مؤمن المصري
قضت لجنة فحص الطعون بالمحكمة الدستورية أمس بقبول الطعن المقدم من الشيخ طلال الفهد ضد وزير الشؤون الاجتماعية والعمل بصفته شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من عدم جدية الدفع بعد دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة 5 من القانون رقم 5 لسنة 2007 في شأن تنظيم بعض اوجه العمل في كل من اللجنة الاولمبية الكويتية والاتحادات والاندية الرياضية.
كما قضت اللجنة، التي عقدت جلستها برئاسة رئيس المجلس الأعلى للقضاء المستشار يوسف الرشيد وعضوية المستشارين فيصل المرشد وراشد الشراح وأمانة سر مبارك الشمالي، بإحالة النزاع الى المحكمة الدستورية بكامل هيئتها للفصل فيه. وحددت جلسة 18/1/2010 لنظر الدعوى الدستورية.
وعقب صدور الحكم، صرح المحامي الحميدي بدر السبيعي محامي الشيخ طلال الفهد بأن الحكم قد أصاب كبد الحقيقة حيث قضى بأن هناك شبهات حول عدم الدستورية حسب الظاهر على الفقرة المذكورة والمتعلقة بعزل الطاعن (الشيخ طلال) من منصبه كنائب مدير عام للهيئة العامة للشباب والرياضة. وقررت المحكمة قبول الدفع بعدم الدستورية وإحالة القضية للمحكمة الدستورية للبت فيها ما يعد تأكيد لما ذكرناه سابقا بأن القانون رقم 5/2007 تعتريه الكثير من الشبهات الدستورية، وهذا ما نطمح لإقراره أمام المحكمة الدستورية إن شاء الله.
وجاء في وقائع الحكم: إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب، إذ قضى الحكم بعدم جدية الدفع المبدى منه بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة 5 من القانون رقم 5 لسنة 2007 في شأن تنظيم بعض أوجه العمل في كل من اللجنة الاولمبية الكويتية والاتحادات والأندية الرياضية، التي جرى نصها على أنه «لا يجوز لأي شخص أن يجمع بين عضوية مجلس الإدارة في أي من مجالس إدارات الهيئات الرياضية المشار إليها في الفقرة السابقة والعمل في وظيفة قيادية بأجر أو مكافأة بأي من هذه الهيئات. فإن جمع الشخص بينهما اعتبر مستقيلا من هذه الوظيفة بحكم القانون من تاريخ تحقق حالة الجمع»، وذلك لمخالفة هذا النص أحكام الدستور، لمساسه بحرية العمل، وإسقاط حق الفرد في اختيار نوعه، وإجباره قانونا على عمل هو في حقيقته عمل تطوعي بغير مقابل، وانطواء النص على تمييز غير مبرر، وإخلاله بمبدأ المساواة، وافتقاره للعمومية والتجريد، والتعسف في استعمال السلطة والانحراف بها، وستره لعقوبة مقنعة ذات أثر رجعي باقصاء شاغل الوظيفة العامة عن عمله وحرمانه من أجره، وإنهاء خدمته إنهاء مبتسرا بحكم القانون، وأقام الحكم المطعون فيه قضاءه على سند من أنه قد أورد الدفع بعدم الدستورية بصحيفة الاستئناف وأشار صراحة الى مخالفة هذا النص للدستور، وبذلك يكون قد سلك سبيل الادعاء المباشر بعدم الدستورية بالمخالفة لحكم المادة الرابعة من قانون انشاء المحكمة الدستورية، ورتب الحكم على ذلك عدم جدية الدفع في حين أن قانون انشاء المحكمة أجاز في المادة الرابعة منه للخصم أن يتقدم أمام محكمة الموضوع بدفع بعدم الدستورية، وأن تقدر المحكمة المثار أمامها الدفع مدى جديته، دون أن يتطلب القانون إبداء هذا الدفع في شكل معين، وان خالف الحكم المطعون فيه ذلك، مما حجب المحكمة عن التعرض للأسباب التي ساقها تأييدا للدفع بعدم دستورية النص المطعون فيه، وعلى الرغم من وجود شبهة ظاهرة على مخالفته أحكام الدستور فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا بما يستوجب القضاء بإلغائه، وإحالة الأمر الى المحكمة الدستورية – بكامل هيئتها – للفصل فيه.
وحيث إن هذا النعي ـ في أساسه ـ سديد، ذلك أن مفاد المادة الرابعة من قانون انشاء المحكمة الدستورية رقم 14 لسنة 1973 ـ وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة ـ أن المشروع حدد وسائل رفع المنازعات اليها، وأتاح لكل ذي شأن من الخصوم في نزاع مطروح على المحاكم إبداء الدفع بعدم دستورية نص تشريعي يحكم واقعة النزاع، وخول لمحكمة الموضوع سلطة تقدير مدى جديته، فإذا ما رأت أن الدفع يقوم على أسباب جدية أوقفت الدعوى، وأحالت الأمر إلى المحكمة الدستورية للفصل فيه، أما إذا رأت أن أسباب الدفع بعدم الدستورية غير جدية، استمرت في نظر الدعوى وفصلت في موضوعها، وذلك تقديرا من المشرع بضرورة توافر المقتضى الذي يبرر وقف الدعوى والإحالة الى المحكمة الدستورية، حتى لا يتخذ هذا الدفع وسيلة لإطالة أمد التقاضي بغير مبرر، واستبعاد الدفوع التي تبدو في ظاهرها أنها كيدية بقصد التسويف وتعطيل الفصل في الدعوى، كما أجاز المشرع لذوي الشأن الطعن في الحكم الصادر بعدم جدية الدفع لدى لجنة فحص الطعون بالمحكمة الدستورية لمراجعة الحكم فيما يتعلق بهذا الشق، فإذا ما قضت بإلغائه أحالت المسألة الدستورية الى المحكمة الدستورية ـ بكامل هيئتها ـ للفصل فيها، وواقع الأمر أن المشرع أراد بذلك أن يوفر المزيد من الضمانات في مجال الشرعية الدستورية بحيث يكون هذا الأمر مكملا لحق ذوي الشأن في إبداء الدفع الفرعي لحق المحاكم بالإحالة الى المحكمة الدستورية سواء من خلال هذا الدفع او من تلقاء نفسها ولحق مجلس الوزراء ومجلس الأمة في رفع الدعوى باعتبار ان هذه الصور حلقات تتضافر جميعها في توكيد الشرعية الدستورية، وغني عن البيان ان اختصاص هذه اللجنة المقرر لها قانونا إنما ينصرف الى الرقابة على الحكم، ويتحدد بنطاق أسباب الطعن في الأحكام التي تتفق والطبيعة الخاصة للخصومة في الطعن وتتواءم مع الاختصاص المنوط بهذه اللجنة قانونا، ولازم ذلك جميعه ان تعرض محكمة الموضوع لكل الأسباب التي ساقها الخصم تأييدا للدفع بعدم الدستورية، وان يكون استخلاصها في عدم جدية الدفع استخلاصا سائغا، وله معينه الثابت بالأوراق، ويكفي لحمل قضاء الحكم في هذا الشأن.
لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق ان الحكم المطعون فيه قد قضى بعدم جدية الدفع المبدى من الطاعن على سند من انه قد أورد الدفع بعدم دستورية النص التشريعي بصحيفة الاستئناف وأشار صراحة الى مخالفة هذا النص للدستور، وانه يكون بذلك قد سلك سبيل الادعاء المباشر بعدم الدستورية بالمخالفة لحكم المادة الرابعة من قانون إنشاء المحكمة الدستورية، في حين ان الدفع بعدم الدستورية ـ وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ـ هو دفع موضوعي، ولا يعدو ان يكون وسيلة من وسائل الدفاع، وانه يجوز إبداؤه في أي حالة تكون عليها الدعوى، ولا مانع يمنع الخصم من إبدائه سواء في صحيفة دعواه، او في مذكرة مقدمة منه لمحكمة الموضوع وإطلاع الخصم الآخر عليها، او إبدائه شفاهة امام تلك المحكمة في حضور خصمه وإثبات ذلك بمحضر الجلسة، وانه ليس من شأن إبداء هذا الدفع ان يترتب عليه حتما إحالة الأمر تلقائيا الى المحكمة الدستورية للفصل فيه، بل يبقى دور محكمة الموضوع قائما في تقدير مدى جديته، وهذه الجدية لا تتعلق بالشروط المتطلبة لقبول الدعوى الدستورية، ولكنها تتصل بمدى لزوم الفصل في المسألة الدستورية للفصل في الدعوى الموضوعية، وبفحص الدلائل التي تقوم معها شبهة على مخالفة النص التشريعي للدستور وهي شبهة يتعين على المحكمة ان تتحراها لتقرير مدى صحتها، ومتى كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يعرض للأسباب التي ساقها الطاعن تأييدا لدفعه، ولم يتناولها الحكم لا بالبحث ولا بالتمحيص، رغم كونها أسبابا أشار الطاعن الى ما يظاهرها، وهو ما يعيب الحكم بالقصور في التسبيب ومخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، ما يوجب القضاء بإلغائه في هذا الشق.
ومتى كان ما تقدم، وكان ما طرحه الطاعن من أسباب تأييدا لدفعه من شأنها ان تحيط بالنص التشريعي ـ بحسب الظاهر ـ شبهات تلقي بظلال من الشك حول عدم دستوريته، فإنه يتعين من ثم قبول هذا الدفع وإحالة الأمر الى المحكمة الدستورية ـ بكامل هيئتها ـ لإعمال رقابتها على النص المطعون فيه لتستبين مدى مطابقته او عدم مطابقته لأحكام الدستور، باعتبارها صاحبة الولاية في مجال الشرعية الدستورية، وهي التي لها القول الفصل في مدى دستورية التشريعات.
فلهذه الأسباب: حكمت المحكمة: أولا: بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وذلك فيما تضمنه من عدم جدية الدفع بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة 5 من القانون رقم 5 لسنة 2007 في شأن تنظيم بعض أوجه العمل في كل من اللجنة الأولمبية الكويتية والاتحادات والأندية الرياضية.
ثانيا: بإحالة النزاع الى المحكمة الدستورية بكامل هيئتها للفصل فيه، وحددت جلسة 18/1/2010 لنظر الدعوى الدستورية.