تتسابق الصحف ووكالات الأنباء والمحطات التلفزيونية العالمية لمعرفة ونقل انطباعات الساحر الأرجنتيني ليونيل ميسي نجم البارسا ومنتخب التانغو باعتباره أفضل لاعب في العالم حاليا، وانطلاقا من أنه اللاعب الأكثر قدرة على جذب أنظار الملايين نحو جنوب أفريقيا لمشاهدة كأس العالم، فقد اتفق عشاق ميسي على أن مونديال جنوب القارة السمراء سوف يشهد اعتراف العالم بأن ميسي هو أسطورة كرة القدم عبر التاريخ، فيما يراهن البعض الآخر على أن ميسي لا يعرف معنى الإبداع والتألق إلا في صفوف البارسا، بل يصفه البعض بأنه كاتالوني برشلوني وليس أرجنتينيا.
وفي سياق المقارنة الدائمة مع مدربه الحالي في صفوف التانغو، وأسطورة كرة القدم عبر تاريخها دييغو أرماندو مارادونا أكد ميسي لصحيفة «سبورت» الإسبانية أنه يكره هذا النوع من المقارنات لأنه ببساطة يجعله يشعر بالخجل، وذهب ميسي بعيدا في إظهار إعجابه بمارادونا حينما قال إن المقارنات الدائمة بينهما قد تحمل قدرا من الإساءة لمارادونا، وأشار إلى ذلك بقوله: «لا أحب أن يقارنني أحد بدييغو، وهذه المقارنات لم ترق لي يوما ما، فأنا أشعر بالخجل حينما تتم مقارنتي مع دييغو، إنها إساءة له، وإذا كنت أرغب في البرهنة على أنني أستحق مثل هذه المقارنات فيجب أن أفوز أولا بكأس العالم، ومن يرغب في أن يقول انه أفضل لاعب في العالم فعليه إثبات ذلك في المونديال، وعموما فأنا أرجنتيني تعلمت الكرة في روزاريو بالأرجنتين، وفي برشلونة، وأشعر بالفخر لأنني أدافع عن ألوان منتخب بلادي».
وفي سياق متصل أكد ميسي أن إنجلترا مرشحة مع إسبانيا والبرازيل للمنافسة على لقب كأس العالم، وأكد على ذلك بقوله: «أعتقد أن أقوى 3 منتخبات في المونديال هي إسبانيا وإنجلترا والبرازيل، أما عن إصرار البعض على التحدث عن عدم ظهوري مع المنتخب بالصورة ذاتها التي أظهر بها مع برشلونة فأؤكد أنني أحترم آراء ووجهات نظر الجميع، وأؤكد أنني الشخص الأكثر حرصا في العالم على الظهور مع منتخب بلاده بصورة جيدة لا تقل عن تلك التي أؤدي بها مع البارسا، وأعلم أن بطولة كأس العالم الحالية فرصة ذهبية لإثبات ذلك، وفي الوقت ذاته يجب الاعتراف بأن النظام والأجواء في برشلونة تختلف عنها في المنتخب، وفي برشلونة يعطيني غوارديولا فرصة اللعب في منتصف الملعب ولمس الكرة كثيرا، وحينما حصلت على أدوار هجومية مباشرة كنت موفقا في تسجيل الكثير من الأهداف، وبالنسبة لمارادونا فقد كنا نشعر بالاستغراب حيال تواجده معنا كمدير فني، وفيما بعد أصبحنا أكثر تكيفا مع الوضع، فهو قريب من اللاعبين، وخلال الفترة الأخيرة أصبحت علاقتنا أكثر قوة، وهو لا يتردد في منحي أعلى درجات الثقة.
أسطورة قادمة
صرح ميسي في حوار خاص مع موقع fifa.com بأنه بغض النظر عن سجله الحافل بالألقاب والمنجزات، فإنه يتوق لتحقيق حلمه الكبير، ألا وهو الظفر بلقب كأس العالم. وتحدث ميسي بعينين متقدتين وواثقتين عن أمور كثيرة أخرى نضع خيوطها بين أيديكم.
ثقة عالية
حتى وقت قريب، كان ميسي خجولا ومتحفظا أمام أجهزة التسجيل، بيد أن الأمور تغيرت بشكل كبير. فالأكيد أنه بالموازاة مع هذا التتويج القياسي في عالم كرة القدم، اكتسب النجم الأرجنتيني الثقة بالنفس بشكل يثير الإعجاب حقا. فخلال ردوده على الأسئلة المطروحة عليه، بات ميسي يتكلم برباطة جأش وثقة عالية بالنفس، إذ يتضح ذلك من خلال حديثه عن طموحاته المستقبلية، بعد أن حقق كل شيء تقريبا مع برشلونة.
وفي معرض كلامه قال ميسي: «أعتقد أنني لم أصل بعد إلى تحقيق أمنيتي، «واستطرد قائلا: «أحلم بالظفر بكأس العالم مع المنتخب الأرجنتيني، وبعدها أعاود الكرة وأحقق ما حققته مع برشلونة، أو أكثر من ذلك».
ولكن فضلا عن الجوائز والألقاب، فإن لميسي أيضا أهدافا شخصية حددها بدقة، ولا يتردد في أن يسر بها إلى الجمهور، حيث أكد بيقين ثابت: «أتوق إلى تحسين أدائي يوما بعد يوم، وأود أن أتابع مسيرتي نحو الأفضل، فما لا أعرفه، بوسعي أن أتعلمه، وما كنت أعرفه مسبقا، سعيت للتمكن منه، حتى لا أنساه».
يعد ميسي أصغر لاعب أرجنتيني نجح في هز الشباك خلال بطولة كأس العالم، حيث تأتى له ذلك قبل أربع سنوات في ألمانيا، ويدرك صانع العاب برشلونة تماما أنه قد جاء إلى جنوب أفريقيا بوجه آخر، فلم يعد مجرد لاعب في مقعد البدلاء، بل أصبح أهم لاعب في صفوف الفريق، فهل تغيرت طريقة استعداده لدخول غمار أم البطولات؟
أجاب ميسي قائلا: «لا، ليس كذلك، فأنا أعلم مسبقا أنه عليّ مواجهة مسؤوليات إضافية، كما أنني سأحظى بفرص إضافية أيضا، غير أن عنصر الثقة بالنفس والمعنويات العالية معطيان ثابتان، لذلك نحن واثقون تماما من قدرتنا على لعب كأس العالم على أحسن وجه، وأننا جديرون بحمل الكأس فوق منصة التتويج».
وماذا عن الضغط؟ وماذا يدور بذهن أفضل لاعب في العالم، وهو يرتدي القميص الأسطوري رقم 10 ضمن تشكيلة الألبيسيليستي؟
«الحقيقة أنني هادئ تماما، إذ لم أكن أسعى لذلك ولم أكن أحضر نفسي لهذه اللحظة. إن الطبع يغلب التطبع. هذا ما حدث معي في نادي برشلونة، فكانت الأمور تسير معي بشكل جيد جدا، وآمل أن أنقل هذا النمط وهذا الأسلوب بالإضافة إلى ملامح هذه الشخصية لأعزز بها صفوف المنتخب».
الخبرة والثقة بالنفس
لقد عانت الأرجنتين الأمرين لتكون من بين المنتخبات المتأهلة إلى نهائيات كأس العالم بجنوب أفريقيا، فقد كانت قاب قوسين من الإقصاء، قبل أن تضمن تذكرة المرور. فهل يرى نجم الألبيسيليستي أن ما حصل في التصفيات قد يكون مؤشرا على ما سيحدث خلال النهائيات؟
«إن مسألة التأهل قد تركناها وراء ظهورنا، رغم أنها قد كلفتنا الكثير، وعلينا الآن أن نبذل قصارى جهدنا، فالوضع مختلف تماما عن سابقه. إنني أرى أنه من الطبيعي أن تتنافس الأرجنتين على لقب بطولة العالم. لدينا لاعبون كبار، ونحن منتخب لا يطأ أرضية الملعب إلا ليحصد الألقاب».
بالنسبة إلى ميسي، فإن دييغو مارادونا يعتبر واحدا من أكبر الأسباب التي تجعل المنتخب الأرجنتيني قادرا على التتويج باللقب العالمي عن ثقة ويقين، إذ لا أحد مثله قادر على نقل الخبرة لعناصر فريقه. وقد أكد صاحب القميص رقم 10 في هذا الباب: «نعم، نعرف ذلك جيدا. لذلك أقول إن مرحلة الإقصائيات صفحة قد طويت وانتهى أمرها. لدينا إيمان قوي وثقة كبيرة بالنفس، ومن الواضح جدا أن تجربة مارادونا سيكون لها أثر كبير في مسيرتنا الكروية».
يعتبر المنتخب الأرجنتيني المرشح الأول لتصدر مجموعته، ولكن ميسي يحذر من الثقة الزائدة بالنفس، حيث قال: «أعتقد أنه في كأس العالم ليس هناك منتخب سهل، فقد تتبعت أداء منتخب نيجيريا خلال كأس أفريقيا، واتضح لي أنه الفريق النموذجي للقارة الأفريقية، فلديه لاعبون جيدون، ويتمتعون بلياقة بدنية عالية. إنه يشبه إلى حد ما منتخب ساحل العاج الذي واجهناه بألمانيا. أما بالنسبة لكوريا واليونان فلم يسبق لي أن لعبت ضدهما، ولكننا لا نستطيع الفوز في المباريات قبل أن نخوض غمارها. أقول هذا، ونحن واثقون من مواهبنا، ونعتقد أننا سننتصر في هذه المجموعة دون متاعب».
وفي ختام هذا الحوار الخاص، صرح ليونيل ميسي بأكبر أمنياته التي يتوق لتحقيقها: «أحلم بالفوز، مهما كان الثمن، «وأضاف قائلا وهو يرمق بنظرة ثاقبة «أتصور نفسي وقد وصلت إلى المباراة النهائية، واستطعت الفوز، وحملت الكأس. كيف وصلنا إلى هناك، لست أدري، إذ لم أقم بالتفكير في الأمر، لكنني واثق بأننا سنفوز».