عبدالله العنزي
عندما سئل القيصر الألماني فرانتس بكنباور قبيل افتتاح كأس العالم 2006 عن اهم ما ينقص كؤوس العالم منذ انطلاقتها وحتى الآن قال مبتسما: «لا نستطيع تدارك الأخطاء الخارجة عن إرادتنا، مؤكدا ان أهم ما ينقص بطولة كأس العالم في تاريخها هو عدم مشاركة الويلزي راين غيغز».
مباراة الليلة استثنائية بكل المقاييس بين مان يونايتد وارسنال، ليس لأنها الاولى التي تجمع بينهما في البطولات الأوروبية، ولا لكونها امتدادا لحرب «داحس والغبراء» بين مدربي الفريقين الاسكوتلندي السير اليكس فيرغسون والفرنسي ارسن ڤينغر التي بدأت منذ ما يقارب الـ 12 عاما، بل هي ستشهد حدثين مهمين على الصعيد الشخصي لأسطورة «اولدترافورد» الحية راين غيغز لأنه سيخوض المباراة رقم 800 في القميص الأحمر لـ «مان يونايتد» وسيتم تكريمه قبل المباراة بمناسبة حصوله على جائزة أفضل لاعب في انجلترا للموسم الحالي وهو بعمر 35 عاما.
وحكاية غيغز مع كرة القدم حكاية غريبة جدا فقد رفضه مدرب المنتخبات المدرسية لشمال انجلترا للعبة «الرغبي» بسبب جسمه النحيل في سن الـ 13 عاما، الأمر الذي دفعه الى ممارسة كرة القدم والابتعاد عن هذه اللعبة، ولم يتأخر السير فيرغسون كثيرا عنه فأتاه في عيد ميلاده الرابع عشر الى المنزل عارضا عليه الخضوع للتجربة في فريق الناشئين فكانت أجمل هدية له في تلك الأمسية.
«الراين» كما يحلو لجماهيره ان تسميه ضرب ـ وطوال سنوات مسيرته مع الفريق التي امتدت الى 19 عاما ـ مثالا رائعا للإخلاص والوفاء في عالم كرة القدم فقد رفض كل العروض التي جاءته للانتقال من «الشياطين الحمر» بعد ان كان المطلوب «رقم 1» للتعاقد معه في اندية يوڤنتوس وانتر ميلان الايطاليين وريال مدريد الاسباني وبايرن ميونيخ الالماني الا انه ظل وفيا للقميص الاحمر الذي يرتديه وقابل فيرغسون هذا الوفاء من غيغز بأن ميزه عن غيره من لاعبي الفريق بأن مدد عقده لمدة عامين في 2004 على الرغم من ان سياسة اليونايتد وطوال تاريخه كانت ترفض التمديد لاي لاعب بلغ سن الـ 30 إلا لموسم واحد فقط.
ولعل هدفه في مرمى ارسنال بالذات في الدور نصف النهائي لكأس انجلترا موسم 1999 الذي حقق فيه الفريق الثلاثية التاريخية لايزال خالدا في أذهان جماهير اولد ترافورد، فهو اختير في استفتاء أجراه تلفزيون مان يونايتد كأفضل هدف في تاريخ الفريق، ويقول غيغز عن تلك الامسية «كانت النتيجة تشير الى التعادل بهدف لهدف، ونحن نعاني من نقص عددي بسبب طرد روي كين، فطلب مني المدرب في آخر ربع ساعة من المباراة تسلم كل كرة لكسب الوقت ولكن تسلمت الكرة من منتصف ملعبنا وانطلقت سريعا متجاوز لاعبي أرسنال، في تلك اللحظة كنت اسعى للحصول على مخالفة منهم إلا ان الأمور سارت على ما يرام فتجاوزت اغلب لاعبيهم ووجدت نفسي بواجهة ديڤيد سيمان حارس أرسنال آنذاك وسددت الكرة في سقف المرمى».
وعلى الرغم من ان انجازات غيغز مع مان يونايتد وصلت الى أكثر من 27 لقبا الا انه لم يشارك في اي بطولة من بطولات كأس العالم او كأس اوروبا بسبب رفضه لتمثيل انجلترا واختياره للعب مع منتخب بلاده الام ويلز وهي الميزة نفسها التي جمعته مع أساطير مان يونايتد كالفرنسي ايريك كانتونا والايرلندي جورج بست.
واستكمالا لمكانة غيغز انطلقت حملة يدعهما وزير ومعارض سياسي كبير لمنح غيغز، وسام من رتبة فارس تقديرا لما قدمه في الملاعب مع «الشياطين الحمر».
وقد «يرتقي» غيغز الى مرتبة مدربه فيرغسون الذي نال هذا الشرف ومعه لقب «سير»، بعدما أطلق الناشط السياسي تيم مونتغومري حملة على شبكة الانترنت من اجل الترويج لان يصبح النجم الويلزي: «سير» راين. «راين غيغز يملك سجلا رائعا في الاعمال التطوعية، الى جانب سجله الرائع في الملاعب»، هذا ما قاله هازل بليرز احد وزراء الحكومة المحلية في سالفورد القائمة على حدود مدينة مانشستر. ورأى بليرز ان غيغز مثال يحتذى في العديد من النواحي ما يجعله يستحق وساما من رتبة فارس. ويقول مدرب انجلترا السابق السويدي غوران زفن اريكسون «كل جماهيرنا تسأل عما نحتاج اليه للفوز بكأس العالم، وربما تكون الاجابة غريبة نوعا ما، الا اننا بحاجة الى ان يلعب معنا لاعب مثل غيغز».