ودع الارجنتيني ليونيل ميسي المونديال وهو يجر ذيل الخيبة بعد ان خرج منتخب بلاده من العرس الكروي العالمي بخسارة مذلة أمام نظيره الألماني (0-4). واثبتت النهائيات التاسعة عشرة انها بطولة الأداء الجماعي وليس النجوم على الإطلاق لأن ايا من النجوم الكبار الذين توجهت الأنظار إليهم قبل انطلاق العرس الكروي لم يقدم اي شيء يذكر، واكبر مثال على ذلك كان رونالدو، أغلى لاعب في العالم، الذي دون اسمه بالحرف العريض في سجل النجوم الكبار الذين أخفقوا في فرض سطوتهم على المسرح العالمي بعدما فشل في إظهار اي من لمحاته التي قدمها في الملاعب الإنجليزية والاسبانية والاوروبية وودع مع «سيليساو داس كويناش» نهائيات جنوب افريقيا خالي الوفاض بعد خروجه من الدور الثاني على يد المنتخب الاسباني بطل اوروبا (0-1). وعد نجم ريال مدريد الاسباني بأن «يفجر» نجوميته في العرس الكروي العالمي الاول على الاراضي الافريقية لكن كل ما «فجره» هو بصقه في وجه مصور تلفزيوني كان يتبع خطاه بعد خسارة منتخب بلاده.
اما روني فكان وضعه اسوأ من زميله السابق في مانشستر يونايتد لانه كان على الأرجح أسوأ لاعبي المنتخب الإنجليزي حيث قدم اداء متواضعا للغاية، خلافا للمستوى الرائع الذي قدمه مع «الشياطين الحمر» الموسم الماضي محليا واوروبيا، وكان ظل المهاجم الذي أرعب دفاعات الخصوم وودع النهائيات دون ان يسجل ادنى هدف بل انه لم يهدد حتى مرمى المنتخبات التي واجهها منتخب «الاسود الثلاثة» الا في حفنة من المناسبات، ليخرج ايضا خالي الوفاض بعدما ودع الانجليز النهائيات من الدور الثاني ايضا لكن بهزيمة مذلة امام الألمان (1-4) وهي الأقسى لهم في تاريخ مشاركاتهم في النهائيات.
ولم يكن وضع كاكا زميل رونالدو في ريال مدريد افضل على الإطلاق، اذ كان بمنزلة الحاضر الغائب في المباريات الخمس التي خاضها منتخب البرازيل، ورغم انه كان صاحب 3 تمريرات حاسمة فهو لم يقدم المستوى المتوقع منه كقائد فعلي على ارض الملعب. وقرر مدرب المنتخب البرازيلي كارلوس دونغا ان يستبعد رونالدينيو عن التشكيلة التي تخوض نهائيات العرس الكروي لان نجم برشلونة الاسباني السابق لم يقدم المستوى المطلوب مع فريقه الحالي ميلان الايطالي، لكن المفارقة انه راهن على كاكا رغم ان الأخير كان «اسوأ» من رونالدينيو خلال الموسم المنصرم مع ريال مدريد الاسباني الذي انفق 65 مليون يورو لضمه من ميلان ايضا، وكان رهانه في غير محله على الإطلاق لان الجميع توقع ان يستفيق هذا النجم الكبير من سباته في الدور ربع النهائي امام هولندا الا انه لم يقم بشيء سوى اختبار حارس البرتقالي مرة واحدة ليودع «سيليساو» النهائيات بخسارته 1-2. «انا جاهز لأن أكون احد قادة المنتخب على الرغم من انه في صفوفه كثير من القادة الذين يتمتعون بتقنيات عالية وتكتيك رفيع. انا مستعد لتحمل هذه المسؤولية»، هذا ما قاله كاكا عشية انطلاق النهائيات الاولى على الاراضي الافريقية، لكنه كان شبح اللاعب الذي توج بجائزة افضل لاعب في العالم عام 2007.
اما بالنسبة لميسي، فمن المؤكد ان النجم الارجنتيني كان افضل من النجوم الثلاثة الآخرين، بفضل تحركاته ولمحاته الفنية، لكنه فشل في الارتقاء الى مستوى المسؤولية التي وضعها على عاتقه مدربه في المنتخب دييغو مارادونا الذي قال علنا بان «ليو» هو خليفته، الا ان النجم الملقب بـ «البعوضة» لم ينجح في نقل التألق الملفت الذي قدمه مع فريقه الكاتالوني الى المنتخب الوطني وبقيت عروضه «خجولة». من المؤكد ان ميسي هو الوريث الحقيقي لمارادونا، لا بل يعتقد البعض ان جوهرة نادي برشلونة ينقصه التتويج بلقب كاس العالم كي يتجاوز مارادونا ويصبح اللاعب الأهم في تاريخ الارجنتين وربما في تاريخ اللعبة، لكن عليه ان ينتظر حتى عام 2014 ليحقق مبتغاه على ارض الغريم البرازيلي. وتطرق ميسي الى هذه المسألة قائلا «لا يمكنني ان احقق افضل من العام الذي اختبرته (عام 2009) سوى من خلال الفوز بكأس العالم، وامل ان ارفع اسمي عاليا في المنتخب.امل ان أقدم الأداء الذي قدمته مع برشلونة»، معترفا بانه لم يجد الاسباب التي تقف خلف الفارق في ادائه مع فريقه والمنتخب الوطني، لكنه وعد بانه سيعطي الجميع جوابا حول هذه المسألة على ارضية الملعب..
وجاء الجواب بعنوان ألماني عريض: 4 اهداف نظيفة أطاحت بآمال ميسي ومنتخب «لا البيسيليستي» في بلوغ دور الاربعة للمرة الاولى منذ 20 عاما والثأر من «مانشافت» الذي كان اطاح به من الدور ذاته خلال النسخة الماضية لكن بركلات الترجيح. ستكون صفة اللاعب الذي تألق على صعيد الأندية وفشل على المسرح العالمي الأهم مترافقة مع ميسي وروني وكاكا ورونالدو حتى اشعار آخر، في حين ان الأداء الجماعي هو الصيغة الطاغية حتى الآن مع المنتخبين الألماني والإسباني والهولندي وحتى الاوروغوياني، وهو العنوان العريض لمونديال «امة قوس القزح».
اما بالنسبة لمسألة النجوم في هذه المنتخبات فهي معادلة لمفهوم «تذويب» النفس لخدمة الجماعية وان كان كل من هؤلاء المنتخبات يملك لاعبين لا يقلون شأنا على الإطلاق عن رونالدو وكاكا وروني وميسي، مثل توماس مولر ودافيد فيا وتشافي هرنانديز وانديس انييستا ودييغو فورلان.