تتوجه الأنظار الى معركة خط الوسط التي ستضع نجمي هولندا ويسلي سنايدر واريين روبن في مواجهة نجمي إسبانيا تشافي هرنانديز واندريس انييستا، فلمن ستكون الغلبة في هذه المعركة «المفتاح» للفوز باللقب المرموق؟
يعتبر تشافي وانييستا القلب النابض لمنتخب «لا فوريا روخا» الساعي لان يكون ثاني منتخب يتوج بلقب كأس اوروبا ثم كأس العالم بعد عامين، وقد سبقه الى ذلك المنتخب الألماني (كأس اوروبا 1972 ومونديال 1974) الذي ذهب ضحية الإسبان في الدور نصف النهائي.
لقد شكل هذا الثنائي شراكة قل نظيرها في ملاعب كرة القدم وأصبحا من أفضل لاعبي الوسط في العالم وأكبر دليل على ذلك ان نجما من عيار قائد أرسنال الانجليزي فرانسيسك فابريغاس يكتفي بالجلوس على مقاعد احتياط المنتخب الاسباني خلال نهائيات مونديال جنوب افريقيا لأنه لا يتمكن من إزاحة اي منهما من التشكيلة الأساسية وذلك ان المدرب فيسنتي دل بوسكي يدرك تماما مدى الأهمية الحيوية التي يؤمنها هذان اللاعبان لبطل اوروبا، كما حال مدرب برشلونة جوسيب غوارديولا.
لا يمكن تحديد أهمية تشافي وانييستا بتمريراتهما البسيطة والسلسة والمتقنة وحسب، بل الذكاء الذي يتمتعان به هو ما يميزهما عن لاعبين آخرين وهو الذي ساهم في قيادة إسبانيا الى لقب كأس اوروبا للمرة الاولى منذ 1964 وبرشلونة الى الظفر بـ 6 ألقاب خلال عام 2009.
«انتصار إسبانيا مرده الى تبنيها فلسفة تمرير الكرة، ولأن لعبي يعتمد على هذه الفلسفة فقد نلت هذه الجائزة»، هذا ما قاله تشافي بعد اختياره أفضل لاعب في كأس اوروبا 2008 بعد قيادته منتخب بلاده للفوز على ألمانيا 1 ـ 0 في النهائي. يعتبر تشافي محرك المنتخب الإسباني وهو قائد بامتياز ونادرا ما يخسر الكرة او يقوم بتمريرة خاطئة.
انه قائد اوركسترا خط الوسط ويملك قدرة مذهلة على قراءة اللعبة ويستطيع ان يفرض بصمته على مجرياتها.
ويتحدث تشافي عن نفسه قائلا في حديث لموقع الاتحاد الدولي «إني مولع بالإبداع في كرة القدم، شأني في ذلك شأن كرويف. نحن نحب هذا النوع من كرة القدم الهجومية والجذابة والجميلة. عندما تربح بهذه الطريقة يكون الرضا مضاعفا».
يمتاز انييستا بالقدرة على شغل العديد من المراكز في وسط الملعب، إذ بإمكانه اللعب على الأطراف وفي المحور ويتميز بسرعته ونظرته الثاقبة وحدسه المتقد.
ويأمل اللاعب الذي أطلق عليه لقب «ال ايلوزيونيستا» (الساحر) او «سيريبرو» (المخ) ان يواصل مشواره على المنوال ذاته لأنه وتشافي القلب النابض الذي بإمكانه ان يحمل منتخب بلادهما الى حلم الانضمام لنخبة المنتخبات التي رفعت الكأس المرموقة.
سنايدر ـ روبن
إذا كان تشافي وانييستا القلب النابض لإسبانيا فإن سنايدر هو «بطل» هولندا بامتياز لأنه لعب الدور الأساسي في وصولها الى مباراة الحلم بتسجيله 5 أهداف حتى الآن، بينها ثنائية في مرمى البرازيل (2 ـ 1) خلال الدور ربع النهائي، ثم هدف التقدم الثاني على أوروغواي (3 ـ 2) في الدور نصف النهائي ليقود «البرتقالي» الى النهائي للمرة الاولى منذ 32 عاما.
قد لا يكون سنايدر بحجم هالة النجومية التي تمتع بها يوهان كرويف ويوهان نيسكينز او ماركو فان باستن، لكنه أصبح النجم الذي سيتذكره العالم انه اسقط المنتخب البرازيلي في موقعة «نيسلون مانديلا باي» في بورت اليزابيث وأطاح بأبطال العالم 5 مرات وحمل بلاده الى الدور نصف النهائي، ثم الى النهائي بمساعدة روبن والقائد جيوفاني فان برونكهورست.دخل سنايدر الى موسم 2009/2010 وهو يضع أمامه هدف الرد على غطرسة ريال مدريد الاسباني الذي لم ير فيه اللاعب الذي بإمكانه ان يرتقي الى مستوى الهالة النجومية للنادي الملكي الذي فضل ان ينفق أكثر من 250 مليون يورو من اجل التعاقد مع لاعبين مثل البرتغالي كريستيانو رونالدو والبرازيلي كاكا والفرنسي كريم بنزيمة. لكن أين هو رونالدو الذي ودع النهائيات بطريقة مخيبة للغاية بعدما خرج منتخب بلاده من الدور الثاني على يد الإسبان دون ان ينجح لاعب مان يونايتد الانجليزي السابق في ترك اي لمسة يتذكره بها العالم سوى تذمره من انه نجم وعلى الحكام حمايته! أين هو كاكا الذي خرج على يد سنايدر بالذات دون ان يقدم اي شيء يشفع له في العرس الكروي العالمي، وأين هو بنزيمة الذي قد يكون سعيدا الآن لأن مدرب المنتخب ريمون دومينيك لم يستدعه الى «المهزلة» الفرنسية في جنوب افريقيا. والأمر ذاته ينطبق على روبن الذي كافح ليكون جاهزا الى جانب زملائه بعدما اعتقد الجميع ان منتخب «الطواحين» سيفتقد أهم أسلحته الفتاكة بعد تعرضه للإصابة في المباراة التحضيرية ضد المجر (6 ـ 1) والتي سجل خلالها هدفين قبل ان يتعرض للنكسة التي كادت تحرمه من التواجد مع «البرتقالي» في حملته التاسعة في النهائيات. وعد الجناح السريع بأن يقاتل من اجل ان يتعافى من الاصابة والمشاركة مع منتخب بلاده وقد راهن مدربه بيرت فان مارفييك على هذا التعهد وأبقاه ضمن التشكيلة دون ان يستخدم خيار استبداله بلاعب آخر.
ثم أكد روبن حجم أهميته في المنتخب البرتقالي عندما شارك أساسيا في مباراة الدور الثاني أمام سلوفاكيا (2 ـ 1) وسجل الهدف الأول الذي مهد الطريق أمام منتخبه من اجل حجز مقعده في الدور ربع النهائي، ثم أضاف هدفه الثاني في مواجهة الدور نصف النهائي عندما أكد تأهل منتخب بلاده الى النهائي بتسجيله الهدف الثالث في مرمى أوروغواي.
وأثبت الجناح الهولندي ان المبلغ الذي دفعه النادي البافاري ليس بالكثير مقابل موهبة هذا اللاعب الذي غرق في مستنقع نجوم النادي الملكي ولم يحصل على فرصته في العاصمة الاسبانية.
سنايدر سيعادل إنجاز بيليه
سيحذو ويسلي سنايدر حذو الأسطورة البرازيلي بيليه في حال توج منتخب بلاده هولندا باللقب وذلك من ناحية الألقاب التي أحرزها خلال موسم واحد.
وتوج سنايدر هذا الموسم مع فريقه انتر ميلان الايطالي بثلاثية الدوري والكأس المحليين ومسابقة دوري أبطال اوروبا، وفي حال خروج هولندا فائزة باللقب العالمي للمرة الاولى في تاريخها فسيعادل لاعب ريال مدريد الاسباني السابق انجاز بيليه الذي أحرز عام 1962 حين كان في الحادية والعشرين من عمره لقبي الدوري وكأس ليبرتادوريس مع فريقه سانتوس ثم قاد البرازيل للاحتفاظ باللقب العالمي قبل ان يتوج بعدها بلقب كأس انتركونتينينل (بطولة العالم للاندية حاليا) مع فريقه.
كما ينافس سنايدر (26 عاما) على لقب هداف النسخة التاسعة عشرة حيث يتصدر لائحة الهدافين حاليا مع الاسباني دافيد فيا بـ 5 أهداف لكل منهما، لكنه شدد على ان هذه الارقام والانجازات لم تخطر بباله، مضيفا «كل هذه الاحصائيات تعتبر آخر همومي، صدقوني لم أفكر حتى للحظة واحدة في تحطيم اي رقم. ما أريده هو الفوز بكأس العالم، وهذه نهاية القصة».
وواصل «سألوني ايضا حول موضوع أفضل لاعب في البطولة او افضل هداف، لكن اذا دخلت الى أرضية الملعب وكل هذه الأفكار في ذهني فسأنسى كيف ألعب كرة القدم».
وكان نجاح سنايدر اللافت هذا الموسم موضوع مزاح مع زميله السابق في ريال مدريد سيرجيو راموس الذي سيكون احد اللاعبين الإسبان الذين سيحاولون الحد من تحركات صانع الألعاب الهولندي الذي كشف انه تلقى رسالة هاتفية قصيرة من الظهير الأيمن الذي قال فيها: «لقد فزت بعدد كاف من الكؤوس هذا الموسم. حان الوقت من اجل ان تهدأ قليلا».
لكن سنايدر ليس لديه اي نية لتلبية رغبة زميله السابق وهو أكد هذا الأمر قائلا «سنتغلب على اسبانيا. اذا لم نكن مقتنعين، فلن نتمكن ابدا من تحقيق هذا الامر، هذا ما يقوله لنا المدرب، كما فعل (المدرب البرتغالي) جوزيه مورينيو الموسم الماضي مع انتر. كنت في اوج عطائي منذ وصولي الى جنوب افريقيا وسأقدم كل ما لدي من اجل الفوز».