بعد فجوة دامت على مدى عقدين من الزمان، تعود أوروبا الشرقية لتصبح مجددا بؤرة الضوء من خلال استضافة البطولات والأحداث الرياضية الكبيرة من خلال إقامة بطولة كأس الأمم الأوروبية القادمة (يورو 2012) في پولندا وأوكرانيا، وإقامة دورة الألعاب الأولمبية الشتوية عام 2014 في منتجع سوتشي الروسي. ولم يتسبب انهيار الشيوعية في أوروبا الشرقية مع نهاية الثمانينيات من القرن الماضي في انهيار نظام سياسي فحسب، وإنما كان نهاية أيضا لنظم استغلت بشكل جيد المستويات الرياضية والبطولات والأحداث الرياضية كوسيلة من وسائل العلاقات العامة. وفي دول الكتلة الشرقية والاتحاد السوفييتي السابق، كانت البنية الأساسية الرياضية وتنظيم الأنشطة الرياضية ضمن اهتمامات الدولة وتحظى بأهمية قومية قصوى.
ومنذ بداية الخمسينيات وحتى أواخر الثمانينيات من القرن الماضي كانت أبرز الأحداث الرياضية في هذه المنطقة من العالم هي أولمبياد موسكو 1980 حيث تفوقت الدول الشيوعية على نظيرتها الرأسمالية في أنشطة الأولمبياد وفي بطولات العالم، حيث أتى الاستثمار الكبير في مجال الرياضة ثماره. ولكن، مع انهيار الشيوعية وما تبعه من سنوات الاضطراب الاقتصادي من خلال تحول دول الكتلة الشرقية السابقة إلى اقتصاديات السوق تلقت الرياضة وتأييدها ودعمها ضربة قوية. ولم يكن مستغربا أن يعلن الرئيس الروسي السابق ورئيس الوزراء الحالي فلاديمير بوتين، لدى فوز منتجع سوتشي في عام 2007 بحق تنظيم أولمبياد 2014 الشتوي، أن ذلك يمثل اقرارا دوليا بانبعاث اقتصاديات بلاده مجددا.
وقال بوتين «إنه اعتراف بإمكانياتنا المتنامية وفي مقدمتها إمكانياتنا اقتصاديا واجتماعيا».
وكان فوز موسكو بحق استضافة نهائي بطولة دوري أبطال أوروبا لكرة القدم لعام 2008 وكذلك استضافة انشطة بطولة العالم 2013 لألعاب القوى دليلا آخر على تعافي روسيا بعد انهيار الشيوعية وسنوات الاضطراب الاقتصادي.
كما تقدمت روسيا أيضا بطلب لتنظيم بطولة كأس العالم لكرة القدم عام 2018 أو 2022 وأعلنت الحكومة الروسية ذلك في وقت سابق من هذا الشهر، حيث تعهدت الحكومة بمساندة هذا الملف والاستثمار بشكل هائل في المجالات المرتبطة به.
ومثلما هو الحال بالنسبة لبطولة العالم لألعاب القوى، لم يسبق لبطولة كأس العالم لكرة القدم أن أقيمت في أي مكان بأوروبا الشرقية التي وضعت نفسها بقوة حاليا على خريطة العالم الرياضية بعد 20 عاما من انهيار سور برلين.
وفي الوقت الذي تشعر فيه روسيا بالسعادة لاستغلال أولمبياد 2014 الشتوي من أجل استعادة مجدها القومي نالت پولندا التي كانت تدور في الفلك السوفييتى سابقا وأوكرانيا احدى جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق الفرصة لضخ الاستثمارات في مجال انشاء وتحديث البنية الأساسية الرياضية من خلال فوزهما بحق التنظيم المشترك لنهائيات كأس الأمم الأوروبية 2012. وانضمت پولندا على الاتحاد الأوروبي في 2004 كما حظيت بنمو اقتصادي قوي حتى قبل بداية الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية ولكنها الآن أصبحت بحاجة ماسة إلى الاستثمارات المطلوبة لتجهيز البنية الأساسية اللازمة لاستضافة يورو 2012 وتبلغ قيمتها 24 مليار دولار.