يتعامل نادي برشلونة مع التعاقدات الكبيرة التي يجريها نادي ريال مدريد بعقلانية وهدوء، بحسبما تظهره حركته في سوق الانتقالات، إذ ان النادي الكاتالوني لم يقدم على إجراء صفقات بمبالغ جنونية، ردا على تعاقد «الميرينغي» مع النجمين البرتغالي كريستيانو رونالدو والبرازيلي ريكاردو كاكا، واقترابه من التعاقد مع الفرنسي فرانك ريبيري، الذي تقول الصحافة الإسبانية بقرب انتقاله. برشلونة يسعى لتدعيم صفوفه بلاعبين لا يحملون شهرة كبيرة أمثال: لويس فيلبي الظهير الأيسر في نادي ديبورتيڤو لاكورونا، والمدافع الروسي يوري زيركوڤ والكرواتي داريو سيرينا والأوكراني ديميتور جيكرينسكي ومهاجم نادي ڤالنسيا خوان ماتا والأرجنتيني خافيير ماسكيرانو بالإضافة إلى محاولات ضم الفرنسي فرانك ريبيري والإسباني ديڤيد ڤيا والسويدي زلاتان إبراهيموڤيتش والاورغوياني دييغو فورلان، الذين يريد منهم برشلونة لاعبا واحدا أو لاعبين على الأكثر، في حال رحل الكاميروني صامويل إيتو عن الفريق.
ربما يكون برشلونة مخطئا في سيره البطيء نحو تدعيم صفوف فريقه، خصوصا أن النادي بحاجة إلى لاعبين في خط الظهر بحجم جيرارد بيكيه ودانييل ألڤيس وكارليس بويول، كما أن دكة البدلاء لديه تفتقر للبديل المناسب في عدد من المواقع، كموقع الظهيرين الأيمن والأيسر والهجوم، سواء من جهتيه اليمنى واليسرى أو من ناحية القلب، في حين أن خط وسطه يزخر بكوكبة من النجوم والبدلاء، لكن بعض الاستحقاقات المقبلة ستجعله يحتاج لعدد من البدلاء في هذا المركز عندما يغادر لاعبين بحجم يحيى توريه وسيدو كيتا للعب في بطولة أمم أفريقيا في شهر يناير من العام المقبل، كما أن كثرة الاستحقاقات تحتم على النادي إيجاد البدائل في جميع مراكز اللعب، خصوصا أن الفريق «الكتالوني» سينافس على ستة ألقاب هذا الموسم، إذ سيدافع عن ألقابه الثلاثة (دوري أبطال أوروبا والدوري الإسباني وكأس ملك إسبانيا)، في حين سيلعب على ثلاثة ألقاب أخرى هي كأس السوبر الإسباني وكأس السوبر الأوروبي وكأس العالم للأندية، وهو ما يتطلب إراحة بعض النجوم على فترات، وإيجاد البدائل في حال وجود إصابات.
وأغلق برشلونة الطريق على ريال مدريد في تعاقده مع ديڤيد ڤيا، ومازال يجهد في الحصول على خدمات الفرنسي ريبيري والسويدي زلاتان إبراهيموڤيتش والأورغوياني دييغو فورلان، لكنه لا يدفع مبالغ جنونية كما يدفع النادي الملكي، ومحاولاته لا تتعدى صفة المحاولات لا أكثر، التي يريد من خلالها إفشال تعاقدات «الميرينغي»، والظفر بلاعبين مميزين يعززون صفوف الفريق للموسم المقبل المكتظ بالبطولات، كما أن محاولات النادي «الكتالوني» هذه ستكون لجلب لاعب واحد أو لاعبين من هؤلاء النجوم الأربعة.
ونجاح محاولات النادي الملكي في استقطاب النجوم لا يرهب برشلونة كثيرا لسببين، أحدهما واقعي والآخر تاريخي. السبب الواقعي يتمثل في وجود نجوم في برشلونة قد تفوق قوتهم وجود رونالدو وكاكا والقادمين الجدد في «النادي الملكي»، فليونيل ميسي وتشافي هيرنانديز وأندرياس انييستا ودانييل ألڤيس يتفوقون من حيث القدرات على نجوم «الميرينغي» الجدد، حتى إن الكثيرين يجزمون بأن المستوى الذي ظهر به كاكا خلال الموسمين الماضيين لم يكن كبيرا بالحجم الذي ظهر به ميسي وتشافي وانييستا، كما أن انطباعا سيئا لاحظه الكثيرون على رونالدو خلال سني لعبه مع مانشستر يونايتد الإنجليزي، يتمثل في عدم تقديمه لعروض ممتازة أمام الفرق الكبيرة، على الرغم من نجاح فريقه السابق في تحقيق بطولات عدة.
السبب التاريخي يمكن ملاحظته بالعودة إلى حقبة رئيس نادري ريال مدريد فلورنتينو بيريز الأولى، والممتدة خلال الفترة ما بين 2000 و 2006 والتي اشتهرت بعصر «الجلاكتيكوس»، فتجربة بيريز في استقطاب النجوم لم تكن ناجحة كما يظن البعض، فهي لم تضف الجديد لقوة النادي الملكي، بدليل أن السنوات الست التي قضاها بيريز في دفع الأموال لجلب النجوم لم تثمر إلا عن لقبي دوري إسباني عامي 2001 و2003 ولقب دوري أبطال أوروبا عام 2002، أي أن الفترة التي يقال إن بيريز نجح فيها هي 3 مواسم فقط من ستة، ولم يستطع خلال الموسم الواحد أن يجلب أكثر من بطولة واحدة للنادي الملكي، في حين أن السنوات الثلاث الأخيرة من عهده لم تشهد أي إنجازات تذكر، الأمر الذي اضطره لتقديم استقالته، بعد فشله في إحراز أي بطولة خلال ثلاث سنوات متتالية امتدت ما بين عامي 2003 و2006، على الرغم من وجود لاعبين كبار أمثال الفرنسي زندين زيدان والبرازيلي روبيرتو كارلوس ومواطنه رونالدو والبرتغالي لويس فيغو، والإنجليزي ديڤيد بيكام وغيرهم، والسبب في ذلك بحسب المحللين يعود لتركيز بيريز على جلب الأسماء الكبيرة في خط الهجوم وغفلته عن تلبية حاجات الفريق في المراكز الأخرى، وهو ما يرى البعض أن بيريز عاد لفعله في هذا الوقت.
الأمر الآخر الذي تجدر الإشارة له هو أن نادي برشلونة نجح خلال حقبة بيريز الأولى في جلب عدد الألقاب نفسها التي جمعها ريال مدريد، أي أن النادي «الكتالوني» استطاع الظفر بلقبي دوري إسباني عامي 2005 و2006 ولقب دوري أبطال أوروبا عام 2006، وهو ما يثبت أن تعاقدات «النادي الملكي» مع لاعبين كبار ـ في ذلك الوقت ـ لم يمنع برشلونة من تحقيق الألقاب رغم افتقاره لنجوم كبار بحجم أولئك الذين تعاقد معهم بيريز، وهو ما يجعل النادي الكتالوني هادئا حيال التعاقدات الجنونية التي يقوم بها «الميرينغي». الموسم المقبل سيكون مثيرا، وسيكون عنوانه في النهاية قراءة برشلونة الواعية للواقع والتاريخ، أو نجاح تعاقدات فلورنتينو بيريز، لننتظر لنرى.