الرياض ـ خالد المصيبيح
لم يستطع الشارع الرياضي السعودي تحمل صدمة خروج منتخبه كأول المغادرين من البطولة بهذه الصورة الباهتة والسريعة على اثر خسارتين متتاليتين لم يقدم خلالها ما يستطيع ان يزيل تراكمات ما يحدث للكرة السعودية عبر منتخبها الاول في السنوات الاخيرة وتحسر كثيرا على اجيال سعودية سابقة حققت اللقب الآسيوي ثلاث مرات في عصر لم تكن فيه العوامل الحالية متوافرة لهم كما يحدث للاعبي هذا الجيل سواد بمقدمات عقود خيالية او بمرتبات لا تتفق مع ما يقدمونه حاليا او منشآت رياضية كانت محدودة سابقا. ولخص الشارع الرياضي السعودي اسباب ما حدث بأنه يعود كاستمرار للخروج الاخير من تصفيات كأس العالم وعدم وجود لاعبين لهم ادوار متميزة في قيادة من كان يطلق عليه سابقا «الاخضر» اضافة الى ذلك عدم الاحساس بالمسؤولية. وفنيا كيف يمكن لفريق ان يلعب دون وجود خط هجوم يؤدي واجباته لدرجة ان الفريق لعب عدة لقاءات سواء اعدادية او رسمية لم يستطع خلالها تسجيل هدف واحد وقام بمهمة التسجيل في محاولتين سابقتين لاعب مدافع وآخر لاعب خط وسط وهذه المشكلة كانت السبب الرئيسي في الخروج سابقا من تصفيات كأس العالم عندما صام مهاجموه خمس مباريات عن التسجيل فكان الخروج المر.
ولم يكن حال الاعلام الرياضي السعودي بعيدا عن معاناة شارعه فجاءت ردود الفعل قاسية ومؤلمة عبر عدة عناوين بارزة حملت معها اصداء الخروج المر من كأس آسيا فكتبت صحيفة الجزيرة تحت عنوان بارز «النشامى يكشفون الكسالى» هزيمة جديدة تعيد الاخضر الى الوراء، واصل المنتخب السعودي الاول لكرة القدم مسلسل سقوطه الكبير في نهائيات امم آسيا بعد ان خرج من الجولة الثانية متذيلا الترتيب واضافت الصحيفة «استحق الاردن الفوز بفضل واقعية مدربه عدنان حمد وقتالية لاعبيه وانضباطهم وحيويتهم داخل الملاعب».
وكتبت صحيفة «اليوم» عبر ملحقها الرياضي تحت عنوان «لا بييرو ينفع ولا جوهر يفيد» بات المنتخب السعودي اول المودعين لكأس آسيا من الدور الاول بعد ان باتت ملامح المباراة منذ البداية ولم يقدم المنتخب السعودي ما يشفع له بالمنافسة على اللقب.
فيما جاء عنوان صحيفة «الرياض» عبر ملحقها اليومي «عرض مسلسل اخفاق اكده السعودية يكتمل في الدوحة، والاردن استحق الانتصار، ثم غوران آخر اقل حجما «اداء عشوائي ومنهجية غائبة وخطوط افتقدت التنظيم والنتيجة «باي آسيا».
فشل سعودي ذريع يتطلب معالجات جذرية
يخطف المنتخب السعودي الاضواء أثناء مشاركته في نهائيات كأس آسيا وتصفيات كأس العالم في انتصاراته وإخفاقاته معا، لأنه فرض نفسه مدافعا عن الوجود العربي فيها وندا قويا لمنتخبات آسيوية كاليابان وكوريا الجنوبية والصين وإيران.
صحيح أن منتخبات عربية أخرى، وتحديدا خليجية، قد تكون سبقته الى درب الانجازات على الصعيدين القاري والعالمي، لكنه منذ منتصف الثمانينيات يحمل الراية العربية آسيويا، وأيضا منذ منتصف التسعينيات يرفعها في أهم محفل كروي في العالم.
بداية إنجازات العرب في كأس آسيا كانت مع منتخب الكويت الذي توج بطلا على أرضه عام 1980، وكان له ظهور بعد عامين أيضا في مونديال اسبانيا بوجود جيل ذهبي.
كانت محاولة ناجحة لمنتخب العراق بالتأهل الى مونديال المكسيك عام 1986، ثم بالتتويج آسيويا في النسخة الماضية عام 2007 على حساب نظيره السعودي بالذات، ودخل «الابيض» الاماراتي على خط زعامة المنتخبات العربية في آسيا بتأهله الى مونديال ايطاليا 1990.
لكن لـ «الأخضر» السعودي حكاية مختلفة تماما، فقد دون اسمه في سجلات كأس آسيا في سنغافورة عام 1984 حين تغلب على الصين 2-صفر في النهائي، واحتفظ بلقبه في النسخة التالية في قطر عام 1988 متفوقا على كوريا الجنوبية، ثم أكد تفوقه قاريا بلقب ثالث عام 1996 في الامارات بفوزه على منتخب البلد المضيف بركلات الترجيح 4-2 بعد تعادلهما في الوقتين الاصلي والاضافي 0-0.
وطوال هذه السنين، كانت حكاية المنتخب السعودي مع الاجهزة الفنية تسير في خط تصاعدي مع الانجازات أيضا، فتعاقب على تدريبه عدد كبير من المدربين الاجانب، وأعطيت الفرصة لمدربين محليين أيضا، محمد الخراشي وخليل الزياني وناصر الجوهر، وتشير الاحصاءات الى ان النتائج مع المدربين السعوديين كانت أفضل منها بقيادة أسماء عالمية لامعة منهم البرازيليان ماريو زاغالو وكارلوس البرتو باريرا.
بداية الانحدار
الفشل في بعض البطولات ليس حدثا غريبا على أي منتخب في العالم بينها المنتخب السعودي الذي كان ينهض من كبوته سريعا، لكن محطة مفصلية يتخوف منها السعوديون وهي ان يكون النفق طويلا قبل إشراق شمس الانجازات مجددا.
قد تشكل المباراة النهائية لكأس آسيا الماضية في جاكرتا امام العراق عام 2007 عنوانا لهذه المحطة، لكنها ليست بالتأكيد أهم من الإخفاق السعودي في التصفيات المؤهلة الى مونديال جنوب افريقيا الصيف الماضي، وليس هذا فقط، بل ان مشوار المنتخب السعودي، الذي اعتاد انتزاع بطاقته مباشرة، توقف عند الملحق الآسيوي أمام نظيره البحريني في سيناريو مثير لمباراتي الذهاب والاياب.
تعاقد الاتحاد السعودي لكرة القدم مع المدرب البرتغالي جوزيه بيسيرو لقيادة المنتخب خلفا لناصر الجوهر خاصة في خضم مشوار تصفيات المونديال، ففشل الاخير في قيادته الى النهائيات الخامسة على التوالي، وللامانة يجب ذكر بعض العوامل التي أثرت في ذلك أيضا كبعض الأخطاء التحكيمية، خصوصا في المباراة ضد كوريا الجنوبية.
وصل «الاخضر» الى نهائي «خليجي 20» وخسر أمام «الازرق» 0-1، فاشتعلت جبهة الانتقادات التي لم تنطفئ وإنما كانت تهدأ قليلا من حين الى آخر.
تبقى للسعودية مباراة أخيرة مع اليابان اعتبر الجوهر انها «مباراة مهمة بالنسبة لنا، لان الفوز على اليابان يظهر تطور مستوى المنتخب السعودي من مباراة الى اخرى»، آملا «الفوز فيها رغم الخروج من دائرة المنافسة على التأهل الى الدور المقبل».
الشلهوب يعتذر للجماهير
قدم محمد الشلهوب نجم المنتخب السعودي اعتذاره لجماهير بلاده عقب الخسارة أمام الأردن وقال الشلهوب في تصريحات لموقع الاتحاد الأسيوي «أعتذر لكل الجماهير السعودية بسبب الخسارة».
وأضاف «لعبنا بصورة جيدة للغاية وسيطرنا على الكرة بصورة أفضل من المنتخب الأردني طوال المباراة، ولكن كرة القدم تحسم بتسجيل الأهداف، وبالتالي فإنه رغم الفرص التي أتيحت لنا إلا أننا لم ننجح في التسجيل».
وأوضح «أشعر بإحباط شديد بسبب الخسارة في هذه المباراة، ولكن هذه كرة القدم، ويجب أن نبدأ التطلع إلى التحدي المقبل على أمل أن نحقق شيئا أفضل».
الجوهر: الأخضر لم يوفق في البطولة
بدا مدرب السعودية ناصر الجوهر صريحا بقوله ان منتخب بلاده لم يوفق في البطولة وقال الجوهر عقب الخسارة أمام الأردن «في الحقيقة لم نوفق في هذه البطولة، لا في الأداء ولا من حيث الاستعداد الكامل، ولكن اعتقد أن أداء اللاعبين كان جيدا إذ سيطرنا على الكرة أكثر ولكننا لم نتمكن من التسجيل». وتابع «اعتقد أن المباراة التي كنت فيها مسؤولا عن الجهاز الفني كان فيها الأداء جيدا، صحيح ان مرمانا تلقى هدفا لكن الكرة دخلت عن طريق الحظ لأنها كانت تمريرة، وأيضا الحارس الأردني لم يكن سيئا وإلا لسجلنا أكثر من هدف».
وعن سبب إشراك ثلاثة مهاجمين معا في الشوط الثاني أوضح «كنا متأخرين 0-1 واحتجت إلى ثلاثة مهاجمين، وهم هدافو المملكة وكان لابد ان يكونوا موجودين في المباراة، كان هناك ضغط هائل على مرمى الخصم ولكننا لم نوفق في التسجيل».
وأوضح الجوهر «قلت انني لا املك عصا سحرية، ولكن خسارة مباراة لا تعني أننا لا نملك الثقة بلاعبينا، وقد سبق ان حققنا العودة المطلوبة مرة في تصفيات كأس العالم ومرة في نهائيات لبنان، لكن أجدد القول بأننا لم نوفق لان المفروض ان يكون الفوز لمصلحة المنتخب السعودي».
وتحدث عن المباراة الأخيرة أمام اليابان قال «انها مباراة مهمة بالنسبة لنا، لان الفوز على اليابان يظهر تطور مستوى المنتخب السعودي من مباراة إلى أخرى، آمل الفوز فيها لأننا لا نفقد الأمل بالفوز رغم خروجنا من دائرة المنافسة على التأهل إلى الدور المقبل».
وعما اذا كان فشل في قراءة المنتخب الأردني أوضح الجوهر «لم نفشل في الأداء، ومع الكثافة الموجودة في الدفاع الأردني استطعنا الوصول إلى المرمى عبر العمق والأطراف لكننا لم نوفق في التسجيل، فالفرص تعني أننا نقدم أداء جيدا داخل الملعب، ولكن في المقابل، هل خلق المنتخب الأردني فرصا كما فعل المنتخب السعودي؟ وأقول لا، لكنه سجل وقلت كيف جاء الهدف؟»، واعتبر ان «ربما يكون الحارس السعودي اخطأ في صد الكرة التي جاء منها الهدف لأنها لم تكن مباشرة على المرمى، ولكن انها من الأمور التي تحصل في مباريات كرة القدم».