لم يتأخر مدرب الارجنتين دييغو مارادونا في التنويه بقيمة نجمه المتألق في وسط الميدان خافيير ماسكيرانو، حيث أكد مدرب كتيبة التانغو أن هذا منتخب يلعب فيه ماسكيرانو وعشرة لاعبين آخرين». وواصل ماسكيرانو ابن مدينة سانتافي تألقه ضمن صفوف العملاق الإنجليزي ليفربول، وهو يعد واحدا من أبرز المخضرمين في تشكيلة منتخب بلاده ولو أن عمره لا يتجاوز 26 ربيعا، حيث أمضى ما لا يقل عن 7 سنوات في الدفاع عن ألوان الأرجنتين في المحافل الدولية، ليحمل شارة الكابتن في كتيبة مارادونا التي ستشد الرحال إلى بلاد مانديلا. وتحدث ماسكيرانو لموقع «fifa.com» عن مسيرته الناجحة في الملاعب الإنجليزية فضلا عن حظوظ بلاده في النهائيات، مشيدا في الوقت ذاته بمهارات صديقه ليونيل ميسي.
كيف تشعر بعد كل هذه السنوات في ليفربول؟
ينتابني شعور رائع، بكل صراحة، فقد عاملوني باحترام وتقدير منذ اليوم الأول، إذ أشعر بارتياح كبير أنا وعائلتي. إن ليفربول مدينة صغيرة وجميلة، لكنها تتطور بشكل كبير.
ما الشيء الذي تستمتع به أكثر في هذه المدينة؟
مداعبة كرة القدم، بطبيعة الحال. إنها مدينة ساحلية ويمتاز سكانها بعملهم الدؤوب ومثابرتهم وجدهم واجتهادهم، مما جعلها تتطور بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة. وإذا طلب مني أن أدل الناس على مكان يستحق الزيارة، فسأدلهم على المواقع السياحية الأكثر إقبالا، مثل متحف البيتلز وآنفيلد وغيرهما من الأماكن الجذابة. إنها مدينة جميلة بحق.
يبدو أنك مندمج كليا في أجواء ليفربول، ألا تشتاق للأرجنتين؟
بطبيعة الحال، فقد غادرت البلاد قبل خمس سنوات. يشعر المرء دائما بالحنين إلى وطنه، خاصة عندما يمضي وقتا طويلا في الخارج. لكني تعودت على الغربة مع مرور الوقت. ومع ذلك فإنه بمجرد صدور برنامج مباريات الموسم أقوم بحجز التذاكر للسفر إلى البلاد مباشرة بعد انتهاء منافسات الدوري.
هل تنوي العودة إلى الدوري الأرجنتيني، أم أنك ستبقى في أوروبا لمدة أطول؟
من الصعب التكهن بما يمكن أن يحدث في المستقبل، ولا أريد أن أقول شيئا لست متأكدا منه. لكن، ألا تعتقد أنه مازال أمامي وقت طويل هنا؟ إن ما أنويه فعلا هو مواصلة اللعب هنا ثلاثة أو أربعة مواسم أخرى، ثم العودة إلى بلادي بمستوى جيد يتيح لي إمكانية الاستمتاع بأجواء الدوري الأرجنتيني على امتداد 4 أو 5 سنوات أخرى. أتمنى أن أعود إلى أحضان ريفر بليت، النادي الذي أدين له بكل شيء حيث عاملوني بكل احترام وعطف وثقة.
في تشكيلة ليفربول، يوجد مزيج بين اللاعبين الاسبان والأرجنتينيين. من منكم يتحدث الإنجليزية أفضل من الآخر؟
إنه المدرب، وهذا شيء منطقي، بحكم السنوات الطويلة التي أمضاها هنا وبما أنه مجبر على التواصل بالإنجليزية أكثر من غيره في الفريق. أما فيما يتعلق باللاعبين، فإن حارس المرمى بيبي رينا هو الأكثر إتقانا لهذه اللغة. إننا نتحدث بيننا بالاسبانية، لكننا – من باب الاحترام - نتواصل بالإنجليزية عندما نكون مجتمعين في غرفة تغيير الملابس أو أثناء تناول وجبة الغذاء.
تغيرت تطلعات جماهير الارجنتين رأسا على عقب وباتت تعلق عليكم آمالا كبيرة بعد فوزكم على ألمانيا في آخر مباراة ودية بميونيخ. هل فوجئت لهذا التغيير الجذري؟
لا، أبدا. هذا هو حال كرة القدم، حيث يصعد الفوز بك إلى أعلى القمة، بينما تتهاوى إلى الأسفل في حال الخسارة. تملك الأرجنتين لاعبين يمرون بفترة ممتازة، لكن التحدي الأكبر يتمثل في نقل تألق هؤلاء النجوم من الأندية إلى المنتخب، وهذا بالضبط ما عجزنا عن تحقيقه في مرحلة التصفيات.
عادة ما يقال من الأفضل دخول البطولات بعيدا عن دائرة المرشحين الكبار. هل أنت متفق مع هذا الطرح؟
إن الأهم هو ما ينجز فوق أرضية الملعب خلال البطولة التي تمتد لشهر كامل، بغض النظر عن الترشيحات والتوقعات. قد يرشح بعض المراقبين منتخبي اسبانيا والبرازيل، بعدما حققا أهم الألقاب في السنتين الأخيرتين. لكن التجربة علمتنا أن لقب كأس العالم يكون من نصيب الفريق الذي يتحسن أداؤه مع مرور مباريات البطولة إلى أن يبلغ قمة عطائه في المباراة النهائية، وليس الفريق الذي يتألق أكثر من غيره، إذ لم تبهر إيطاليا بأدائها في نهائيات 2006، بينما مرت البرازيل بفترة عصيبة في 2002، في حين احتاجت فرنسا إلى هدف ذهبي أمام پاراغواي لتواصل مشوارها في 1998. يجب أن ننتظر لنرى ما ستسفر عنه هذه النهائيات.
أنت لا تمتاز باللعب الفردي، رغم الإشادة بقدراتك وإمكانياتك، بماذا تفسر ذلك؟
لا أخفي أني أعمل كل يوم بجد واجتهاد من أجل تحسين مستواي وتطوير أدائي، رغم أني لا أستطيع تحقيق ألقاب وإنجازات شخصية، بحكم المركز الذي ألعب فيه وبالنظر إلى الخصائص التي تميز طريقة لعبي. فأنا مطالب بالجهد في وسط الملعب ومساعدة الفريق، ولا شيء سوى ذلك. لكني عندما أستيقظ كل يوم، أعرف أنه يتعين علي بذل المزيد من الجهود حتى أتمكن من تطوير مردودي أكثر فأكثر.
هل تثقل كاهلك كثرة الإشادات والتقدير والثناء؟
إن الاعتراف بقدراتي يجعلني أشعر بفخر واعتزاز كبيرين، خاصة إذا جاء على لسان المدربين الذين أشتغل معهم، إذ يعني ذلك أني محترف جيد، رغم أني أمر بفترات مد وجزر مثل أي لاعب آخر. كما تجعلني عبارات التقدير والثناء أتحلى بالتواضع ونكران الذات، خاصة إذا صدرت عن أشخاص لهم وزنهم على الساحة الدولية.
منحك مارادونا شارة الكابتن. ما الذي شعرت به وأنت تحظى بهذا الاعتراف؟
المنطق يفرض علينا القول ان ذلك لن يغير شيئا على الإطلاق، لكن واقع الحال يحثني على الاعتراف بأن تولي قيادة منتخب بلادي يجعلني أشعر بفخر واعتزاز لا نظير لهما. لكن ذلك يعد تشريفا وتكليفا في الوقت ذاته، إذ يتعين علي أن أكون عند مستوى التطلعات. أعتقد أني جاهز لتحمل المسؤولية، فقد سبق لي أن خضت نهائيات كأس العالم، مما يعني أني أصبحت في كامل نضجي الفني والتكتيكي.
ما الذي استفدته من تجربتك في مونديال ألمانيا 2006 ومن شأنه أن يساعدك في جنوب أفريقيا؟
لقد اكتسبت تجربة دولية مهمة. فقد كنت ما أزال ألعب في أميركا الجنوبية عندما شاركت في كأس العالم قبل أربع سنوات، إذ لم يسبق لي أن واجهت نجوما بقيمة ديدييه دروغبا وميكايل بالاك. أما الآن، فقد أمضيت أربع سنوات وأنا أنازل أفضل اللاعبين نهاية كل أسبوع، وهذا يجعلك تدخل غمار بطولة كأس العالم وأنت تدرك أنك تملك حظوظا أكبر لاتخاذ قرارات صائبة فوق أرضية الملعب.
من هو لاعب خط الوسط الذي يثير إعجابك أكثر؟
يعد الفرنسي كلود ماكيليلي مثلي الأعلى والمرآة التي أحاول أن أرى فيها نفسي، وإنه لمن الصعب أن أشرح أسباب هذا الإعجاب: لم أكن أحاول الظهور بنفس الصورة التي يبدو عليها، لكني كنت أشعر بأننا نتنفس كرة القدم ونمارسها بنفس الطريقة. وقد أتيحت لي الفرصة لمواجهته أكثر من مرة، حيث كان يبدو لي كل مرة أكثر عبقرية وتألقا. كما أعجبت بكل من ماتياس ألميدا ودييغو سيميوني، اللذين لعبت إلى جانبهما في صفوف المنتخب. وبالإضافة إلى هؤلاء، فقد تعلمت الكثير من ليوناردو أسترادا
يواصل ليونيل ميسي إمتاع العالم بلمساته الساحرة مع برشلونة. لكن ماذا يمكنكم أن تفعلوا في الأرجنتين حتى تجعلوه يقدم نفس الأداء؟
علينا أن نكون جميعا في أفضل مستوياتنا، إذ تعذر علينا جميعا اللعب وفق أدائنا المعهود في مرحلة التصفيات، لكن كل الضغوط والانتقادات سقطت على كاهل ميسي، الذي كان ينتظر منه تقديم شيء خارق للعادة. إن هذا ظلم شنيع، لأنه كان على النقاد توجيه أصابعهم إلى 18 أو 20 لاعبا. لقد شاهدت ميسي يبدع مع المنتخب الأرجنتيني، سواء في كوبا أميركا أو في الألعاب الأولمبية.
ما الأشياء التي تندم عليها خلال التصفيات؟ أهو الهدف الذي سجله عليكم منتخب بيرو في ملعب مونيمونتال؟
نعم، هذا مثال جيد على ما سبق أن أشرت إليه آنفا. لقد حاولت ضرب الكرة في رجل اللاعب المنافس حتى تخرج إلى ضربة مرمى، لكنها بقيت فوق أرضية الملعب فأتى منها هدف التعادل. لقد كان ذلك واحدا من أكثر الأخطاء فداحة في مساري الكروي، ومازلت عاجزا على استيعاب أسباب ذلك حتى يومنا هذا. سيراودني هذا الكابوس طوال مسيرتي الرياضية، رغم أنه شكل درسا مفيدا بالنسبة لي.
هل تحلم ان ترفع كاس العالم والا تفلت من بين يديك؟
يا ليت هذا الحلم يتحول إلى حقيقة. ولست أتمنى تلك اللحظة لتحقيق هدف شخصي، لأن الهدف الأسمى هو إعادة منتخب الأرجنتين إلى منصة التتويج، بغض النظر عن اسم اللاعب الذي يرفع الكأس أولا. إنها لحظة لا تضاهى ولا تقدر بثمن.