بعد سنوات من الشك حول عدم قدرتها على تنظيم كأس العالم على أرضها، سيصبح الحلم حقيقة بالنسبة الى جنوب افريقيا التي تستقبل اعتبارا من اليوم اول كأس عالمية على ارض افريقية سيتبارى فيها صفوة المنتخبات العالمية للحصول على اللقب المرموق يوم 11 يوليو المقبل.
وستعني هذه الكأس الكثير لسكان القارة السمراء الذين يعانون الفقر المدقع والجوع والمآسي، وستكون متنفسا لهم ولو لفترة محدودة، وفرصة نادرة لاثبات قدراتهم في تنظيم احداث رياضية ضخمة بحجم كأس العالم.
فمنذ ان نالت جنوب افريقيا شرف استضافة كأس العالم في 14 مايو عام 2004، واجهت اللجنة المنظمة انتقادات عدة خصوصا فيما يتعلق بالنقل وقلة الفنادق المتوافرة وتم التشكيك في قدرات جنوب افريقيا على استضافة كأس العالم خصوصا فيما يتعلق بتوفير الأمن ايضا.
بيد ان الرئيس التنفيذي للجنة المنظمة داني جوردان رد على المشككين بقوله «لقد قالوا اننا سنواجه الافلاس وكانوا مخطئين، قالوا ايضا ان احدا لن يشتري بطاقات لحضور مباريات كأس العالم، وهنا ايضا اخطأوا، لم يترددوا في القول ان الناس خائفون من القدوم الى جنوب افريقيا وكانوا على خطأ ايضا. المنتخبات وأنصارها يصلون تباعا وهذا اكبر دليل على ان الحضور سيفوق التوقعات».
وأضاف «تمثل كرة القدم الامل، كرة القدم تمثل السعادة، كرة القدم تمثل الانجازات، كرة القدم تمثل تطور اشخاص كثيرين في هذه القارة». عندما ضرب زلزال مدمر تشيلي عام 1962 قبيل أشهر قليلة من استضافة كأس العالم، ناشد رئيسها كارلوس ديتبورن المجتمع الدولي بعدم سحب التنظيم من بلاده بقوله «لاننا لم نعد نملك شيئا، فنحن في حاجة الى نهائيات كأس العالم».
قد يكون ما قاله رئيس تشيلي سابقا ينطبق حاليا على جنوب افريقيا، فعلى الرغم من معدل الاجرام المرتفع في هذه الدولة الافريقية، وغياب الأمن وعدم فاعلية المواصلات، فانها نجحت في تخطي هذه الحواجز وحولتها الى حوافز لتكون على أهبة الاستعداد لاستقبال اسرة كرة القدم العالمية. ويبرز الجنوب افريقيون للملأ نجاح بلادهم في تنظيم تظاهرات كبيرة سياسية كتنصيب الرئيس السابق مانديلا عام 1994 وزيارة البابا يوحنا بولس الثاني (1995)، ورياضية كاستضافة بطولة العالم للركبي (التي أحرزت لقبها عام 1995) وكأس الأمم الأفريقية (توجت بطلة لأفريقيا عام 1996) وكأس العالم لألعاب القوى (1998) ودورة الألعاب الأفريقية (1999).
ويؤكد رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، السويسري جوزيف بلاتر، انه يجب «الوثوق بأفريقيا وان نستبعد جميع الشكوك المتعلقة بالأمن».
وقال بلاتر الذي كان وراء منح جنوب أفريقيا شرف استضافة مونديال 2010 «للأسف، هناك في هذا العالم الذي نعيش فيه أناس يعتقدون انه ليس لأفريقيا الحق باستضافة كأس العالم هذه. يجب ان نثق بافريقيا. اتركوا افريقيا تقوم بهذه المهمة وسترون انها ستقوم بها على اكمل وجه».
وستكون كرة القدم اللعبة الأكثر شعبية في العالم اللغة الموحدة للكرة الارضية بأسرها وعلى مدى شهر بالكامل، حيث تخوض المنتخبات الـ 32 المشاركة 64 مباراة في مدن جنوب أفريقيا هي جوهانسبيرغ وبورت اليزابيث وكيب تاون وراستنبرغ وبريتوريا وبلومفونتين وبولوكوين ونيلسبروت ودوربان.
وستتنافس هذه المنتخبات على احراز الكأس المرموقة التي تزن 4.970 كلغ ويبلغ طولها 36 سنتم وهي من الذهب الخالص عيار 18 قيراطا، وقد صممها الايطالي سيلفيو كازا وقد تم تجديد الكأس عام 2005، ويستطيع المنتخب الفائز ان يدون اسمه عليها حتى نسخة عام 2038 قبل ان تستبدل بكأس أخرى. ويحتفظ المنتخب الفائز بالكأس لمدة اربع سنوات قبل ان يحصل على نسخة منها يبقيها في خزائنه الى الأبد.
وتفخر جنوب افريقيا، التي عادت الى الحظيرة الدولية في أوائل التسعينيات من القرن الماضي بعد فترة طويلة من العزلة وذلك اثر زوال نظام الفصل العنصري، انها تمتلك البنى التحتية الاساسية والضرورية لتنظيم حدث بحجم كأس العالم، خصوصا بعد ان أجرت تعديلات على بعضها من حيث التحديث والتوسيع، وقد بلغت الكلفة الاجمالية لتنظيم كأس العالم ملياري دولار.
وتملك جنوب أفريقيا 3 مطارات دولية في جوهانسبيرغ وكيب تاون ودوربان تستخدمها اكثر من 60 شركة طيران عالمية، ومطارات داخلية في المدن المرشحة لاستضافة المباريات، وشبكة غنية من السكك الحديدية والاوتوسترات الدولية الحديثة، ويوجد فيها نحو 500 فندق من الدرجة الاولى وهي من الدول المتقدمة نسبيا على صعيد السياحة حيث يزورها سنويا اكثر من 10 ملايين سائح، وهي معروفة بانها بلد الماس، اذ اكتشف فيها قبل نحو قرن ونصف وتحديدا في العام 1867.