى الأمر وتميزهم خفة الظل التي تكسر حدة المنافسة ففي احدى المباريات في ملعب المحلة كان المعلق يجلس وسط الجمهور في المدرجات ويبدو ان احد المشجعين ازعجه فقال له على الهواء مباشرة «تسكت ولا اندهلك الشرطة».
وتطغى على المعلقين الخليجيين الحماسة لمنتخباتهم وأنديتهم وأشهرهم في السعودية محمد رمضان وزاهد قدسي وناصر الأحمد ومحمد البكر والأخير شتم حكم مباراة كان طرفها الهلال بشتيمة من النوع الثقيل جدا، وفي قطر يوسف سيف رغم انه اختلف كثيرا عن بداياته فتراه يتحدث في مباراة ريال مدريد وبرشلونة اكثر من شوستر وغوارديولا، وفي الإمارات برز حاليا فارس عوض بحسن تحضيره وسلاسة افكاره لكنه «يزودها» بعض الشيء في المديح، ويعتبر خالد الحربان الأشهر في الكويت ولكن لكل زمن «حربان» آخر.
فمتى يظهر؟