ناصر العنزي
اضطر حكم في كرة القدم الى الخروج من الملعب بعد ان أخرج الى نفسه البطاقة الحمراء وقرر أندي واين الخروج بعد انفعاله على حارس مرمى فريق «نورت اند» ريتشارد ماكجافين في إحدى مباريات الدوري الانجليزي في الدرجة الثانية والذي احتج على هدف دخل مرماه، مؤكدا ان احد لاعبي الخصم ارتكب خطأ ضد زميل له فثار الحكم وألقى بصافرته على الأرض وتوجه مباشرة الى الحارس يوبخه ويعنفه، وبعدها ترك الحكم الملعب في الدقيقة 63، وأقر انه كان يجب ألا يدير هذه المباراة بسبب مشاكل شخصية يعاني منها، وقال: لقد كان الموقف أبعد ما يكون عن الاحتراف، ولو ارتكب لاعب هذا الفعل لطردته، ولذلك طردت نفسي!
وإذا أردت ان تكون حكما ناجحا، فانهض باكرا وتوجه الى اقرب مكتبة عامة واقرأ في كتاب «العدل» فإن لم يكن حكم المباراة عادلا فالأفضل أن يبحث له عن وظيفة اخرى، وإذا أردت ان تكون حكما ناجحا فكن شجاعا كدريد بن الصمة، واذا كنت لا تعرف دريد بن الصمة فاسأل عنه عافاك الله، واذا أردت ان تكون ناجحا فاجعل لشخصيتك وحضورك مكانا بين اللاعبين فإن تلفظ أحد عليك بكلمات جارحة فناده برقمه وقل له بهدوء: ما رأيك باللون الأحمر؟ وأشر إليه الى بوابة الخروج من الملعب واجمع اللاعبين وقل لهم: حكم بلا شخصية كالزوج آخر من يعلم، وإذا أردت ان تكون حكما ناجحا فأحسن التصرف كي لا تجد معارضة من حولك فلا تنتظر طويلا وتحدث نفسك خطأ أم لا، ركلة جزاء أم ركلة ركنية؟ فإذا كنت حكما من هذا النوع فالأفضل لك ان تتحول الى حكم كرة الريشة الطائرة.
ويعرف حكام الكرة في السابق بلباسهم الأسود قبل ان تدخل عليه الألوان الزاهية الفسفورية، ويعرف الحكم بصافرته وتخيلوا حاله لو فقد صافرته في الملعب او طلب منه إدارة المباراة بلا صافرة، كما هو حال مباريات فرق الصم والبكم، وأشهر الصافرات العالمية هي صافرة الحكم التونسي علي بن ناصر بعدما احتسب هدفا للنجم العالمي دييغو مارادونا في مرمى انجلترا في مونديال المكسيك 1986 من لمسة يد واضحة ويومها قال مارادونا: «ليست يدي التي سجلت الهدف»، وعجلت صافرة من المدرجات برحيل الحكم السوفييتي ميروسلاف ستوبار عن مونديال إسبانيا 1982 بعدما احتسب هدفا في مرمى منتخبنا الأزرق لصالح فرنسا والمتقدمة 3 ـ 1، واحتج لاعبونا ونزل الشهيد الشيخ فهد الأحمد الى الملعب ودار حوار محترم مع الحكم انتهى بإلغاء الهدف وسط ذهول الفرنسيين الذين عادوا وسجلوا هدفا رابعا، وكتبت الصحف الإسبانية «وعد الشيخ الكويتي الحكم السوفييتي ببئر نفط فألغى الهدف»!
هل رأيتم حكما يرفع البطاقة الحمراء للجمهور؟ إنه جواد عاشور، الحكم المثير للجدل الذي تخشاه الفرق لعدله وحزمه وجرأته فكانت صافرته كالسوط على ظهور المخالفين، وبطاقته الصفراء كورقة مخالفة المرور الملصقة على زجاج السيارة، وبطاقته الحمراء كالضوء الأحمر «المزعج» الصادر من كاميرا المرور عند قطع الإشارة أو تجاوز السرعة المحددة، ففي إحدى مباريات الدوري عام 1986، تقدم الجهراء على القادسية 3 ـ 0 فأخذت الجماهير القدساوية بصوت واحد تشتم عاشور، فما كان منه إلا إيقاف المباراة والاتجاه صوب مدرج القادسية وإخراج البطاقة الحمراء!