ستكون الطريق ممهدة أمام هولندا لموقعة ثأرية محتملة مع البرازيل عندما تواجه سلوفاكيا اليوم على ملعب «موزيس مابهيدا ستاديوم» في دوربن ضمن الدور الثاني وسيكون المنتخب البرتقالي مرشحا فوق العادة من اجل ان يضع حدا لمغامرة نظيره السلوفاكي الذي بلغ الدور الثاني للمرة الاولى بعد انحلال عقد تشيكوسلوفاكيا، وذلك بعدما جرد المنتخب الايطالي من لقبه بطلا للعالم وتأهل على حسابه بالفوز عليه 3-2 في الجولة الثالثة الأخيرة من منافسات المجموعة السادسة.
قد يرى البعض ان المنتخب السلوفاكي قادر على تحقيق مفاجأة مدوية اخرى يضيفها الى اطاحته بأبطال العالم، لكن واقع الامور يؤكد بأن منتخب فلاديمير فايس ليس بالفريق القادر على تحقيق هذا الأمر وقد نجح في بلوغ الدور الثاني بسبب المستوى المتواضع الذي ظهر به «الازوري» منذ الجولة الأولى أمام الپاراغواي، ولو نجح رجال المدرب مارتشيلو ليبي في تقديم المستوى الذي أظهروه في ربع الساعة الأخير قبل ان يقولوا «اريفيدرتشي» للعرس الكروي العالمي، لما كنا نتحدث عن مواجهة هولندية - سلوفاكية في الدور الثاني.
وما يعزز فرضية ان الهولنديين سيخرجون فائزين من مواجهة الغد هو ان المنتخب «البرتقالي» الحالي مختلف تماما عن المنتخبات السابقة التي تميزت بأسلوب السهل الممتنع دون ان تنجح في تحقيق النتائج المرجوة كما حصل في كأس أوروبا 2008 عندما اكتسح رجال المدرب ماركو فان باستن الايطاليين والفرنسيين في دور المجموعات قبل ان يودعوا في ربع النهائي على يد الروس.
وقد تكون هولندا «أقوى منتخب لم يحرز المونديال»، لكنها كانت قاب قوسين أو أدنى من تحقيق احلام هذه الدولة الصغيرة البالغة مساحتها 41 ألف كلم مربع فقط، عندما بلغت النهائي مرتين وخسرت بفارق بسيط أمام المانيا الغربية 2-1 عام 1974، والارجنتين 3-1 بعد تمديد الوقت عام 1978.
لطالما كان المنتخب الهولندي يقدم مستويات رائعة واستعراضية، لكنه يعاني من هبوط مفاجئ في مواجهاته الحاسمة ومن ضعف ذهني، لكن هذا لا يمنعه من نيل لقب المنتخب صاحب العروض الأكثر جمالية في القارة الاوروبية، نظرا للعبه الهجومي الصريح الذي تبلور في سبعينيات القرن الماضي في فترة اشراف المدرب الراحل «الجنرال» رينوس ميكلز على منتخب «الطواحين» ما دفع الاتحاد الدولي لكرة القدم ان يمنحه لقب «مدرب القرن» عام 1999.
لكن فان مارفييك فرض، على اقله حتى الآن، معادلة هولندية جديدة أعطت مفعولها في التصفيات عندما كان «البرتقالي» من أول المنتخبات التي حجزت مكانها في النهائيات، ثم في الدور الأول عندما لعب بطريقة واقعية تماما دون المبالغة في الاندفاع الهجومي التقليدي، فتخلص من الدنمارك (2-0) ثم اليابان (1-0) ثم الكاميرون (2-1).
ويأمل الهولنديون ان تعطي الواقعية التي يعتمدها مدربهم فان مارفييك ثمارها وان يتجنبوا سيناريو مشاركتهم الأخيرة في العرس الكروي عندما ودعوا من الدور الثاني على يد البرتغال، وذلك من خلال حسم مواجهتهم الأولى على الاطلاق مع سلوفاكيا المستقلة، علما بأنهم تواجهوا مع تشيكوسلوفاكيا خلال الدور الأول من مونديال 1938 وخسروا 0-3 بعد التمديد، وفي نهائيات كأس أوروبا 1976 و1980 فخسروا في نصف النهائي 1-3 بعد التمديد وفي الدور الأول وتعادلوا 1-1 على التوالي.
فاز «سيليساو» أيضا 3-2 في طريقه للفوز باللقب على حساب ايطاليا. من المؤكد ان هولندا تبحث عن نسيان مشاركتها في مونديال المانيا 2006 ومواجهتها الدموية مع البرتغال، واخفاق كأس أوروبا 2008 انطلاقا من بوابة سلوفاكيا، وسيتمكن فان مارفييك من الاعتماد مجددا على النجم المميز اريين روبن الذي استعاد عافيته بعد الاصابة التي تعرض لها قبيل انطلاق المونديال في مباراة ودية امام المجر، وشارك في أواخر الشوط الثاني من مباراة الجولة الأخيرة أمام الكاميرون.
روبن: سلوفاكيا كسبت احترام الجميع
علق النجم الهولندي اريين روبن المتوج بثنائية الدوري والكأس الالمانيين مع بايرن ميونيخ الالماني على عودته الى المنتخب البرتقالي، قائلا في حديث لموقع الاتحاد الدولي «انا سعيد، سعيد جدا، اعتقد انكم تعلمون الجهد الذي بذلته من اجل تحقيق ذلك، وبالتالي فان خوضي المباراة كان امرا مميزا بالنسبة لي، كانت تجربة رائعة ومتعة كبيرة ان اشارك في نهائيات كأس العالم، شعرت باني شفيت تماما وكنت جاهزا لخوض هذه المباراة فوق المستطيل الاخضر، لم اشعر بالاصابة إطلاقا، انا جاهز للمساهمة في خط الهجوم».
وتحدث روبن عن المفاجأة التي حققتها سلوفاكيا على حساب ايطاليا «ربما شكل هذا الامر مفاجأة بالنسبة لكثيرين، لكن سلوفاكيا تملك منتخبا جيدا جدا، لقد اثبتت ذلك في السابق، وكررت هذا الامر هنا، كما ان المنتخبات الصغيرة اثبتت انها لم تعد كذلك في عالم كرة القدم، لقد كسب المنتخب السلوفاكي احترام الجميع، وليس واردا على الاطلاق ان نستخف به، لقد كنا صريحين منذ بداية البطولة باننا سنقارب كل مباراة على حدة، والان سنركز جهودنا على سلوفاكيا وسلوفاكيا وحدها، أنا اتطلع لهذه المواجهة».
فان درفارت: خصم صعب
رأى الهولندي رافايل فان در فارت ان بامكان المنتخب الهولندي ان يذهب حتى النهاية، مضيفا «سلوفاكيا فريق جيد وستكون خصما صعبا، نحن فزنا بمجموعتنا وحصلنا على تسع نقاط ونحن سعداء بما حققناه، انا اؤمن باننا سنصل الى النهائي».
فايس فخور بمسيرة سلوفاكيا
وفي المعسكر الاخر، فمن المؤكد ان سلوفاكيا سطرت اسمها في سجلات العرس الكروي بالدولة المسؤولة عن اقصاء ابطال العالم، وهو انجاز كبير لرجال فلاديمير فايس الذي قال بعد التأهل الى الدور الثاني: «انه احد اجمل الايام في حياتي، انا فخور جدا لما حققه لاعبو فريقي، لقد قدموا مباراة رائعة».
واضاف «الشعب السلوفاكي بأسره سعيد، انه يوم رائع بالنسبة الينا، قبل المباراة كنا تحت ضغط قوي ولقد تحضرنا جيدا مع الجهاز الفني واللاعبين، بعد ولادة ابني، هذا اليوم هو الاسعد في حياتي، اشكر جميع انصار المنتخب السلوفاكي الذين قدموا الى جنوب افريقيا لمؤازرتنا، انا فخور جدا بفريقي لقد لعب جميع اعضاء الفريق بمستوى عال جدا طوال 80 دقيقة خصوصا اننا كنا نواجه ابطال العالم، عانينا من ضغط كبير في ربع الساعة الاخير لكننا خرجنا فائزين في النهاية».
وتمكن لاعبو المنتخب السلوفاكي من التفوق على انفسهم لانتزاع بطاقة التأهل إلى الدور الثاني، ولعب روبرت فيتيك دور البطل بتسجيله هدفين من اصل اهداف بلاده الثلاثة في مرمى الايطاليين، وهو علق على ما حققه قائلا لموقع الاتحاد الدولي «انه انجاز عظيم، لقد تخطينا حدود امكانيات الكرة السلوفاكية، لم نجرؤ على الحلم بهذا الامر، انا سعيد جدا، لقد اثبتنا قدرتنا على تحقيق اشياء كبيرة، لا يهم عندي ادائي، وحده المنتخب يهمني».
ويبقى ان نرى ما اذا كانت افراح سلوفاكيا وفايس الاب والابن ستستمر، ام ستنتهي المغامرة عند حدود المد «البرتقالي».