بلال غملوش
بعد 24 ساعة على قسم اليمين للرئيس الالماني الجديد كريستيان فولف، وهو اصغر رئيس الماني (51 عاما)، بعد الحرب العالمية الثانية، بمباركة من المستشارة الالمانية انجيلا ميركل، التي اطمأنت على وصول مرشح الائتلاف الحاكم في المانيا الى سدة الرئاسة، طارت ميركل الى جنوب افريقيا لتؤازر أصغر منتخب يمثل المانيا في تاريخ كأس العالم منذ 75 عاما، في المعركة النارية مع «التانغو» الارجنتيني، ولم يكن يخطر ببالها على الاطلاق ان هذا المنتخب الفتي بلاعبيه والكبير بطموحه وتاريخه، سيسطر ملحمة كروية جديدة، ويكتب تاريخا مجيدا في المونديال ستتكلم عنه الأجيال المقبلة طويلا.
بل ان ميركل كانت تعتقد ان شباب المدرب يواكيم لوف سيعودن معها على الطائرة نفسها الى برلين، بعد المباراة مع المرشح الابرز للفوز باللقب، ولكن «القيصر» الجديد باستيان شفايشنتايغر ورفاقه، كانوا مثل «الماكينات» في حلبة لسباق السيارات، انضباط وسرعة والتزام بقواعد المرور، فعطلوا العقل المفكر للارجنتين ليونيل ميسي، ودهسوا كل من صادفوه في الطريق المؤدي الى مرمى سيرخيو روميرو.
قبل انطلاق المونديال لم يكن المنتخب الالماني مرشحا قويا للمنافسة على اللقب، لافتقاد لاعبيه الشباب الموهوبين الى خبرة بطولات كأس العالم، لأنهم يخوضون هذا المحفل العالمي للمرة الأولى، أمثال مسعود ازيل «ميسي المانيا» والهداف توماس مولر والاكتشاف الجديد سامي خضيرة والحارس مانويل نوير وماركو مارين الذي لم يحصل على فرصته حتى الآن، وغيرهم ولكن بعد «رباعيات الخيام» للألمان على المنتخبين العريقين انجلترا 4-1 في الدور الثاني، والارجنتين 4-0 في ربع النهائي، بدأت نشوة التتويج بلقب كأس العالم للمرة الرابعة في تاريخ «المانشافت» والاولى منذ 20 عاما، تتغلغل في نفوس اللاعبين والعاشقين. لمَ لا؟ ورجال لوف يقدمون أجمل وأمتع العروض التي أبهرت المراقبين واضفت المتعة على القوة البدنية والأداء التكتيكي، ليصبح أفضل منتخب يمثل المانيا في تاريخها العريق!
لقد لقن المنتخب الألماني نظيره الأرجنتيني درسا قاسيا، وأطاح به من الدور ربع النهائي للمرة الثانية على التوالي، وهي المرة الثالثة على التوالي التي يتأهل فيها «المانشافت» الى نصف النهائي، ووجه الألمان من ستاد «غرين بوينت» في كيب تاون إنذارا شديد اللهجة الى المنتخب الاسباني بطل اوروبا في المربع الذهبي لتصفية الحساب العالق بينهما بعد خسارة المانيا أمام «الماتادور» 0-1 في نهائي يورو 2008.
لم يتأثر الالمان بغياب القائد الملهم ميكايل بالاك للاصابة، لان لوف قام بعمل رائع وعرف كيف يجد حلا يسد به هذا الفراغ، بتوظيف امكانات شفايشنتايغر في مركز لاعب الارتكاز الى جانب خضيرة، وابلى الثنائي بلاء حسنا، كما اعاد الثقة الى المهاجم ميروسلاف كلوزه وراهن عليه وكان رهانه في محله، رغم انه كان اسير مقاعد البدلاء في فريقه بايرن ميونيخ في الموسم الماضي، بيد ان كلوزه في جنوب افريقيا استعاد ذاكرة تسجيل الاهداف ووضع بصمته على 4 أهداف جعلته يعادل الرقم القياسي لمواطنه «المدفعجي» غيرد مولر برصيد 14 هدفا لكل منهما، وبات على مرمى حجر من البرازيلي رونالدو ليقف الى جانبه على عرش هدافي المونديال عبر التاريخ، وهو يملك فرصة كبيرة لتخطيه اذا ما كتب لألمانيا العبور الى النهائي.
ويعتمد لوف ايضا في ترسانته الهجومية على تحركات لوكاس بودولسكي في الجهة اليسرى، ومولر في اليمنى، بينما يخلق أوزيل لنفسه المساحات من العمق للانطلاق، مما يجعل من الصعب على خطوط دفاع المنتخبات المنافسة التعامل معه وإيقاف خطورته. وظل لوف يبحث عن لاعب موهوب مبتكر في وسط الملعب حتى أدرك أن لديه جوهرة حقيقية مع مشاركة أوزيل للمرة الأولى في المنتخب الألماني في العام الماضي عندما كان في الـ 20 من عمره.
لاشك ان الرئيس الالماني فولف شاهد الفوز التاريخي على «التانغو»، في بداية عهده، وهو يقول في سره «لوف» المانيا.