في مطلع يوليو الماضي، اصبح الفرنسي كريستوف لوميتر أول عداء ابيض يكسر حاجز الـ 10 ثوان في سباق الـ 100م، وذلك حين سجل زمنا مقداره 9.98ث على مضمار ستاد جورج بومبيدو في فالنس خلال بطولة فرنسا لالعاب القوى (9 يوليو).
وفي اواخر الشهر ذاته، بات الشاب لوميتر (20 سنة) حديث اوروبا بعدما حصد ثلاث ذهبيات في سباقات الـ 100م والـ 200م والبدل 4 مرات 100م في البطولة القارية لـ «أم الالعاب» التي اجريت في برشلونة، واسهم في التألق الفرنسي الذي بلغت غلته 18 ميدالية بينها 8 ذهبيات، وهو الابرز في تاريخ هذه البطولة، اذ سبق ان حصد الفرنسيون 15 ميدالية بينها 4 ذهبيات عام 1950 في بروكسل، و14 ميدالية بينها 4 ذهبيات ايضا عام 1966 في بوادبست.
واضحى لوميتر (1.89م ـ 80 كلغ) اصغر بطل لاوروبا منذ السوفييتي فاليري بورزف (19 سنة) الذي برز في اواخر عقد الستينيات من القرن الماضي وحصد القاب السرعة، في طريقه للتتويج الاولمبي في سباقي الـ 100م والـ 200م خلال دورة ميونيخ عام 1972.
ويذكر انجاز لويتر في برشلونة بما حققه الجامايكي اوساين بولت على صعيد الالقاب في دورة بكين الاولمبية عام 2008 وبطولة العالم في برلين عام 2009.
وبعد الفوز في برشلونة، اطلق المدرب بيار كاراس على عدائه لقب «تيربو الامتار الاخيرة»، باعتبار ان البطل، الذي اخرجته العاب القوى من «عزلته» وحيائه، حسم الموقف في مصلحته مرتين في الامتار الاخيرة. وهو فاز على البريطاني كريستيان مالكولم، خامس دورة بكين، في سباق الـ 200م (20.37ث) بفارق جزء واحد، مستلحقا نفسه ومعوضا انطلاقة متعثرة.
وكرر لوميتر، الذي اضحى ثالث فرنسي يحرز بطولة اوروبا، في سباق «نصف اللفة» ما حققه قبل عامين في بطولة العالم للشباب حين تغلب على الجامايكي نيكل اشمييد بفارق جزء من الثانية ايضا (10.83ث في مقابل 20.84ث).
في برشلونة، كان المخضرم البريطاني دوين تشامبرز المرشح الابرز للفوز في الـ 100م (حل خامسا)، لكن لوميتر تخطى ذاته وفرض ايقاعا لطالما تمنى تحقيقه، غير آبه بالارقام القياسية، بل بتطويق عنقه بالذهب، اذ كان يتطلع الى فرض وجوده في بطولة خارجية رسمية على مستوى الكبار مؤكدا انه يريد الذهب ولا شيء غيره «وهذا امر لا جدال فيه» بالنسبة اليه، وذلك بعد لقبه العالمي (2008) ثم الاوروبي (سباق الـ 100م عام 2009) عند الناشئين، قبل اخفاقه خلال بطولة العالم في برلين، حيث اقصي عن الدور ربع النهائي في الـ 100م لارتكابه خطأ عند الانطلاق، وحلوله ثامنا مع الفريق الفرنسي في البدل 4 مرات 100م.
اعتبر لوميتر ان تلك التجربة المرة عززت خبرته وصقلتها، وجاء رقمه القياسي الفرنسي لدى كسره حاجز الـ 10ث بمثابة المحفز لبطولة اوروبا، وزاد من مسؤولياته والرهان على قدراته. وهو علق عقب تسجيله الـ 9.98ث: «اشعر بالسعادة والفخر لكن لن أتغير. فقط التحديات زادت». واستدرك مضيفا: «التغيير الوحيد هو ان كاراس (مدربه) سيطلب مني مزيدا من التدريب والجهد».
منذ ان اجتاز لوميتر سباق الـ 100 بـ 10ث العام الماضي، بدأ الحديث عن ظاهرة «العداء الابيض» القادر على كسر الحاجز «النفسي» و«الاسطوري». وفي بطولة فرنسا الاخيرة، اصبح العداء الـ 72 في العالم والسابع في اوروبا الذي يحقق هذا الانجاز (الرقم الاوروبي البالغ 9.86ث مسجل باسم البرتغالي فرانسيس أوپيكولو في دورة اثينا الاولمبية عام 2004، وهو آخر عدائي القارة العجوز الذين اخترقوا منصة التتويج في دورة كبرى، كما حصد ثنائية الـ 100 والـ 200 م في بطولة اوروبا عام 2006). كما ان رقم لوميتر القياسي (9.98ث) هو الـ 353 دون الثواني العشر، منذ ان سجل الاميركي جيم هاينز 9.9ث (توقيت يدوي) بتاريخ 20 حزيران (يونيو) 1968 في ساكرامنتو.
يعد لوميتر بالكثير اذا تابع مسيرته «المتزنة فنيا»، والتي عرفت خطا بيانيا تصاعديا منذ ان اكتشف جان بيار نيير موهبته وتوسم فيه خيرا، علما ان عضلاته ليست بارزة على غرار عدائي النخبة. وقاده كاراس إلى الانتصارات والالقاب منذ عام 2005 في ضوء النتائج التي حققها في شامبري، اذ لفته طول قامته وحجم فخذيه على رغم صغر سنه.
وتعقد على لوميتر آمال كثيرة، عله يخترق نهائي الـ 100م في بطولة العالم المقررة العام المقبل في مدينة دايغو الكورية الجنوبية.
ويبدي البطل الشاب واقعية في التعامل مع وضعه الجديد، إذ يدرك أنه من المبكر مقارنة نفسه بـ «العمالقة» بولت (9.58ث) ومواطنه آسافا باول والاميركي تايسون غاي. فالطريق امامه واضحة المعالم عنوانها المثابرة وبذل الجهد «لبلوغ موقع مميز في دورة لندن الاولمبية عام 2012».
ويلفت الى انه لا يعرف ان كان سيدنو يوما من مستوى بولت او غاي «لكن علي ان اقدم افضل ما لدي»، خصوصا انه عرف معنى تحدي العمالقة حين واجه بولت وباول في لقاء باريس الدولي الشهر الماضي، ضمن جولات الدوري الماسي.
ويتوقع مدرب باول مواطنه تشارلي فرانسيس ان يحقق لوميتر 9.80ث في ضوء برنامج اعداد يتبع خلاله معايير مختلفة، قد تقوده حتما ايضا الى كسر حاجز الـ 20 ثانية في الـ 200م (رقمه الشخصي 20.16ث في مقابل 19.19ث هو الرقم القياسي العالمي الذي يحمله بولت).
وحاليا، تبلغ المسافة التصاعدية لخطوة لوميتر خلال الجري 2.74م في مقابل 2.85م لبولت.
وهنا طبعا يكمن التحدي الحقيقي، ليصبح اسم لوميتر اكثر اشعاعا ويحجز مكانا له بين الصفوة باعتبار ان قافلة الطامحين للمواقع المتقدمة الاستثنائية تضم عشرات الاميركيين والجامايكيين وغيرهم، امثال الجامايكي يوهان بلايك (19 سنة) صاحب رقم شخصي مقداره 9.85ث.