في قاعة رياضية في مجمع كابول الرياضي، تسدد شابات أفغانيات على أكياس الرمل لكمات مباشرة وأخرى باتجاه الأعلى.. وكان صيت هذا المجمع الرياضي قد ذاع في أواخر التسعينيات كموقع اعتمده نظام طالبان لإعدام النساء المتهمات بالزنا.
شابنام رحيمي (18 عاما) وشفيقة (17 عاما) تتميزان عن بقية شابات المجموعة، فتتدربان بقسوة آملتين أن تتمكنا من المشاركة في مباريات الملاكمة الخاصة بالنساء في الألعاب الأولمبية التي تقام في لندن عام 2012.
هكذا قد يصدح النشيد الوطني الأفغاني في العاصمة البريطانية، حاملا آمال النساء الأفغانيات إلى الساحة العالمية.. هؤلاء النساء اللواتي ما زلن يرزحن تحت أثقال العادات والتقاليد في بلد مازال يتخبط بالصراعات، بعد عشر سنوات على إطاحة نظام طالبان من قبل قوات تحالف دولية، تتدرب هؤلاء النساء على يد رجل.
بعضهن يلاكمن وقد غطين رؤوسهن بوشاح في حين أن أخريات يتمرن وهن سافرات. لكنهن جميعهن يرتدين زيا رياضيا يغطي بشكل خاص الذراعين والساقين. فالسروال الرياضي القصير المعتمد في البلدان الأخرى يعتبر هنا هرطقة. وتشكل هؤلاء الملاكمات جزءا من عدد ضئيل من النساء الرياضيات في أفغانستان اللواتي يأملن بالمشاركة في الدورة المقبلة من الألعاب الأولمبية. هؤلاء النساء يتمتعن بدعم عائلاتهن، لكنهن يثرن لدى الرجال نظرات مشككة.. فما يحصل هنا أمامهم يعتبر مشاهد مستحيلة لم تكن لتخطر في بال قبل فترة قصيرة من الزمن في كابول.
لكن ذلك مازال غير ممكن في الأرياف، نتيجة نفوذ حركة طالبان المستمر أو بسبب العادات والتقاليد.
بين عامي 1996 و2001، في ظل نظام طالبان، كانت الرياضة كما المدرسة والعمل خارج المنزل أمورا محظورة أمام النساء. وهي مازالت كذلك اليوم في جزء كبير من البلاد الذي يعتبر بشكل خاص مناطق ريفية. منهكة تنهي شبنام رحيمي حصة تدريب مكثف وهي تتصبب عرقا، وتؤكد أن إمكانية أن تلاكم يوما ما في كبرى قاعات الرياضة في العالم لا تقلقها. وتروي «شاهدت مباريات في الملاكمة عندما كنت في الحادية عشرة من عمري. وتعلقت بها. ومنذ أربع سنوات أقصد هذا المكان لأقوم بالتمارين».
وتشير الشابة التي تصنف من بين أفضل الملاكمين الأفغانيين الواعدين «بعضهن يعتبرن أن الملاكمة تشوه الوجه. كنت أخشى ذلك، لكنني لم أعد أخشاه اليوم. فأنا أشعر بأنني قوية وقادرة».
من جهتها تؤكد شفيقة أن والدتها هي التي دفعتها باتجاه هذا النوع من الرياضة.
وتقول «عندما بدأت بالملاكمة، شعرت بأنني مرتاحة وحرة وسعيدة». وبحماسة تضيف «هدفنا أن نرفع العلم الأفغاني في كل مكان، عند توزيع جوائز الملاكمة الخاصة بالنساء».
لكن هؤلاء الملاكمات ما زلن بحاجة إلى الكثير من العمل قبل بلوغ لندن. فيشرح مدربهن محمد صابر شريفي أنه يترتب عليهن اجتياز المراحل التأهيلية التي تبدأ أوائل يوليو المقبل.
ويلفت قائلا «كلي أمل أن تتأهل لاعبة أو اثنتان للألعاب الأولمبية». وتأمل اللجنة الأولمبية الأفغانية أن تتمكن من إرسال ست نساء إلى لندن، خصوصا في فئات الملاكمة والجودو والتايكواندو. لم تحرز أية امرأة أفغانية ميدالية أولمبية حتى اليوم، في حين أن رجلا أفغانيا واحدا تمكن من تحقيق ذلك وهو روح الله نيكباي الذي نال ميدالية برونزية في الجودو خلال دورة ألعاب بكين عام 2008، ليتحول إلى بطل حقيقي في بلاده. وتحاول المنظمات غير الحكومية ترويج الرياضة على أعلى المستويات، للنساء في أفغانستان.
وتلفت لويز هانكوك المتحدثة باسم منظمة «أوكسفام» العاملة في أفغانستان إلى أن هذا الترويج لا يأتي فقط لأن النساء يستمتعن بهذه النشاطات، وإنما لأنهن قادرات على تغيير الرأي العام السائد فيما يتعلق بالمرأة الأفغانية».
تمول «أوكسفام» جزئيا ملاكمات كابول بواسطة منظمة غير حكومية محلية هي «التعاونية من أجل السلام والوحدة». وتخلص هانكوك إلى أن «ذلك يبين أن الأفغانيات يأتين بأعمال كانت مستحيلة قبل عشر سنوات».